التحالف الاستراتيجي إذا ما نجح فإنه سوف يسهم في بناء الشخصية السياسية العربية من جديد، وسوف يسهم في تغيرات حاسمة.
في قمة الرياض التي عقدها الرئيس الأمريكي مع زعماء الدول العربية والإسلامية 2017م، تسربت فكرة (الناتو العربي) ولكن الظرف الخليجي أسهم في تراجع هذه الفكرة، وكما يبدو أن الاسم الذي تم اختياره للحلف بدا وكأنه خيال عسكري، ولم تكن الدول العربية بحاجة إلى مثل هذه التسمية في ذلك الوقت ، اليوم وعبر خطاب وزير الخارجية الأمريكي يعود الحديث عن تحالف استراتيجي جديد مع أصدقاء أمريكا في المنطقة، وعنوان هذا التحالف: مواجهة إيران.
إنشاء مثل هذا التحالف لن يكون عملية سهلة؛ لأن خطوط الالتقاء بين دول المنطقة ليست كلها إيجابية، فهناك مشكلات كبرى وأخرى أصغر يجب حلها قبل أن يكون اجتماع ستوكهولم مجرد اجتماع لبروتوكولات تنتهي بنهاية الحدث
فكرة التحالف ضد إيران عبر مجموعة من الدول العربية والخليجية عانت من التدخل الإيراني في المنطقة، هي فكرة منطقية وتعبر عن دوافع كبيرة تحملها الإدارة الأمريكية للقيام بعمل محدد يسهم في الحد من النشاط الإيراني في المنطقة، ويقيد التوسع الإيراني بشكل يجب أن يضمن عدم عودة هذا النظام إلى ممارسة شطحاته التوسعية.
الدول العربية في القرن الحادي والعشرين عليها أن تتعلم الدفاع عن نفسها عبر تطوير أدائها السياسي والعسكري، وإذا ما تم استثمار هذا الحلف على نحو مميز فسوف يُنتج بديلا استراتيجيا مميزا تعتمد عليه الدول العربية والخليجية التي أصبحت مستهدفة من قوى محيطة سواء كانت إيران أو غيرها من الدول.
السؤال المهم حول هذا الحلف يدور خلف النوايا النهائية للقوة الأمريكية التي ترغب في أن يتم صياغة هذا الحلف الاستراتيجي بطرق ذكية لا تستثني أحدا من دول المنطقة حتى تلك الدول التي تميزت بخلاف تاريخي مع الدول العربية، لهذا السبب فإن إنشاء مثل هذا التحالف لن يكون عملية سهلة؛ لأن خطوط الالتقاء بين دول المنطقة ليست كلها إيجابية، فهناك مشكلات كبرى وأخرى أصغر يجب حلها قبل أن يكون اجتماع ستوكهولم مجرد اجتماع لبروتوكولات تنتهي بنهاية الحدث.
الدول الخليجية والعربية تتفهم بشكل كبير أن تاريخ المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الثانية وضعها في مساحات بعضها مفتوح بشكل كبير أمام إغراءات خارجية يمكنها أن تنفذ منه، وهذا للأسف ما حدث من قبل إيران التي تمادت في التدخلات، كما أن القضية الفلسطينية تأتي في هذا السياق التاريخي، لهذا السبب فالمنطقة اليوم جاهزة اكثر من أي وقت مضى لممارسة دور أكبر حول نفسها وتاريخيها، وما تحقق تاريخيا في هذه المنطقة خلال العقود السبعة الماضية يجب أن يتم النظر إليه كونه نتائج يجب التعامل معها وليس العمل على نقض نتائجها من جديد والعودة إلى المربع الأول.
التحالف الاستراتيجي إذا ما نجح فإنه سوف يسهم في بناء الشخصية السياسية العربية من جديد، وسوف يسهم في تغيرات حاسمة هدفها أن تتخلص المنطقة من ممارسات عدائية كتلك التي تقوم بها إيران أو مشكلات دائمة كالقضية الفلسطينية التي يمكن بوجود جميع أطرافها في هذا الحلف أن تصل في نهاية المطاف إلى حلول قابلة للتطبيق، هذا الحلف ينتظره الكثير من الأمل لصالح المنطقة، ويقف أمامه الكثير من العقبات التي يمكن لدولة قوية مثل أمريكا إذا ما أرادت النجاح في هذا الحلف أن تسهم في تجاوزها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة