البرهان يستحضر "سوار الذهب" بمواجهة الاتهامات.. من هو؟
تجربة حكم اختبرها السودان مع رئيسه الراحل عبد الرحمن سوار الذهب، استدعاها قائد الجيش الحالي عبد الفتاح البرهان لمواجهة اتهامات ضده.
نموذج حكم استحضره البرهان خلال تصريحات رسمت مستقبل السودان غداة حزمة قرارات شملت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء، في خطوات أعقبتها اتهامات بـ"الانقلاب".
كما شملت القرارات تعليق بعض المواد في الوثيقة الدستورية، مع الالتزام بمعظم موادها، والتمسك باتفاق السلام الموقع في جوبا عاصمة الجارة الجنوبية.
وفي مواجهة الاتهامات، وتوضيحا لهذا المسار قال البرهان إنه "تصحيحي لمسار العملية الانتقالية"، حين أدلى بتصريحات استعرض خلالها مسارات الأمور وكواليسها، وضمنها رسائل شملت السياسيين والإخوان والإعلام.
رسالة "سوار الذهب"
بمؤتمره الصحفي الأول المنعقد الثلاثاء، كشف البرهان أن قوى سياسية- لم يُسمها- أرادت الاستفراد بالمشهد في السودان، ما أدى إلى الإجراءات الأخيرة.
وقال إن "مبادرة رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك، اختطفت من جانب "مجموعة صغيرة معينة"، دون تحديد اسمها، حاولت فرض رؤيتها على الجميع دون تفويض شعبي.
ولفت إلى أن الأمر بات "مهددا حقيقيا لأمن البلد وسلامته ووحدته"، مشيرا إلى أنه "تم إقصاء القوات المسلحة من مبادرة حمدوك الأخيرة، ورفضت قوى الحرية والتغيير الاستماع لوجهة نظرنا".
وتابع: "أكدنا رفضنا سيطرة أي جهة أو حزب على السودان، والقوى السياسية هي من رفضت إعادة تجربة سوار الذهب"، في إشارة إلى الرئيس السوداني الراحل عبدالرحمن سوار الذهب الذي يعتبر الزعيم العربي الوحيد الذي تنازل طوعا عن السلطة.
وبتطرقه للرئيس الراحل، يرى مراقبون أن استحضار شخصية مماثلة برمزيتها، يبعث برسائل أيضا، خصوصا أن عهد سوار الذهب يعتبر من المحطات التي شهدت انتقالا سلسا للحكم بالبلاد، ويعتبر تجربة فريدة حيث سلم السلطة طوعا للمدنيين بعد انتفاضة عام 1985 بالسودان.
صورة حاول من خلالها البرهان أن يبعث بإشارات مطمئنة للداخل والخارج، وللتصدي لاتهامات يحاول فلول الإخوان الترويج لها لتأليب الرأي العام، وزرع المخاوف بصفوف السودانيين، وحشد التنديد الخارجي ضد قراراته.
تاريخ
وسوار الذهب هو خامس رئيس للجمهورية السودانية، وذلك منذ عام 1985 عندما تسلم السلطة أثناء انتفاضة أبريل/ نيسان 1985، بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات، وحتى تسليمه الحكم في عام 1986.
بمدينة الأبيض، وفي شهور عام 1935، ولد سوار الذهب، وتلقى تعليمه وحفظه للقرآن الكريم على يد والده، وفي عام 1955 تخرج في الكلية الحربية في السودان، وهو العام نفسه الذي سبق حصول البلاد على استقلالها، قبل أن تدخل أحزابها في صراعات السياسة والنفوذ.
في عام 1971، وأثناء انقلاب دبره العسكري السوداني الرائد، هاشم العطا، رفض تسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائدا لها، حتى استعاد الرئيس الخامس للسودان جعفر نميري مقاليد الحكم بعد أيام قليلة.
ورغم هذا الموقف، إلا أنه جرى استبعاده عن السودان ولم يعد إلا عقب تغيير القيادة السودانية موقفها منه، ليتولى منصب رئيس الأركان ووزير الدفاع.
وفي أعقاب انتفاضة أبريل/نيسان 1985 التي أطاحت بحكم جعفر النميري، تولى سوار الذهب رئاسة المجلس العسكري الانتقالي ورقي لرتبة "مشير"، وقد تعهد بعد تسلمه السلطة بأن يتخلى عنها خلال عام واحد لحكومة منتخبة.
وبالفعل، أوفى بوعده بعد عام وقام بتسليم السلطة للحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، ثم اعتزل العمل السياسي.
توفي سوار الذهب في أكتوبر/ تشرين أول 2018 عن عمر ناهر 83 عاما، في المملكة العربية السعودية، وقد استجاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لوصيته فأمر بنقل جثمانه بطائرة خاصة إلى المدينة المنورة ليُوارى الثرى هناك تنفيذا لوصيته.