أسبوع السودان.. "ميلاد" يكرس التسامح في ذكرى سقوط الإخوان
أجواء التسامح تخيم على المشهد في السودان خلال الأسبوع الماضي، بعدما شهدت البلاد احتفالات أعياد الميلاد التي جرت لأول مرة منذ 30 عاما
للمرة الأولى منذ 30 عاما، احتفل السودان، خلال الأسبوع المنصرم، بأعياد الميلاد المجيد، في خطوة عززت التسامح في بلد عانى لعقود من سطوة تنظيم الإخوان الإرهابي.
وتزامنت احتفالات "الميلاد" مع الذكرى الأولى للثورة التي أنهت حكم الجماعة الإرهابية بقيادة المعزول عمر البشير، فيما بدا قيامة جديدة للبلد الذي أرهقته سنوات الحرب الأهلية، فيما يكفاح عبر طاولة الحوار لإنجاز السلام بوساطة جنوب السودان.
- الجيش السوداني يكذب أردوغان: ليس لدينا مرتزقة في ليبيا
- النيابة السودانية تأمر بالقبض على رئيس وزراء بنظام "البشير" بتهم فساد
واتخذت الاحتفالات طابعا شعبيا ورسميا، حيث قررت السلطات اعتبار الأربعاء (25 ديسمبر) عطلة في جميع أنحاء البلاد للمرة الأولى منذ 8 سنوات، كما منحت الطوائف الغربية إجازة خلال الفترة من 24 إلى 26 من الشهر الجاري، حسب الحكومة الانتقالية.
ومع احتفالات السودانيين بالانتصارات شكل الأسبوع الماضي محطة جديدة لتساقط عناصر الجماعة الإرهابية، وفشل مخططاتها الخبيثة الساعية لضرب الحكومة الانتقالية والانقضاض على مكتسبات الثورة الشعبية والعودة إلى المشهد مجدداً.
وشهد الأسبوع المنصرم إقالة 4 عناصر إخوانية من مناصب رفيعة بالخدمة المدنية في البلاد، بقرار من رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، ضمن حملة تفكيك واجتثاث الجماعة الإرهابية من مؤسسات الدولة، تحقيقاً لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
وشمل الإعفاء مدير هيئة الموانئ البحرية السودانية الإخواني عمر أحمد محمد علي، وتعيين أنور محمد آدم بديلا عنه، كما تم إعفاء رئيس الوزراء الإخواني عبدالعظيم عوض محمد من وظيفة أمين عام المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، والسفير عصام عوض أحمد متولي من وظيفة أمين عام جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج ووكيل وزارة الري.
ملاحقات قانونية
وبالتزامن مع حملة الاجتثاث استمرت السلطات العدلية في السودان خلال الأسبوع الماضي أيضا في ملاحقة عناصر الإخوان الإرهابية بجرائم القتل والفساد المالي، وسط تعهدات من الحكومة الانتقالية بالقصاص من المتورطين في قتل المحتجين السلميين.
وفي نهاية الأسبوع، أصدرت النيابة العامة أمراً بالقبض على رئيس الوزراء في نظام الإخوان البائد محمد طاهر إيلا، للتحقيق معه في بلاغات فساد مالي متهم بارتكابها في ولاية البحر الأحمر شرقي البلاد.
وتتعلق البلاغات، حسب مصادر لـ"العين الإخبارية"، بالثراء الحرام وامتلاك عدد مهول من الأراضي السكنية والاستثمارية والمصانع والفنادق في مدينة بورتسودان، بجانب فساد في مشاريع تنموية نفذها عندما كان والياً لولاية البحر الأحمر.
وحسب مستند، فإن النيابة العامة في ولاية البحر الأحمر خاطبت مدير تسجيلات الأراضي لمدها بإفادة حول القطع الاستثمارية المسجلة باسم محمد طاهر إيلا وشقيقيه إبراهيم وطاهر.
محمد طاهر إيلا هو إخواني مقرب من البشير، كان يتولى منصب رئيس الوزراء حتى عزل النظام في ١١ أبريل/نيسان الماضي، وشغل قبلها منصبي والي البحر الأحمر والجزيرة، ومنذ ذلك الحين تتحدث الأوساط السودانية عن فساده.
وحقق نائب الثراء الحرام والمشبوه في السودان مع "وداد بابكر" الزوجة الثانية للرئيس المعزول عمر البشير حول أرصدة وحسابات مصرفية تابعة لها في دولة ماليزيا.
وشملت التحقيقات مع وداد، حسب مصادر رفيعة تحدثت لـ"العين الإخبارية"، أراضي سكنية في أحياء راقية بالعاصمة الخرطوم، ومشاريع زراعية ضخمة في ولاية القضارف شرقي البلاد.
وقالت المصادر إن النيابة ألقت القبض على العشرات واستجوبتهم حول قيام وداد بابكر بتسجيل أراضٍ زراعية في القضارف بأسمائهم حتى تتفادى الشبهات حول فسادها.
وتم القبض على وداد بابكر من منزلها قبل نحو ٣ أسابيع بتهمة الثراء الحرام والمشبوه، بامتلاك أراض سكنية في أماكن راقية بالعاصمة الخرطوم.
وتعتبر أحد أبرز عناصر نظام الإخوان البائد إثارة للجدل في المشهد السوداني، حيث تلاحقها الاتهامات بالثراء غير المشروع واستغلال النفوذ.
واعتبر المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم أن الملاحقات القانونية لعناصر الإخوان الإرهابية ومواصلة اجتثاثهم من مؤسسات الدولة يتماشى مع مطالب وروح ثورة ديسمبر المجيدة، ويبعث الطمأنينة في نفوس الشارع الذي بدا قلقاً من بطء الإجراءات.
وقال عبدالعظيم خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" "ما تحقق حتى الآن جيد للغاية، لكن يجب إحراز مزيد من التقدم وتحريك بلاغات الجرائم الكبرى التي ارتكبها المعزول عمر البشير وقادة نظامه البائد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وقتل المتظاهرين".
وأضاف "الحكومة الانتقالية مطالبة بتسريع هذه الإجراءات والملاحقات لعناصر نظام الإخوان الإرهابي حتى تفشل كل مخططاته التي يرمي بموجبها العودة إلى المشهد مبكراً".
الكريسماس يرسم التسامح
وخلال الأسبوع الماضي، علت الترانيم والصلوات من دور العبادة الخاصة بالطوائف المسيحية "الكنائس" في وسط العاصمة الخرطوم، إيذاناً ببدء احتفالات أعياد الميلاد المجيد "الكريسماس"، في حدثٍ غاب عن البلاد لسنوات بسبب حالة التضييق التي كان يفرضها نظام الإخوان البائد.
ولأول مرة منذ 8 سنوات كان الأربعاء الماضي عطلة رسمية في كل أنحاء السودان بمناسبة أعياد "الكريسماس"، وظل السودان يحتفل بـ"الكريسماس" ويمنح عطلة لمواطنيه في تلك المناسبة، حتى انفصال جنوب السودان في عام 2011، وبعدها ألغت حكومة الخرطوم تلك العطلة، وتقول الإحصاءات الرسمية إن نسبة غير المسلمين في البلاد تراجعت إلى 3% بعد الانفصال.
ويقول رئيس السنودس الإنجيلي بالسودان أنجلو الملكي إنهم سعداء بعودة عطلات أعياد "الكريسماس".
وأضاف الملكي، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، "فرحتنا ستكتمل إذا شاركنا إخوتنا المسلمين والمسؤولين الحكوميين احتفالاتنا بأعياد الميلاد، لأن ذلك سيوحدنا كسودانيين، وينشر التسامح بيننا، وهذا ما قصدته ثورة ديسمبر المجيدة".
وتابع "لقد انتهك نظام البشير حقوقنا، حيث كان يهدم الكنائس، ويعتقل رجال الدين المطالبين بالحريات، ولكن بحمد الرب لقد تخلصنا منه بفضل الثورة التي شارك فيها جميع السودانيين بفاعلية".
السلام يتعثر
وبعد أسبوع من المفاوضات في عاصمة جنوب السودان، لم يحدث تقدم يذكر في عملية السلام بخلاف الروح الوفاقية التي سادتها، وفق مراقبين.
ويوم الخميس علقت المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو لمدة أسبوعين، بعدما تمسك هذا الفصيل المسلح بطرح علمانية الدولة أو إعطاء حق تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما رفضته الحكومة.
أما المسار التفاوضي الآخر مع تحالف الجبهة الثورية، الذي يضم نحو 7 فصائل مسلحة تقاتل في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ما زال يراوح مكانه، حسب متابعين.