العمل الإنساني في السودان.. شمعة أمل بمهب الصراع
كان ثلث سكانه يعانون الجوع قبل الصراع وبات جلهم يبحثون عن رغيف في مشهد متخبط يعرقل جهود العمل الإنساني وينذر بكارثة إنسانية.
على هذا الخيط الرفيع يقف السودان اليوم في خضم المعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في صراع فاقم ندوب البلد المضطرب.
ورغم الجهود يعرقل القتال العمل الإنساني، لا سيما الوصول إلى المناطق المتضررة لمساعدة المحتاجين ممن شردتهم الحرب أو رمتهم محنة اللجوء على قارعة الطريق والمصير.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي تشهد العاصمة السودانية الخرطوم حالة من الفوضى مع اندلاع المعارك بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى أبرزها دارفور في الغرب، عن مقتل 700 شخص على الأقل وإصابة الآلاف بجروح، بحسب تقارير، ويُعتقد أن هذه الأرقام أقلّ بكثير من الواقع.
كما هرب السجناء من ثلاثة سجون على الأقل في الخرطوم وتعرضت المستشفيات للقصف، وانتشرت أعمال النهب في غياب الشرطة، ويقول العاملون في المجال الإنساني إن مقارهم تعرّضت للنهب.
ويقول كارل شمبري من المجلس النروجي للاجئين لوكالة فرانس برس: "لا يمكننا تعريض حياة زملائنا للخطر"، مضيفا "لا يمكننا الذهاب إلى مراكزنا لمعاينة حجم عمليات النهب".
عنف مقلق
في الأيام الماضية، فقد شمبري ومنظمته الشيخ محمد عمر، أحد المتطوعين المحليين، وكان عمر واحدا من 191 شخصا قتلوا بسبب أعمال العنف في مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، الإقليم المضطرب الذي يقع غرب البلاد والذي كان ساحة للتمرد المسلح والعديد من المعارك على مدار العقدين الماضيين.
وقتل 18 عاملا في منظمات إنسانية منذ اندلاع الصراع في السودان.
ويشير سيلفان بيرون من منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أن "مستوى العنف الذي سجّل في الخرطوم ودارفور ضد المدنيين ومتطوعي العمل الإنساني مقلق".
ويقول لفرانس برس "نفكّر في كيفية العمل في هذا السياق ونأمل في العمل مع فرق صغيرة دولية وسودانية، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني في أقرب وقت ممكن".
وفي مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبياً بمنأى عن أعمال العنف، طالب منسّق عمليات الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث الأربعاء بضمانات أمنية "على أعلى مستوى" لتأمين إيصال المساعدات إلى السودان، بعد نهب ست شاحنات تحمل مساعدات غذائية على وقع استمرار المعارك.
ومن الصعوبات التي تواجهها المنظمات الإنسانية معرفة مَن مِن الطرفين المتنازعين يُحكِم سيطرته في تلك المنطقة أو تلك من العاصمة أو دارفور، حيث انضمت القبائل إلى القتال.
وفي الخرطوم، تنقسم الأحياء والشوارع بين سيطرة هذه القوة أو تلك، ويبدو أن الطرفين يملكان القوة نفسها تقريبا.
وقبل هذه الحرب، كان ثلث سكان السودان البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبا، يعاني من الجوع ويحتاج إلى الإغاثات الإنسانية، ويرجّح أن ترتفع هذه النسبة مع النقص الحاد في مناطق القتال في الغذاء والماء والكهرباء والنقد.
شفا كارثة
يتعذّر على العديد من المصابين، في ظل الأوضاع الراهنة، الوصول إلى المستشفيات التي لا يعمل إلا 16% منها في العاصمة، بحسب نقابة الأطباء في السودان.
ويتوقع أن تزيد الحاجة إلى المساعدات في أشهر الصيف، حيث يبلغ سوء التغذية ذروته في بلد متضرّر بشدة من تغيّر المناخ والفيضانات التي أدت إلى ظهور أوبئة مثل الملاريا.
وأكدّت الأمم المتحدة نهب "17 ألف طن من المواد الغذائية" من أصل 80 ألف طن من مخزون برنامج الأغذية العالمي التابع لها والذي "لا يزال يحاول تحديد ما تبقى" من موارده.
وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يقول المسؤول في المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين توبي هارورد "وجدنا أنفسنا على الجبهة بين الطرفين وتأثّر العديد من مرافقنا (الأمم المتحدة)، ولكن لم نكن مستهدفين".
وأضاف أن مخزون المفوضية في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، "استهدفه اللصوص والمجرمون وقطاع الطرق".
حيثيات تضع السودان على شفا كارثة إنسانية في وقت تشير فيه توقعات دولية إلى أن الصراع سيطول.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز