التضخم يتراجع في السودان لأول مرة منذ الإطاحة بالبشير
انخفض التضخم في السودان للمرة الأولى في ظل الحكومة الانتقالية للبلاد التي تدير البلاد منذ عامين.
في الوقت نفسه تظهر فيه العملة- الجنيه- مؤشرات على الاستقرار عقب عام من إصلاحات اقتصادية صعبة.
وانخفض معدل التضخم في السودان بنسبة 35.22% لأول مرة منذ 3 سنوات، حيث سجل التضخم في شهر أغسطس/آب الماضي، 387.56% مقارنة بشهر يوليو/ تموز 422.78%.
وأوضحت نشرة أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء السوداني، الثلاثاء، انخفاض معدل التغير السنوي "التضخم"، لمجموعة الأغذية والمشروبات لشهر أغسطس/آب الماضي إلى 260.76%، مقابل 272.59% في يوليو/ تموز الماضي، الماضي.
وتباطأ التضخم بشدة من 422.78 بالمئة في يوليو تموز إلى 387.56 بالمئة في أغسطس آب، لينهي اتجاها اتسم بزيادات شهرية كبيرة دفع التضخم إلى مستوى لم يشهده منذ عقود.
والسودان في خضم أزمة اقتصادية عميقة، فيما يؤدي انخفاض الاحتياطيات عادة إلى نقص في الوقود والخبز والأدوية الأساسية.
ويقول مواطنون إن الإصلاحات تسببت في أن تصبح أسعار العديد من السلع والخدمات في غير المتناول ونفذ موظفون في قطاعات عديدة، من بينهم المعلمون، إضرابات بشكل دوري طالبين زيادة الأجور.
وفي الأسابيع الأخيرة، استقرت العملة في السوقين الرسمية والموازية عند سعر يبلغ نحو 450 جنيها سودانيا للدولار.
ووفقا لبيانات حكومية، زاد التضخم في خمس من بين ثماني ولايات سودانية، وسجلت ولاية القضارف أعلى معدل عند 977.01 بالمئة.
وأمس الاثنين، قال البنك المركزي في السودان إن البلاد تمكنت من زيادة الصادرات 68 بالمئة، بينما ظل يقول إن هذا المستوى لا يكفي.
ومن جانبه، قال محلل الاقتصاد السوداني، عبدالوهاب جمعة، انخفض معدل التضخم في السودان للمرة الأولى خلال 3 سنوات، نتيجة عملية الاصلاح الاقتصادي.
وأضاف، جمعة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن معدل انخفاض التضخم، الشهر الماضي، يعد الأكبر منذ الأزمة الاقتصادية في السودان في يناير/كانون الثاني 2018.
وتحاول الحكومة الانتقالية في السودان التخفيف من حدة أزمة اقتصادية عميقة استمرت بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، وأدت إلى تضخم آخذ في الزيادة، ونقص في السلع الأساسية على خلفية نقص العملة الأجنبية.
وأوضح جمعة، أن السبب الأساسي في انخفاض التضخم يعود إلى عملية الإصلاح الاقتصادي التي تقودها الحكومة السودانية بدعم من "برنامج مراقبة الصندوق" التابع لصندوق النقد الدولي.
وأضاف، أن عملية الاصلاح الاقتصادي التي بدأت برفع الدعم عن الوقود، وتحرير سعر الصرف، هو ما تسبب في تحييد تأثير سعر الصرف على رفع معدل التضخم.
وتابع: أن عملية الإصلاح الاقتصادي، ساهمت في زيادة احتياطي بنك السودان المركزي وهو ما أدى في النهاية لإيقاف تدهور قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأخرى.
وأكد، أن مزادات النقد الأجنبي الأسبوعية، التي أقامها بنك السودان المركزي، لتوفير الدولار لعمليات الاستيراد، نجحت في إيقاف جموح التضخم في الشهر الماضي.
وأضاف جمعة، كما أن عملية الاصلاح الاقتصادي شملت محفزات اقتصادية ساهمت في تحفيز المصدرين لزيادة الصادرات السودانية بعد تحرير سعر الصرف، ما أدى لتقليص عجز الميزان التجاري، خلال ان النصف الأول من العام الجاري، نتيجة ارتفاع الصادرات، وانخفاض الواردات.
وِأشار إلى أن زيادة قيمة الواردات السودانية في السابق، كانت أكبر محرك لزيادة التضخم لكن زيادة الصادرات السودانية الآن تسببت في خفض نسبة التضخم.
وقال بنك السودان المركزي، إن تخصيص ما يعادل 858 مليون دولار من صندوق النقد الدولي له سيعزز الاحتياطيات بشكل كبير، ويساعد في الاستمرار في تنفيذ سياسات سعر الصرف المرن المدار.
والمخصصات هي جزء من 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة التي أكد صندوق النقد الدولي، أنه سوف يوزعها على الأعضاء في إطار جهود مكافحة تأثير جائحة فيروس كورونا.
وبدأت مؤشرات أخرى لتعافي الاقتصاد السوداني تظهر للسطح، كالوفرة في المحروقات والخبز التي كانت تواجه نقصاً حاداً، وسط تقارير غير رسمية تتحدث عن انخفاض تاريخي في عجز الميزان التجاري.
وكانت حزمة من التدابير اتخذها السودان لتحسين قيمة العملة الوطنية وخفض الطلب عليها، كوقف بعض الواردات غير الضرورية وتجفيف السوق السوداء لتجارة النقد الحر.
وفي يوليو/ تموز الماضي، توقع صندوق النقد الدولي في تقرير له إنخفاض معدل التضخم في السودان إلى أقل من 10% خلال 3 أعوام قادمة.
وبلغت الديون الخارجية على السودان 60 مليار دولار ويحتاج بشكل ملح لمساعدة مالية لإعادة تنظيم اقتصاده.