مفاوضات جنوب السودان.. تحذيرات من الدخول في نفق مظلم
محادثات فرقاء جنوب السودان بالخرطوم وصلت إلى طريق مسدود من خلال التصريحات المتضاربة حول التوصل إلى اتفاق "تقاسم السلطة" من عدمه.
في الوقت الذي كان يسوده التفاؤل بتحقيق السلام بجنوب السودان، من واقع الاتفاقات المبرمة بين الأطراف في العاصمة السودانية الخرطوم، ظهر بند "تقاسم السلطة"، ليقود مفاوضات السلام بين فرقاء الدولة الوليدة إلى طريق مسدود، بعد فشل كل محاولات الوسطاء في تقريب وجهات النظر حوله.
وحذر محللون تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، من دخول محادثات فرقاء جنوب السودان بالخرطوم، إلى نفق مظلم، على خلفية التصريحات المتضاربة لأطراف النزاع والوساطة السودانية حول التوصل إلى اتفاق "تقاسم السلطة" من عدمه.
وقالوا إن تمديد التفاوض لأكثر من مرة يعكس محنة الوساطة السودانية في تقريب وجهات نظر ومواقف الأطراف الجنوبية بشأنها، وعلى الرغم من ذلك فلا تريد الخرطوم إعلان انهيار التفاوض، لأنها تعول كثيراً على سلام الجنوب لتحقيق مكاسب سياسية خارجية.
- الخرطوم تعلن توصل فرقاء جنوب السودان لاتفاق تقاسم السلطة
- رئيس جنوب السودان يعلن استعداده لقبول اتفاق السلام
وأعلن وزير الخارجية السوداني، الدرديري محمد، في سابقتين، توصل الحكومة والمعارضة في جنوب السودان إلى اتفاق بشأن "تقاسم السلطة"، الأولى خلال جولة محادثات جرت في مدينة عنتيبي الأوغندية، والثانية نهاية الأسبوع الماضي بالخرطوم.
وعاد الوزير السوداني مجددا معلنا عن إرجاء التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق تقاسم السلطة، الذي كان قد حُدد له الخميس الماضي، نتيجة لتلقيه اعتراضا مكتوبا ضد مسودة الاتفاق من حكومة سلفاكير.
وخرجت حكومة جنوب السودان عن صمتها، وألقت باللائمة على الوساطة السودانية في تأخر إبرام السلام بتعديلها لمقترح تقاسم السلطة.
وقال وزير الإعلام في حكومة جوبا، مايكل مكواي، إن الوساطة السودانية عدلت الاتفاقية وخرجت بمقترحات جديدة لم تناقش من قبل، متهما وزير الخارجية السوداني بتضليل الرأي العام والمجتمع الدولي ورؤساء منظمة "إيجاد". وأضاف: "حديثه حول توافق الأطراف ليس صحيحاً".
ويرى عبده مختار موسى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أن الصراع في جنوب السودان معقد للغاية، والوصول إلى اتفاق بين الأطراف خلال أيام معدودة كما تعتقد الوساطة السودانية أمر غاية في الصعوبة.
وقال موسى لـ"العين الإخبارية"، إن "الأطراف وقعت على إعلان المبادئ والترتيبات الأمنية بحماس شديد، ولكن وقفا في بند تقاسم السلطة، الأمر الذي يؤكد أن الصراع في الدولة الوليدة سلطوي".
وأضاف: "من الصعب أن تفضي المحادثات الجارية إلى اتفاق حول تقاسم السلطة فيما تبقى من وقت، لكن الخرطوم ما زالت لديها أمل في إنجاح التفاوض حتى تحقق إنجازا يساعدها في المرحلة المقبلة في حوارها مع أمريكا الذي يسعى لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب".
بدورها، تقول أجوك عوض الجابو، الكاتبة الجنوب سودانية، إنها غير متفائلة بتوصل الأطراف في بلادها إلى سلام قريب، وذلك من واقع المعطيات الحالية التي تشهد تباعدا وتمسكا بالمواقف.
وأضافت الجابو، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "السياسة ليست بها ثوابت، ومن غير المستبعد أن تحدث معجزة ويوقع الفرقاء يوم 26 يوليو/تموز المقبل على سلام ينهي الحرب والدمار الذي لحق بجنوب السودان".
وقالت الكاتبة الجنوبية إن الحكومة بقيادة سلفاكير أرادت ترتيب أوراقها، من خلال مواقفها المتأرجحة التي أبدتها بشأن تقاسم السلطة، على ضوء أنها في مركز قوة والمعارضة في ضعف.
ورأت أن هذا الأمر بحاجة إلى مزيد من الضغط الدولي والإقليمي على رافضي السلام، وتنفيذ عقوبات فعلية وليست نظرية على كل طرف يعرقل السلام ويتقوقع في مواقفه.
وكان مقترح اتفاق "عنتيبي"، المقدم من الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، الذي رفضته المعارضة الجنوبية بقيادة رياك مشار، نص على تعيين 4 نواب للرئيس، وإعادة زعيم المعارضة رياك مشار إلى منصبه نائبا أول للرئيس، كما ينص أيضاً على زيادة الوزارات من 30 إلى 45، وتوسيع مقاعد البرلمان إلى 550، وأقر المقترح على الـ32 ولاية التي أنشأها الرئيس سلفاكير.
وأدخلت الوساطة السودانية تعديلات على مقترح "عنتيبي"، حيث جعلت قسمة السلطة بواقع 55% للحكومة و25% للمعارضة بقيادة رياك مشار، و10% لتحالف المعارضة، و10% للأحزاب السياسية بالداخل، وقضى بأن يكون نواب رئيس الجمهورية 5 بدلاً من 4 نواب.
واقترحت الخرطوم أن تكون الحكومة من 35 وزارة تقسم كالآتي: 20 وزارة للحكومة، و9 وزارات لمجموعة مشار، و3 وزارات لتحالف المعارضة، ووزارتان لمجموعة المعتقلين السياسيين، ووزارة واحدة للأحزاب السياسية بالداخل.
وأبقت الوساطة السودانية على عدد أعضاء البرلمان عند 550 عضوا، تقسم فيما يلي: 332 مقعدا للحكومة، و128 مقعدا لمجموعة مشار، و50 مقعدا لتحالف المعارضة، و35 مقعدا للأحزاب بالداخل، و5 مقاعد لمجموعة المعتقلين.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg جزيرة ام اند امز