بالصور.. "برش رمضان".. عادات سودانية تنتقل إلى مقر الاعتصام
ساحة الاعتصام تشهد تركيب خيام بلاستيكية مزودة بجميع وسائل الراحة من ثلاجات ومبردات مياه، للمساعدة لقضاء شهر رمضان.
اعتاد السودانيون التزاحم بالمناكب وبالسيارات على الطرقات للوصول إلى منازلهم قُبيل موعد آذان المغرب طوال أيام شهر رمضان لتناول وجبة الإفطار مع عائلاتهم.
حاليا، الأمور تبدو مختلفة في البلاد، حيث تحول اليوم الأول في شهر رمضان إلى حركة عكسية، واتجهت حركة السير إلى مقر الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، لتناول وجبة الإفطار بشكل جماعي، فيما يعرف بـ"برش رمضان".
واكتملت الاستعدادات بمقر الاعتصام، وشهدت الساحة تركيب خيام بلاستيكية جديدة مزودة بجميع وسائل الراحة من ثلاجات ومبردات المياه، لمساعدة المواطنين لقضاء شهر رمضان بكل سهولة ويسر.
وقالت آمنة عبدالله، وهي مسؤولة عن إعداد الوجبات الرمضانية، إن الترتيبات اكتملت بتجهيز الأطعمة والمشروبات، والقهوة والشاي، بمقر الاعتصام.
وأوضحت، في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن اللجان المختصة جهزت الأطعمة والمشروبات، وأن الأسر أبدت استعدادها لتجهيز الفطور في المنازل، وإيصاله إلى ساحة الاعتصام.
وأضافت "اللجان الفنية أعدت برامج نهارية وليلية، وصممت ألعابا للأطفال، لتكون ساحة الاعتصام أكثر جاذبية".
يبدأ الإفطار بتناول التمر ثم "البليلة" وهي عبارة عن حمص مخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، مضاف إليها التمر، وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور.
ثم يتناول الصائمون بعد ذلك عصير الليمون إذا كان الجو حارا، أو "الشوربة" إذا كان الجو باردا، وتلي ذلك الوجبات العادية، وأشهرها "الويك" وهي نوع من "البامية" مع "العصيدة"، وهناك أيضا إدام يسمى بـ"ملاح الروب"، وهو عبارة عن لبن رائب ممزوج بقليل من الفول السوداني. والقراصة المصنوعة من القمح مع الإدام.
ويعتبر طبق العصيدة من الوجبات التقليدية عند أهل السودان، ويتكون من خليط عجين الذرة المطهي، ويؤكل مع طبيخ "التقلية" ذات اللون الأحمر، ومكوناته تتألف من "البامية" الجافة المطحونة وتسمى "الويك" مع اللحمة المفرومة.
وبعد تناول طعام الإفطار، يحتسي الصائمون شراب الشاي والقهوة، قبل الاستعداد لصلاة التراويح.
وعادة ما يتميز شهر رمضان في السودان بموائد الإفطار الجماعية التي لا تنتهي بالأكل والشرب والصلاة، وإنما تتعدى المسألة إلى مجالس سمر تستمر في الغالب إلى أوقات متأخرة من الليل.
في اليوم الأول لشهر رمضان، ينشط صبية الأحياء والقرى في تجهيز المكان المخصص سنويا لتناول الإفطار سواء كان مجتزأ من شارع أو ميدان عام بتنظيفه وتسويره بقطع من الحجارة وعلى هيئة مسجد بمحراب للصلاة.
ويطلق على المكان المخصص للإفطار الجماعي "برش رمضان"، والبرش سجاد شعبي يصنع من زعف النخيل، وإن كان استخدامه حاليا تراجع لصالح السجادات العصرية لكن لا يزال مكان الإفطار يحمل اسمه.
يرى أحمد المصطفى، الطالب بجامعة الخرطوم، (أعرق الجامعات السودانية)، أن "برش رمضان"، عادة سودانية متجذرة، ومشبعة بروحانية الشهر الفضيل وظلت تقاوم الحداثة.
وشدد في حديثه لـ"العين الإخبارية"، على أن برش رمضان قيمة تكافلية تعزز التآخي والتآلف بين الأهل والجيران الذي يقتسمون زادهم مع بعضهم البعض.
الميزة التفضيلية والأهم لـ"برش رمضان" والسبب الأساسي له، كما يقول المصطفى، هو مشاركة الإفطار مع عابري الطريق الذين حال الزمن بينهم ووجهتهم التي يقصدونها.
ولا يقتصر "برش رمضان" على شوارع المدن والأرياف فقط بل يمتد على طول الطرق السفرية حيث يحرص أهل القرى التي تمر بها تلك الطرق على تجهيز الإفطار للمسافرين ويتنافس أهل كل قرية في حشد أكبر عدد من الضيوف.
ولا يوجد تاريخ بعينه لـ"برش رمضان" لكن الأغلبية العظمى من الناس تعتبرها عادة قديمة ورثتها من الأجداد ونقلها الناس معهم من الأرياف إلى المدن.
وعادة ما يتناول أهل الأرياف طعامهم وشرابهم بشكل جماعي لطبيعة حياتهم الرعوية والزراعية لكن يتجمعون بشكل أكبر في شهر رمضان لخصوصيته.
وغالبا ما يكون "برش رمضان" منتدى السودانيين الأكثر شهرة حيث يتحول عقب الفراغ من صلاة العشاء إلى جلسة سمر تتسع للصغار والكبار معا وتسلية الوقت بلعب الورق انتهاء بالمناقشات السياسية الحادة.
ومنذ 6 أبريل/نيسان الماضي، يعتصم الآلاف أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، ما أدى إلى إغلاق جسري "النيل الأزرق" و"القوات المسلحة"، اللذين يربطان العاصمة بمدينة بحري، وكذلك إغلاق شوارع رئيسية.
وتسعى قوى "إعلان الحرية والتغيير" إلى ممارسة مزيد من الضغوط على المجلس العسكري الانتقالي، كي يسلم الحكم إلى سلطة مدنية، على خلفية تعثر المفاوضات بين الجانبين، خلال اليومين الماضيين.