"يعارضونه بشدة".. قانون الصيدلة يفضح التمويل المشبوه لإخوان موريتانيا
موقف القيادي الإخوان الموريتاني شيخاني بيبه ضد بنود قانون الصيدلة أثار استياء الرأي العام في البلاد
كشف قانون الصيدلة الجديد في موريتانيا، عن موقف تنظيم الإخوان الإرهابي ونوياه ضد محاربة الفساد، حيث يرفضه التنظيم بشدة، في الوقت الذي يكشف فيه القانون عن التمويل المشبوه في البلاد.
وأثار موقف القيادي الإخوان الموريتاني شيخاني بيبه ضد بنود قانون الصيدلة استياء الرأي العام في البلاد، واعتبره البعض وقوفا في وجه الإصلاحات التي تنفذها وزارة الصحة لمواجهة ظاهرة تهريب الأدوية المزورة وفوضى ممارسة النشاط الطبي.
حجم الانتقاد لموقف القيادي الإخوان والنائب البرلماني دفع الكتلة البرلمانية لحزب التنظيم "تواصل" لإلغاء مشاركة تدوينة النائب حول الموضوع وإعلان البراءة منها، لتزامن هذا الموقف النشاز مع حملة تضامن واسعة في وسائط التواصل الاجتماعي لمؤازرة إصلاحات الوزير.
وبموازاة موقف القيادي الإخواني النشاز من إصلاحات قطاع الصحة غاب قادة ونشطاء التنظيم البارزين عن وقفة جماهيرية داعمة للوزير، ضد من يوصفون بـ"تجار السموم"، في إشارة إلى موردي الأدوية المهربة والمزورة وغير الخاضعة للشروط التنظيمية.
وبدأت السلطات الموريتانية منذ أسبوع حملة ضد الصيدليات والعيادات الطبية الخاصة غير المطابقة لقانون الصيدلة الجديد في موريتانيا، وسط تضامن واسع مع الحملة في أوساط الرأي العام، وعبر منصات التواصل الاجتماعي في البلاد.
وربط البعض بين وقوف بعض قادة ونشطاء التنظيم إلى جانب موردي الأدوية، وضلوع العديد من التجار المحسوبين على الجماعة في ظاهرة الاتجار بالأدوية المزورة وإغراق الصيدليات في البلاد بهذه الأدوية المشبوهة، كجزء من وسائل تمويل أنشطة الجماعة.
كما تجسدت معارضة بعض نشطاء وقادة التنظيم لهذه الحملة في لجوء بعض كتّابهم وقادتهم إلى إثارة مواضيع تمس الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، لإشغال الرأي العام عن التضامن مع هذه الحملة، وإظهار الدعم اللازم لها في وجه من يوصفون بـ"أباطرة الدواء المزور".
وعكست الحملة التضامن وظهور أصوات إخوانية معارضة للإصلاح، أيضا وفق المراقبين حالة التصدع والتفكك التي يواجهها التنظيم بسبب حجم الاستياء حتى داخل بعض نشطاء التنظيم، من وقوف بعض القادة في وجه الإصلاح.
خارجون على القانون
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور إسحاق الكنتي، الأمين العام المساعد للحكومة، اعتبر أنه ليس جديدا أن تقف حركة الإخوان المسلمين في وجه تطبيق القانون، فقد ورثوا ذلك من وصايا المرشد، ولا يمكن لفرع التنظيم الدولي عندنا أن يشذ عن ذلك، حسب تعبيره.
وربط الكاتب والمحلل السياسي الكنتي، في تدوينة على "فيسبوك"، بين موقف بعض قادة الإخوان حاليا من قانون الصيدلة ومواقف معارضة خلال السنوات الماضية لتطبيق القانون، مستعرضا مثال رفضهم بطلب السلطات سنة 2016 تسجيل فروع "معهد ورش" الذي يديرونه.
وأرجع الكنتي ذلك الموقف في تلك الفترة، الذي رفضته الجماعة حينها، لانزعاجهم من "مراقبة أنشطتها ومعرفة حقيقة مصادر وجحم التمويل الخارجي". قبل أن يذعنوا للقانون أخيرا في هذا الموضوع.
وأشار الكنتي إلى أن التنظيم يحاول تكرار التجربة مع قانون الصيدلة الجديد، لأن ذلك سيؤدي إلى ما وصفه بـ"فقدان وظائف وخسائر مادية للمستثمرين في السموم" حسب تعبيره، مضيفا أن تجار الجماعة راكموا ثروات طائلة مما وصفه ببيع السموم لأهلهم، ودفعوا عدة ملايين لحزب سياسي ذي خلفية إسلامية، في إشارة لـ"تواصل" الإخواني.
واعتبر الكنتي أن ما وصفه بشذوذ الإخوان عن هذا الإجماع الوطني الداعم لإصلاحات قطاع الصيدلة، يبرز "أن الجماعة يناصبون الشعب الموريتاني العداء دفاعا عن مصادر تمويلهم"، حسب تعبيره.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي الكنتي إلى أن دفاع الإخوان عن مصادر تمويلهم الداخلية المشبوهة جاء بعد تجفيف مصادره الخارجية بإغلاق جمعياتهم ومركزهم وجامعتهم.
وخلص الكتني إلى القول إن الحملة على "أدويتهم المزورة"، في إشارة إلى الإخوان، تطمئن الموريتانيين على "استمرار النهج" في حماية المجتمع من شرورهم رغم محاولاتهم التغلغل والتفجير من الداخل، حسب تعبيره.
تاريخ من الزلات
أما الكاتب والباحث الموريتاني في الفكر الإسلامي المهدي محيي الدين فانتقد الموقف الأخير للنائب والقيادي الإخواني الشيخاني ولد بيبه، ووقوفه ضد إصلاحات قانون الصيدلة في البلاد.
وطالب المهني، في تدوينة على "فيسبوك"، بوحدة الصف لدعم الإصلاح أو "عدم الوقوف حجر عثرة أمامه"، في إشارة إلى معارضة الإخوان للإصلاح.
أما الكاتب والمحلل السياسي شيخنا محمد فال فبين أن وقوف الإسلاميين -في إشارة للإخوان- إذا ثبت.. ضد القوانين المنظمة للصيدلة يمثل "زلة أخرى تنضاف إلى تاريخ الجماعة المليء بالأغلاط الكبيرة والمواقف الخاطئة، في حق الشعوب المسالمة على الصعيد الوطني أو العربي أو الإسلامي"، حسب تعبيره.
وتساءل محمد فال في تدوينة أخرى عن العلاقة بين "بين الدواء المزور والتدين المغشوش"، في إشارة إلى اتهامات سابقة للجماعة من قيادي موريتانيا منشق عن حزبها "تواصل" قبل أشهر.
ومن جهتها اعتبرت الكاتبة السالمة الشيخ الولي "أن الحزب الذي نبت لحم كتفه من تبرعات مزوري الأدوية لا غرو إن رفضت كتلته البرلمانية محاربتهم"، في إشارة إلى موقف النائب المثير للجدل من إصلاحات قانون الصيدلة.
وسخر الكاتب البسطامي تتاه من معارضة النائب الإخواني لإصلاحات قطاع الصيدلة، معتبرا أنهم مارسوا ما وصفه "بالنضال المزيف والوقوف المسيس مع القضايا العادلة، قبل أن يباغتهم وزير الصحة بإصلاحات ضربت ما وصفه بمراكز تبييض الأموال ومركزه الأدوية المزورة، التي أظهرتهم على حقيقتهم"، حسب تعبيره.
جنوح نحو التطرف
ويمثل جنوح إخوان موريتانيا نحو التطرف دائما سمة تفضح توجهات التنظيم، الذي يتخذ من التحريض وسيلة لتحقيق ما فشل فيه عبر صناديق الاقتراع.
ميول الإخوان نحو التحريض برز قبل أسبوعين في لقاء جمع أطراف المعارضة بالبرلمان، من خلال دفع حزب "تواصل" منهج "الصدام"، كأسلوب للتعاطي مع الشأن العام، ورفض بقية أطراف المعارض لهذا الأسلوب، واختيار منهج "الحوار وتقديم الاقتراحات".
العزلة السياسية للإخوان وتغريدهم خارج السرب، برهن عليها -خلال الاجتماع نفسه- محاولة الاستحواذ على مناصب "زعامة المعارضة" كافة، التي تعد مؤسسة دستورية موريتانية مشكلة من الأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، وهو ما قوبل بالرفض.
وكان النائب البرلماني الموريتاني عن الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني محمد بويا الشيخ محمد فاضل حذر قبل ذلك من الاستغلال السياسي لقضايا الطلاب الجامعيين من طرف "جهاز حزبي متكامل"، في إشارة إلى حزب "تواصل" الإخواني.