ما وراء «الحكومة الموازية»؟.. لهذه الأسباب انهارت «تقدم» السودانية
![رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك- أرشيفية](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/11/155-235729-sudan-progress-coordination-parallel-goverment_700x400.jpg)
خلافات عاصفة بين مكونات «تقدم» السودانية حول مقترح «الحكومة الموازية» تنتهي بحل التنسيقية، في خطوة تفك الارتباط بين موقفين متباينين.
وفي وقت سابق، أعلنت الهيئة التنسيقية لتحالف القوى المدنية (تقدم) رسميًا عن حل نفسها، في أعقاب خلافات نشبت بين مكوناتها حول تشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع".
وكان قادة الائتلاف المناهض للحرب، برئاسة عبدالله حمدوك، عقدوا، أمس الإثنين، اجتماعًا لمناقشة "قضية الشرعية والموقف من تصور إقامة حكومة كإحدى وسائل العمل المعتمدة في التعاطي مع هذه القضية".
وأدت الدعوات إلى تشكيل حكومة موازية في مواقع سيطرة "الدعم السريع" إلى انقسام بين كتل الائتلاف، حيث أيدتها «الجبهة الثورية» التي تضم حركات مسلحة في دارفور وقوى من شرق السودان، علاوة على أجسام ومنظمات مجتمع مدني.
وأفاد بيان صادر عن تنسيقية "تقدم" بأن الاجتماع ناقش التقرير الذي أعدّته الآلية السياسية، والذي خلص إلى وجود موقفين متباينين حول قضية الحكومة.
وأضاف: "وعليه، فإن الخيار الأوفق هو فك الارتباك بين أصحاب الموقفين ليعمل كل منهما تحت منصة منفصلة سياسيًا وتنظيميًا باسمين مختلفين".
و"بهذا القرار، سيعمل كل طرف حسب ما يراه مناسبًا ومتوافقًا مع رؤيته حول الحرب، وسبل وقفها، وتحقيق السلام الشامل الدائم، وتأسيس الحكم المدني الديمقراطي المستدام، والتصدي لمخططات النظام السابق وحزبه المحلول وواجهاته"، وفقًا للبيان.
"حالة تباين"
يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، خالد عبدالعزيز، إن "الانقسام الذي أدى إلى حل تقدم من الأساس مرده أن التحالف كان يعيش حالة تباين في وجهات نظر كبيرة ورئيسية".
وأوضح عبدالعزيز، في حديث لـ"العين الإخبارية" مظاهر الانقسام بالإشارة إلى "تيار يدعو إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع، على أن يكونوا متعاونين معهم، وتيار آخر يفرض هذا الاتجاه ويدعو أن تكون للقوى السياسية والمدنية مستقلة وعلى مسافة تتيح لها الاتصال بين الجيش والدعم السريع وأن يكون لديها مرونة الحركة ولا تكون جزءا من أجل مجموعة من المجموعتين".
وأضاف أن "هذا الاختلاف أدى في النهاية إلى حل تنسيقية (تقدم)، وأعتقد أن الخطوات تتباعد بين الطرفين لأن الصراع السياسي فيها يكون حادا جدًا بشأن الحرب، وليس صراع أفكار".
وبحسب الخبير، فإن "أي تحالف سياسي هو تحالف مرحلي على قضايا، وفي التجارب السودانية هناك مشكلة كبيرة في العمل الجماعي".
ولفت إلى أن "كل التحالفات السياسية والكتل الاجتماعية والرياضية يظهر فيها انقسام وهي ظاهرة مرتبطة بالحياة الاجتماعية في السودان وعدم القدرة على العمل الجماعي".
واعتبر أن "الانقسام الحالي يتيح لكل طرف الذهاب إلى أهدافه بشكل مباشر. المجموعة التي تريد العمل مع الدعم السريع ستعمل بحرية كاملة دون قيود من التحالف، وأيضًا المجموعة الأخرى التي تريد أن تعمل بصورة مستقلة سيكون لديها هامش حركة موسع".
وبالنسبة لـ"عبدالعزيز"، فإن "ما حدث لصالح الطرفين، والمهم في الأساس أن يكون هناك أكبر قدر من التوافق من القوى السياسية والاجتماعية والمكونات المحلية في السودان على خارطة طريق لإنهاء الحرب، وإنهاء معاناة السودانيين".
«الأمر الواقع"
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني أنور سليمان، أن "وضع تنسيقية تقدم قبل الانقسامات لم يكن أفضل كثيرًا من بعدها".
ويقول سليمان، لـ"العين الإخبارية"، إن "سلطة الأمر الواقع نجحت في خلق فجوة بينها وقطاع واسع من الشعب السوداني بوصفها بأنها سبب رئيسي للحرب جراء الاتفاق الإطاري".
"كما نجحت دعايتها في وصم تقدم بأنها جناح سياسي وداعم لقوات الدعم السريع، وفشلت قيادات التنسيقية في التعامل مع تلك الوصمة"، وفق الخبير.
ويتابع: "اليوم فإن انقسامها -أي تنسيقية تقدم- على خلفية الموقف من الحكومة الموازية والمقربة من الدعم السريع، يعطي تلك الدعاية مصداقية أكثر. ما يعني أن تحقيق اختراق للواقع الذي وجدت فصائل التنسيقية نفسها فيه منذ اشتعال الحرب يزداد صعوبة".
وأشار إلى أن "هذا الانقسام مرشح لأن يضع نهاية لهذا التحالف ويجبر فصائله على البحث عن صيغ ائتلاف جديدة".
«عجز»
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد المختار، إن "انقسام تقدم متوقع، خاصة بعد نجاح المجموعة الرافضة لتشكيل حكومة في إعاقة التنسيقية في القيام بأي فعل سياسي حقيقي يقطع الطريق أمام أجندة الحركة الإسلامية".
واعتبر المختار، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن انقسام تقدم يأتي ضمن سلسلة طويلة من انقسام التحالفات السياسية في السودان التي عادة ما تظهر عند مخاطبة جذور الأزمة بشكل حقيقي وعملي، والأمر ذاته حدث سابقًا عندما وضعت القوى السياسية المعارضة لنظام الإخوان أمام تحدي القضايا المصيرية".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" حربًا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
aXA6IDE4LjE4OC4yNDcuMTMzIA== جزيرة ام اند امز