وثائق: نشاط استخباراتي تركي ضخم باليونان يهدد أمنها القومي
الوثائق التي نشرها موقع "نورديك مونيتور" السويدي تكشف أنشطة موسعة وسرية وعدائية قامت بها الاستخبارات التركية ودبلوماسيين في أثينا
كشفت وثائق سرية أزيح عنها الستار مؤخرا عن توسيع جهاز الاستخبارات الوطنية التركي وسفارة البلاد في اليونان أنشطتهم المتعلقة بالمراقبة وجمع المعلومات، في انتهاك سافر للمعاهدات الدولية، وبما يهدد أمنها القومي.
وذكر موقع "نورديك مونيتور" السويدي أن الوثائق تكشف أنشطة موسعة وسرية وعدائية قامت بها الاستخبارات التركية ودبلوماسيين في أثينا.
وأوضح أنه رغم استهداف تلك العمليات السرية لمنتقدي الحكومة من أعضاء حركة رجل الدين فتح الله غولن (تتهمه أنقرة بالمسؤولية عن انقلاب فاشل عام 2016)، فإنها توضح مدى تحول تركيا تحت حكم رجب طيب أردغان لإجراء عمليات استخباراتية ضخمة في الدولة المجاورة ما يهدد الأمن القومي اليوناني.
وطبقًا للوثيقة السرية الأولى التي يعود تاريخها لـ13 فبراير/شباط عام 2020، أرسلت وكالة التجسس موجزا استخباراتيا من 39 صفحة يوم 7 فبراير/شباط، حددت فيه هوية مئات الأتراك الذين يتخذون من اليونان ملجأ للهرب من الحملة القمعية غير المسبوقة التي تستهدف منتقدي ومعارضي حكومة أردوغان.
وحملت الوثيقة توقيع أردوغان كارتال، نائب رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام في أنقرة، وتم توزيعها على عشرات المحافظات التركية عن طريق رسائل سرية من أجل تحرك الشرطة ضد طالبي اللجوء الذين حددهم جهاز الاستخبارات.
ويبدو أن كارتال كان خائفًا من تسريب الوثيقة والتداعيات المحتملة للنشاط المشين على الأراضي اليونانية، لذا أشار إلى مصدر المعلومات الاستخباراتية بـ"المعلومات التي تم الحصول عليها من المؤسسة التابعة (آي في/IV).
وأوضح الموقع السويدي أن الترقيم الروماني (IV) يعتبر الرقم المشفر لوكالة التجسس (MIT)، أي جهاز الاستخبارات الوطنية التركية، الذي يخصص موارد مالية ولوجيستية ضخمة من أجل جمع المعلومات المتعلقة بمعارضي أردوغان في الخارج.
وتضمن التقرير المكون من 39 صفحة تفاصيل عن نحو 300 شخص تمكنوا من العبور إلى اليونان هربًا من السجن في تركيا باتهامات ملفقة تتعلق بالإرهاب وغيره من الجرائم.
لكن في كل صفحة من صفحات التقرير كان هناك تنبيه في النهاية لضرورة استخدام المعلومات الاستخباراتية بدون كشف هوية المصدر.
وكان واضحًا من صيغة النص أن الشرطة ذهبت لأبعد مدى لحماية أنشطة جهاز الاستخبارات في اليونان من الانكشاف، وذلك من خلال الاحتفاظ بالملف في شبكة اتصالات داخلية تسمى "PolNet"، ووضعه في خزانة رقمية برقم سري مميز موجود لدى المصرح لهم بالوصول لتلك المعلومات الاستخباراتية.
وبدلًا من إرفاق معلومات جهاز الاستخبارات مع الخطاب الموجه للشرطة، وهو الأمر المتبع في العادة، أو إرساله عبر البريد لتسليمه، أبلغ كارتال وحدة مكافحة الإرهاب في عشرات المحافظات عبر نظام التراسل الإلكتروني "EBYS" أن الموجز الاستخباراتي سيكون موجودًا في خزانة سرية مؤمنة.
وقال إن وثيقة جهاز الاستخبارات ستختفي من الخزانة الإلكترونية المحمية برقم سري خلال 24 ساعة، كما نبهت الشرطة لعدم مشاركة المعلومات مع أي طرف غير مصرح له.
وفي وثيقة أخرى مصنفة سرية، كتب كارتال يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، أن مكتبه تلقى معلومات استخباراتية من مؤسسة تابعة مرقمة (في/V) بشأن منتقدي حكومة أردوغان في اليونان.
وأوضح "نورديك مونيتور" أن الترقيم الروماني (V) هو الرقم المشفر لوزارة الخارجية التركية، مشيرًا إلى أن الوثيقة الثانية مع المذكرة الاستخباراتية أرسلتها على ما يبدو السفارة التركية في أثينا.
وتشاركت وزارة الخارجية الوثيقة مع مديرية الأمن العام بالإضافة إلى وكالات حكومية أخرى في أنقرة.
ولفت الموقع السويدي إلى أن الشفرة (V) استخدمت أيضًا للإشارة إلى الخارجية التركية في وثيقة سرية أخرى مرسلة من السفارة التركية في العاصمة الجورجية تبليسي؛ حيث تبين في تلك الوثيقة أن المسؤولين المعينين في السفارات تحت مسميات مستشار وملحق للشؤون الداخلية وجهتهم حكومة أردوغان لإجراء عمليات تجسس في جورجيا وغيرها من الدول.
وتضمنت المذكرة الاستخباراتية المكونة من أربع صفحات التي أرسلتها السفارة التركية في أثينا أسماء 69 تركي، من بينهم أطفال، يعيشون في اليونان، وتضمنت المذكرة معلومات عن الإجراءات الجنائية التي اتخذت ضدهم بتهم ملفقة في تركيا.