مبادرات محمومة واتصالات مكثفة.. أمريكا على خط الوساطة في نزاع السودان
مع احتدام الأزمة في السودان، باتت الدول الغربية والعربية تبحث عن ثغرة لسلام دائم في ثالث أكبر بلد بأفريقيا، بعد تحطم كل هدنة يبرمهما الطرفان على ثغرة الاختراقات المتتالية.
إلا أن انتزاع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن هدنة هشة في السودان، حصل بموجبها على بعض التراجع في حدة القتال، جعل الولايات المتحدة تطمح لأن تكون قائدة شعلة السلام بين القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".
ورغم ذلك، إلا أن هامش المناورة الذي تملكه الولايات المتحدة حيال الضابطين المتناحرين يبدو محدودا، بحسب خبراء، أشاروا إلى أن نفوذ واشنطن "تقلص بشكل كبير" في السنوات الأخيرة.
نشاط دبلوماسي
وقال بلينكن الذي ينشط شخصيا في هذه القضية منذ اندلاع أعمال العنف في هذا البلد الأفريقي الاستراتيجي قبل عشرة أيام، الإثنين، إنه توصل مع البرهان وحميدتي، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة في جميع أنحاء البلاد دخل حيز التنفيذ الثلاثاء.
ورغم أن الإعلانات السابقة عن وقف القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم تصمد، إلا أن الأخير صمد جزئيًا في الخرطوم على الأقل.
ومنذ الأسبوع الماضي وبينما كان في اليابان، ضاعف بلينكن اتصالاته مع الضابطين المتنافسين وكذلك مع دول المنطقة والاتحاد الأفريقي؛ والتقى مرتين على الأقل الفريق أول البرهان وحميدتي. كما شارك في اجتماع وزاري الخميس مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد وشركاء آخرين.
كما أشرف على إجلاء دبلوماسيي السفارة الأمريكية في الخرطوم في عملية جوية نفذتها القوات الأمريكية الخاصة ليل السبت الأحد.
فما فرص الوساطة الأمريكية؟
قالت سوزان ستيغانت التي تدير برنامج أفريقيا في معهد السلام بواشنطن إن "القلق كان يساور البعض من احتمال أن تنكفئ الولايات المتحدة بعد إجلاء الموظفين الأمريكيين".
في واشنطن، لم يكن لدى المسؤولين الأمريكيين أوهام إذ أعربوا عن أملهم في أن تقرّب كل "خطوة صغيرة" من وقف دائم للمعارك بهدف نهائي هو المساعدة في التفاوض على عودة الحكم المدني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحافيين الثلاثاء: "نأمل ألا يكون وقف إطلاق النار دائما فقط بل أن يتم احترامه وتوسيعه".
وكان لسفير الولايات المتحدة في الخرطوم جون غودفري الذي تم إجلاؤه السبت وكذلك وكيلة وزارة الخارجية لشؤون أفريقيا مولي في، دور فعال خصوصا في مفاوضات وقف إطلاق النار، عبر السعودية والإمارات.
وتقول "فرانس برس"، إن الولايات المتحدة لاعب رئيس في السودان لعقود، وقد ساهمت في التوسط للتوصل إلى اتفاق 2005 لإنهاء الحرب الأهلية الذي أدى إلى استقلال جنوب السودان.
تقلص النفوذ
إلا أن كاميرون هدسون الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قال إن نفوذ واشنطن "تقلص بشكل كبير" في السنوات الأخيرة، مضيفًا: "سواء كنا نملك القدرة على التأثير أو لا نملكها، يُنظر إلينا على أننا نمتلكها وبالتالي لدينا دور نلعبه"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لا تزال لديها القدرة على إقامة تحالفات دبلوماسية.
من جهة أخرى، أكد هذا الخبير أنه "متشائم" بشأن فرص استمرار وقف إطلاق النار، مشككًا في "مصلحة الطرفين المتحاربين في التفاوض".
وقال "إنهم يتقاتلون منذ عشرة أيام و24 ساعة في اليوم. إنهم متعبون ويحتاجون إلى استراحة لإعادة تجميع صفوفهم وإعادة تزودهم بالمؤن"، معبرا عن خشيته من ألا يخدم وقف إطلاق النار سوى "مصالح الطرفين".
وتشير سوزان ستيغانت إلى صعوبة تطبيق وقف إطلاق النار هذا الذي يجب أن يتم التحقق منه "في كل حي تقريبا".
أما فيما يتعلق باقتراح بلينكن إنشاء "لجنة" تفاوض لا تزال معالمها غير محددة، فتصر ستيغانت على ضرورة "توخي الحذر الشديد لتجنب خلق خيار بين الجنرالين فقط"، مؤكدة أنه "يجب أن يكون هناك طريق ثالث".