نزاع السودان.. «جرح مفتوح» بـ5 جبهات والمدنيون يدفعون الثمن
لطالما كانت الحروب ساحة لمعاناة لا توصف للمشاركين فيها، ولكن في السودان تجاوزت كل الحدود، وبات المدنيون يدفعون الثمن الأكبر.
فبعد مرور 17 شهرًا على اندلاع الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، وتوسعت الحرب الضروس، في 5 جبهات متزامنة لتفاقم مأساة المدنيين.
- قوة دولية لحماية مدنيي السودان.. آمال تصطدم بتحديات الحرب
- تعزيز الوصول الإنساني واحترام القانون.. ضغوط دولية لحل أزمة السودان
وكشفت مصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية» عن الأوضاع الميدانية على الأرض، فيما التقت شهود عيان كشفوا عن الأوضاع الإنسانية وكيف فاقمت الاشتباكات مآسيهم وأثرت على أوضاعهم وحياتهم.
5 جبهات
وشهدت مدن الخرطوم والفاشر والأبيض والجزيرة وسنار، معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بعد التوصية الدولية بفرض حظر توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
ودارت في جبهات القتال معارك عنيفة بالبراميل المتفجرة، والصواريخ والقذائف العشوائية والأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى تعقيد الأوضاع الإنسانية في صفوف المدنيين.
وأوصت بعثة دولية بفرض حظر توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي اعتمد مجلس حقوق الإنسان بجنيف قرارا بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي رافقت القتال العنيف بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في السودان.
وأصدرت البعثة الدولية، الجمعة، تقريرها الأول المؤلف من 19 صفحة بعد تحقيقات ومقابلات أجراها الفريق في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2024، بعد زيارات لدول تشاد وكينيا وأوغندا وشمل ذلك شهادات مباشرة مع نحو 182 من الناجين وأفراد أسرهم وشهود عيان، مشاورات مستفيضة مع الخبراء وأعضاء المجتمع المدني.
التقرير أوصى بفرض حظر توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
محور الخرطوم
وقالت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، إن اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة اندلعت مساء السبت، واستمرت إلى صباح اليوم، في محيط سلاح المدرعات، وسلاح الذخيرة، جنوبي العاصمة الخرطوم.
وأشارت المصادر العسكرية إلى أن "القناصة" الذين يتبعون لقوات "الدعم السريع"، يعيقون عملية الانفتاح التي يحاول الجيش السوداني تنفيذها في المنطقة.
وحسب شهود عيان، فإن منطقة جنوبي الخرطوم، تعاني شح الغذاء والدواء وخدمات الكهرباء والمياه بسبب القتال المستمر، والقصف العشوائي.
ووفق المصادر، فإن المعارك، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف القوتين المتقاتلين.
ويقع "سلاح المدرعات" بمنطقة "الشجرة" العسكرية جنوبي العاصمة الخرطوم في مقر تساوي مساحته 20 كلم مربع.
وفي محيط السلاح تنتشر أحياء "الرميلة"، و"الجبرة" و"الشجرة"، و"غزة" وعدد من الأحياء السكنية الأخرى.
ويعتبر "سلاح المدرعات" قوة قتالية تتكون من 3 كتائب دبابات T55 أي نحو 40 دبابة، وكتيبة دبابات T72، وكتيبة دبابات T90 الحديثة.
إضافة إلى 2 لواء مشاة آلي بناقلات جنود مدرعة من طراز BTR وكذلك كتيبة مشاة ميكانيكي بناقلات جنود مدرعة من طراز "البشير" وهي نسخة مطورة من نقالة جنود إيرانية الصنع بمواصفات حديثة.
ويتميز "سلاح المدرعات" بإمكانية استخدام أرض المدرعات كمهبط محمي وآمن للطائرات القتالية الهجومية الخفيفة حال تعطل مطار جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.
كما يمثل قاعد إطلاق مدفعي لضرب تجمعات القوات والأهداف داخل الخرطوم باعتبار أن المدافع المتمركزة لديها القدرة والمدى المؤثر.
محور الفاشر
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، الأحد، بأن قوات "الدعم السريع" قصفت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بالأسلحة الثقيلة والقذائف والصواريخ.
ووفق المصادر العسكرية، فإن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، تواصلت منذ مساء السبت، وحتى صباح اليوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في الأحياء الجنوبية والشرقية بمدينة الفاشر.
كما أفاد شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن القصف العشوائي، أسفر عن تدمير منازل كليا وجزئيا، داخل الأحياء السكنية في المدينة.
وأشار الشهود إلى أن المدينة تعاني نقصا مريعا في خدمات الكهرباء والمياه، والعلاج، بسبب القصف العشوائي المتواصل.
وحسب شهود العيان، فإن مدينة الفاشر، أصبحت ثكنة عسكرية، بعد النزوح الجماعي للمواطنين هربا من العنف والقتل.
وفرضت قوات "الدعم السريع" حصارا على العاصمة التاريخية لإقليم دارفور في أبريل/ نيسان الماضي، قبل أن تبدأ في مايو/أيار الماضي مواجهات عسكرية ضد الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وإجبار ما يزيد على 500 ألف على الفرار.
وتسعى قوات "الدعم السريع" للسيطرة على الفاشر كونها آخر المدن في إقليم دارفور غير خاضعة لسيطرتها، بعد أن سيطرت منذ نهاية العام الماضي على ولايات جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور.
وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا باتجاه الشمال الشرقي.
محور مدينة الأبيض
ومع تصاعد وتيرة العنف والقتال، شهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وأبلغت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، أن الاشتباكات التي اندلعت في الأحياء والجنوبية الغربية من مدينة "الأبيض، مساء السبت، أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة بين الطرفين المتقاتلين.
ومنذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023 تسعى قوات "الدعم السريع"، على مدينة الأبيض، وقاعدة "شيكان" الجوية لتعزيز نفوذها في المنطقة.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن مدينة الأبيض تعاني انقطاعا دائما للكهرباء، منذ أشهر طويلة، وأن خدمات المياه غير مستقرة بالكامل.
وحسب شهود العيان، فإن المستشفيات تعاني أيضا نقصا في الكوادر الطبية والأدوية، بسبب المواجهات العسكرية المستمرة والقصف العشوائي.
محور الجزيرة وسنار
كما أفادت مصادر عسكرية، "العين الإخبارية"، بأن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، قصف قوات "الدعم السريع"، في ولايتي الجزيرة وسنار.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن القصف تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف عناصر قوات "الدعم السريع" في تلك المناطق.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن موجة النزوح من ولايتي الجزيرة وسنار، لا تزال مستمرة، إلى ولايات القضارف وكسلا وحلفا الجديدة وبورتسودان شرقي السودان.
وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، سقطت مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في قبضة قوات "الدعم السريع"، التي تعتبر وجهة ملايين النازحين الأولى الفارين من نيران الحرب في العاصمة الخرطوم.
ومنذ ذلك الوقت تشهد ولاية الجزيرة، اشتباكات مستمرة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، ما أدى تعقيد الأوضاع الإنسانية، بسبب انقطاع الكهرباء، ونزوح المواطنين، وتوقف الأنشطة الزراعية في المنطقة.
وكانت قوات "الدعم السريع" قد سيطرت على مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، قبل أن تتمدد في أجزاء واسعة من الولاية، بينما تقود بين الحين والآخر معارك تهدف إلى السيطرة على مدينة سنار.
ولم تتلق "العين الإخبارية"، تعليقا فوريا من الجيش السوداني، أو قوات "الدعم السريع"، حول الاشتباكات في الخرطوم والفاشر، والأبيض، والجزيرة، وسنار.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDMuMjM5LjMuMTk2IA== جزيرة ام اند امز