رحلة البحث عن لقمة العيش.. ماذا فعل الصراع بالسودانيين؟
لم تغير الأزمة في السودان الواقع السياسي فحسب، بل طالت تأثيراتها الحياة اليومية للسودانيين عبر عدة نواح.
فالمثل القائل "الحاجة أم الاختراع" بات واقعا في حياة العديد من السودانيين الذين أجبرتهم الاشتباكات المستمرة منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع على تغيير وظائفهم سعيا وراء كسب قوت يومهم.
أستاذ الهندسة الجامعي علي سيف يعيش حاليا في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة التي تبعد نحو 200 كيلومتر جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد بين أكبر مراكز استقبال الفارّين من نار الاشتباكات.
سيف قرر تحويل مساره الوظيفي بسبب الصراع الذي أوشك على دخول شهره الخامس، وقال لوكالة فرانس برس "لاحظت عدم توفّر الصابون في السوق واحتياج الجميع له، فقرّرت صنعه".
السودانيون يعانون ظروفا معيشية صعبة جراء الاشتباكات
وبرر سيف اتجاهه لتصنيع الصابون بعدم تقاضيه راتبه منذ مارس/آذار الماضي، فيما توقفت معظم المصارف عن العمل بسبب الصراع، الذي أدى لنزوح 3 ملايين شخص من الخرطوم.
أما محمد علي، النازح من الخرطوم، بعد أن كان موظفا في مؤسسة عامة، فتح كشكا صغيرا لبيع الطعام في مدينة ود مدني لكسب قوته.
وقال علي لفرانس برس "اضُطررنا لإيجاد بدائل، لذلك قررت مع بعض الأصدقاء فتح كشك صغير يقدم أصناف طعام من العاصمة غير منتشرة في ود مدني".
أما ميشيل إيليا، وهي معلمة من أم درمان، فقررت صنع وبيع رقائق الخبز في سوق مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة التي نزحت إليها بسبب الاشتباكات.
إيليا التي كانت تطمح في الترقي في التدريس، مهنتها الأصلية، انتهى بها الحال لتعمل بائعة في السوق.
وقالت إيليا "لقد فقدت الأمل في الحياة.. ولكن أنا مجبرة على ذلك حتى أتكفّل بأسرتي وطعامي.. لست خجولة أو حزينة مما أقوم به، ولكنها الظروف".
إشراقة موسى هي الأخرى مواطنة من الخرطوم تركت منزلها ومدينتها لتبيع المشروبات الساخنة على عربة صغيرة اشترتها، لتستطيع تدبير نفقاتها.
وقالت إشراقة لفرانس برس "أتيت إلى هنا واشتريت هذه العربة لصنع الشاي حتى أتمكن من تحمل تكاليف المعيشة.. كبدتنا الاشتباكات أضرارا كثيرة وتركنا منازلنا وكل ما نملك".
وأضافت "الآن.. إذا تمكنت من إفطار أطفالي، قد لا أتمكن من تدبير وجبة الغداء".
وأسفرت الاشتباكات التي تتركز في العاصمة الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور في غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل 3900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من 4 ملايين آخرين إلى النزوح.
وتشير منظمة الصحة الدولية إلى أنّ أكثر من 40% من سكان السودان يعانون من الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي، فضلا عن نقص الأدوية، والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء.
aXA6IDE4LjE5MS4xNTQuMTMyIA== جزيرة ام اند امز