ترتبط دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية بعلاقات تاريخية تطورت على مدى السنوات الأخيرة وشهدت تعاوناً مكثفاً في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية وغيرها.
واتسمت العلاقات بين الدولتين بالود والتفاهم والمصالح المشتركة والشراكة الاستراتيجية وتبادل الآراء كما يعكسها التنسيق الثنائي في القضايا الإقليمية والدولية.
وتعود بداية العلاقات الإماراتية الروسية إلى عام 1972 حين زار وفد من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية دولة الإمارات، وتم الاتفاق خلال الزيارة على إنشاء بعثات دبلوماسية للدولتين على مستوى السفراء، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1985، أعلنت الدولتان إقامة علاقات ثنائية، وفي عام 1986 افتتح الاتحاد السوفياتي سفارته في أبوظبي، وفي العام التالي 1987 افتتحت الإمارات سفارتها في موسكو.
تربط البلدين علاقات استراتيجية قوية وراسخة ومتطورة ومثمرة، وتحرص قيادتا البلدين الصديقين على الارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أوسع من أجل مستقبل مزدهر ومستدام للبلدين، وقد شهدت مسار العلاقات الإماراتية - الروسية نقلة نوعية مع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في عام 2018، فقد تطورت أوجه التعاون الإماراتي الروسي في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ويعتبر التفاعل السياسي الروسي الإماراتي أحد العناصر المهمة للحفاظ على السلام والأمن في الساحة الدولية والمنطقة العربية، بما في ذلك منطقة الخليج العربي.
كما تتبنى الدولتان مواقف متقاربة بشأن مجموعة واسعة من القضايا على جدول الأعمال الدولي والإقليمي، وتلتزم بنظام عالمي قائم على المبادئ متعددة الأطراف، والرغبة في التسوية السياسية والدبلوماسية لحالات النزاع، ودعم الحوار والتفاهم المتبادل بين الأديان والثقافات المختلفة، واحترام قواعد ومبادئ القانون الدولي ونبذ التطرف والإرهاب، والمحافظة على حوار سياسي مستقر وموثوق، تدعمه مجالات تعاون متعددة الأوجه على أعلى المستويات.
إن دولة الإمارات تمتلك استثمارات كبيرة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنفط، ومن جانبها تمتلك روسيا خبرات واسعة في مجالات الطاقة النووية، والتكنولوجيا الفضائية، وهذه المجالات توفر أرضية خصبة للتعاون بين البلدين.
وتشكل العلاقات الإماراتية الروسية نموذجاً متميزاً وفريداً على مستوى العلاقات الدولية، مدفوعاً بالرغبة المشتركة للقيادة الرشيدة في البلدين لتنمية شراكتهما بصورة مستدامة، إذ يتشارك البلدان إمكانات تنموية واسعة وآفاقاً إيجابية تقوم على أسس تاريخية راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وتوطدت روابط البلدين على مدار أكثر من خمسة عقود، وواصلت ازدهارها وتكللت بشراكة استراتيجية قوية تجمع البلدين، تشمل جميع مجالات التعاون والتنمية والمصالح المشتركة، ولا سيما في الجانب الاقتصادي الذي يشهد تقدماً سريعاً في مختلف المجالات، خاصة مجالات الاقتصاد الجديد، كالثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والابتكار والاقتصاد الدائري ومختلف القطاعات الاقتصادية الجديدة، إلى جانب مختلف القطاعات الحيوية، والعمل على رفع مستويات التعاون والتكامل الاقتصادي وفق رؤية واضحة ومسارات جديدة تخدم التطلعات التنموية للبلدين.
تحرص قيادتا البلدين على توسيع آفاق التعاون المشترك بينهما في ظل قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وفلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية، وحرصهما على تعزيز أوجه العلاقات بين البلدين وإمكانات تنميتها في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بينهما، وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ويلعب التعاون في قطاع الطاقة دورًا محوريًا في العلاقات بين الإمارات وروسيا، فهناك شراكات متنوعة في مشاريع النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة والطاقة النووية السلمية.
لقد شهدت العلاقات الإماراتية الروسية تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، فهناك زيارات منتظمة متبادلة بين قادة البلدين، تعزز مستوى الحوار الاستراتيجي، على سبيل المثال، زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دولة الإمارات في أكتوبر 2019 كانت خطوة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية.
إن هذه الزيارة التاريخية التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى روسيا إنما هي تتويج للعلاقات الاستراتيجية للبلدين، إذ سوف يتم عقد قمة على هامش الزيارة سوف تتناول مختلف أوجه العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والتجارة والطاقة النووية وغيرها..
إلى جانب أن القمة التي سوف تعقد بين البلدين سوف تتناول القضايا الدولية الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك بين الطرفين، كما سوف يشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أعمال القمة الـ16 لقادة دول مجموعة (بريكس) التي سوف تستضيفها مدينة قازان الروسية خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن هذه الزيارة إنما جاءت لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في ظل استمرار التحولات في السياسة الدولية التي يواجهها العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة