بايدن في "قفص الإجلاء".. السودان على خطى أفغانستان
في 5 يناير/كانون الثاني 1991، أطلق عسكريون أمريكيون مهمة جريئة لإخلاء السفارة الأمريكية بالصومال. وتمكنوا من إخراج نحو 300 شخص جوا.
ومنذ ذلك التاريخ، تكررت عمليات الإجلاء الصعبة من مناطق تمزقها حروب ونزاعات أو ينتظرها مستقبل قاتم، كان آخرها أفغانستان والسودان، لكن الانتقادات لهذه العمليات لم تتوقف.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن 36 فقط كانوا من موظفي السفارة الأمريكية وقت الإجلاء من مقديشو، في حين كان البقية مواطنين أجانب ودبلوماسيين أجانب آخرين، بينهم سفير الاتحاد السوفياتي.
واٌعتبرت المهمة، التي سميت عملية الخروج الشرقي، حينها أحد أخطر عمليات الإجلاء في التاريخ الدبلوماسي الأمريكي، وانتصارا في حد ذاته تمثّل في كيفية استخدام القوة العسكرية الأمريكية، ليس فقط لحماية موظفي حكومتها فحسب، وإنما للمواطنين الأمريكيين والأجانب على حد سواء في الأزمة.
وبالعودة إلى السودان في 2023، حيث حول الزاع بين جنرالين متنافسين للسيطرة على البلد العاصمة الخرطوم إلى ساحة قتال بين عشية وضحاها تقريبا، ودفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إطلاق عملية إجلاء جديدة للسفارة.
وهذه المرة، بحسب "فورين بوليسي"، تمكّن الجيش الأمريكي من إجلاء جميع موظفي الحكومة الأمريكية و"عدد صغير" من الدبلوماسيين الحلفاء في عملية 23 أبريل/نيسان.
لكن تركت العملية خلفها نحو 16 ألف أمريكي في السودان، وهناك سبل محدودة واضحة للفرار لأولئك الذين يريدون المغادرة.
وأثار هذا الواقع الجديد، وهو تحول صارخ عن عملية الجسر الجوي في الصومال في 1991 وعملية إجلاء أكبر من لبنان عام 2006، اتهامات حادة وردود فعل سلبية في واشنطن.
إذ يدفع المشرعون الأمريكيون الإدارة لبذل المزيد من الجهود لمساعدة المواطنين الأمريكيين.
وتسبّب الجدل بشأن طبيعة الدعم الذي يجب تقديمه في طرح تساؤلات جديدة عما إذا كان كبار المسؤولين في إدارة بايدن قد استمعوا كما يجب للتحذيرات واسعة النطاق بشأن احتمال اندلاع القتال في السودان خلال الأسابيع والأيام التي سبقت الصراع.
وأدى ذلك إلى حالة من الغضب والانتقادات في واشنطن بين المسؤولين الذين يعملون على سياسة شرق أفريقيا. وبينما يعملون على مدار الساعة للاستجابة للأزمة في السودان ومحاولة وقف إطلاق النار لمساعدة المدنيين السودانيين.
وقال مسؤول: "كانت جميع المؤشرات التحذيرية موجودة، حتى إذا لم يقدرها الناس في القيادة حتى وقوع الكارثة".
وفي غضون ذلك، ينتقد الأمريكيون الذين لا يزالون عالقين في القتال في السودان علانية وزارة الخارجية، لتقديمها مساعدة محدودة أو منعدمة في الخروج.
ولم ترد وزارة الخارجية على طلب التعليق، لكن قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحفي، الخميس، إن الولايات المتحدة كانت "تقدم أفضل نصيحة يمكننا تقديمها لأي أحد يطلب مساعدتنا"، و"تقديم الدعم اللوجستي المهم" لجهود الإجلاء الأخرى.
وأضاف: "ما نحتاج لفعله وما نعمل على تأسيسه هو عملية مستدامة لتمكين الناس من المغادرة".
وبحسب "فورين بوليسي"، قالت إدارة بايدن إنها تضع سفنها البحرية قرب ساحل السودان لمساعدة الأمريكيين في مغادرة السودان، وتقدم معلومات استخباراتية ومراقبة لقوافل الأمم المتحدة التي تغادر الخرطوم، لمتابعة سلامتهم، لكنها لا تخطط لأي عمليات إجلاء كبيرة. كما لم يتضح عدد من يسعون فعليا مما يقدر بـ16 ألف أمريكي ما زالوا هناك يستعدون للمغادرة.
وقال مسؤولون في الإدارة، إن القتال المحتدم في المدينة يجعل خطة إجلاء مماثلة غير آمنة. وعلاوة على ذلك، تبعد الخرطوم أكثر من 500 ميل عن الساحل، ما يجعل عملية الإجلاء أكثر صعوبة بكثير عن تلك التي تم تنفيذها في لبنان على طول البحر المتوسط أو مقديشو على ساحل الصومال.
وحثّ المشرعون بايدن على تجنب وضع مشابه لأفغانستان، حيث أدى الجسر الجوي الضخم إلى إجلاء نهاية 2021 عشرات الآلاف، لكنه ترك العديد من الأمريكيين الآخرين والحلفاء الأفغان في وقت سيطرت فيه حركة طالبان على البلاد.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن العديد من المواطنين الأمريكيين الذين لا يزالون في السودان يحملون جنسية مزدوجة، لكنّ هناك وجودا كبيرا للأمريكيين في السودان من أجل الأعمال الإنسانية والإغاثة الممولة أمريكيا، بحسب مسؤولين في واشنطن وآخرين غادروا الخرطوم.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS40IA== جزيرة ام اند امز