أقباط السودان.. من تهميش الإخوان إلى هرم السلطة
الكاتب السوداني عباس التجاني يقول إن عودة الأقباط للمشهد السياسي خطوة في اتجاه التعايش الديني المشهود
بعد سنوات من الغياب القسري عن المشهد السياسي في السودان بسبب سياسات النظام الإخواني السابق، بدأ السودانيون الأقباط في العودة للمشهد السياسي بالتواجد في أعلى هياكل السلطة الانتقالية.
وكان المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير اتفقا على تعيين رجاء نيكولا عبدالمسيح عضواً بالمجلس السيادي الذي سيدير البلاد لمدة 3 أعوام.
وأدت عبدالمسيح، الأربعاء، القسم أمام رئيس المجلس الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس القضاء عباس علي بابكر ضمن أعضاء مجلس السيادة العشرة الآخرين إيذاناً بانطلاق حكم المرحلة الانتقالية.
وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير قد خصصت المقعد رقم 11 في تشكيلة أعضاء المجلس السيادي إلى طائفة الأقباط بالسودان اعترافاً بوجودها التاريخي بالبلاد، وإشارة إلى أهمية التسامح الديني بعد سنوات من حكم نظام الجبهة الإسلامية السياسية.
وقال الدكتور عباس التجاني لـ"العين الإخبارية" إن عودة الأقباط للمشهد السياسي لها عدد من الدلالات على رأسها ضرورة سيادة التسامح الديني في مستقبل السودان.
وأضاف "الأقباط لعبوا دوراً كبيراً في الثورة السودانية، ولهم مساهمات واضحة في حركة الاقتصاد السوداني، لكن عودتهم تطرح سؤال الأقليات الأخرى بالبلاد مثل الإغريق، الهنود، واليمنيين، وغيرهم من المجموعات الإنسانية التي اختارت السودان وطناً لها".
وأشار التجاني إلى أن النظام الإخواني البائد غيب جميع المجموعات الدينية من المشهد بما فيها الطوائف المسيحية التي تعيش في تسامح مع المكونات الأخرى.
وتابع: "النظام السابق خلق تشوهات نفسية كبيرة لتثبيت أيديولوجيته، وصبغ الحرب في الجنوب بالصبغة الدينية، وتمت مصادرة عدد من مساحات الكنائس، واعتقل قساوسة مسيحيين من جبال النوبة وقام بمحاكمتهم كما هدم الكنائس".
واستطرد التجاني "هذا السلوك ولد مشاعر دينية سالبة، على الرغم من وجود مجلس تعايش ديني في السودان".
وأقباط السودان لهم جذور ضارب في تاريخ البلاد وبحسب المؤرخين فإن هجرتهم نحو السودان بدأت منذ أكثر من قرنين لكنها تزايدت عقب سقوط دولة المهدية، لكن رسمياً لا يوجد رقم محدد لعددهم.
ويرى المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم في عودة الأقباط للمشهد السياسي نفضاً للغبار الذي أهاله عليهم النظام السابق بسبب ممارساته الإقصائية لطائفة المسيحيين عموماً.
وأكد عبدالعظيم في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن نظام المؤتمر الوطني الإخواني السابق ظل يستخدم ورقة المسيحيين بالسودان من خلال تمثيلهم شكلياً في السلطة ليظهر للخارج وجود تسامح ديني بالسودان.
وأضاف "النظام السابق ظل يتعرض لضغوط خارجية بسبب اضطهاده طائفة المسيحيين وقد تجلت تلك الضغوط في قضية مريم إسحق التي حاكمها النظام بالردة عن الإسلام بعد زواجها من رجل مسيحي".
وكان الرئيس المعزول عمر البشير بدأ عهده بانتهاك قاسٍ في حق طائفة الأقباط بالسودان، حيث أعلن بعد 6 أشهر من انقلابه على حكومة الديمقراطية في 1989 القبض على مساعد طيار يعمل في الخطوط الجوية السودانية يدعى جرجس يسطس بتهمة حيازة نقد أجنبي ومحاولة تهريبه إلى خارج البلاد.
ولم يمكث الأمر إلا أياما حتى تم إعدام جرجس بسجن كوبر بعد أن اتهمته محكمة خاصة بمزاعم التآمر على تخريب الاقتصاد الوطني.
وحينها قال المحللون: "إن إعدام جرجس كان مقدمة لما فعله النظام لاحقاً من تمزيق المجتمع السوداني من خلال العزف على وتر الطوائف والأعراق".
ورغم ذلك لم يتوقف العطاء الوطني للسودانيين الأقباط، فخلال الاحتجاجات التي أطاحت بنظام الجبهة الإسلامية في 11 أبريل/نيسان الماضي، كانت مشاركتهم بارزة في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم.
وكان من أبرز المشاهد خلال الثورة السودانية خلال الاعتصام قيام مجموعة من الفتيات الأقباط بتغطية رؤوس بعض الفتيات المسلمات اللائي كن يؤدين الصلاة تحت أشعة شمس بقطع من القماش.
aXA6IDE4LjIyMS4xNzUuNDgg جزيرة ام اند امز