في ظل تعنت الجيش السوداني وحلفائه من الإخوان في التجاوب مع أي مبادرات لوقف القتال، تكثف واشنطن جهودها للدفع نحو هدنة إنسانية
أحدث هذه الجهود تجلت في تصريحات على لسان نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، فيني سبير، يوم الخميس.
وقال سبير خلال جلسة استماع عقدتها اللجنة الفرعية للشؤون الأفريقية المعنية بالسودان، في مجلس النواب، إن بلاده تعمل مع الحلفاء الإقليميين لتيسير هدنة إنسانية في السودان وإنهاء الصراع هناك.
وأضاف "لقد تسبب الصراع المروع في السودان، الذي بدأ في أبريل (نيسان) 2023، في أسوأ أزمة إنسانية في العالم". مشيرا إلى أن "تلاعب الأطراف وعرقلة وصول المساعدات الطارئة أدى إلى تفاقم معاناة الشعب السوداني". مؤكدا أن الأزمة والمجاعة "من صنع البشر".
وتابع "لا توجد أطراف جيدة في هذا الصراع"، معربا عن إدانته لـ"الانتهاكات" التي يرتكبها طرفا الصراع في الحرب.

وذكّر سبير، بأن الإدارة الأمريكية ملتزمة بالمساعدة في إنهاء "هذه الفظائع" في السودان، مشيرا إلى إعلان الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي، أن حكومة بورتسودان استخدمت أسلحة كيميائية في عام 2024.
وتابع "لقد حاسبنا المتورطين، بما في ذلك فرض عقوبات على قادة القوات المسلحة السودانية وقادة قوات الدعم السريع، وأفراد من كلا الطرفين وأنصارهم. ومنذ بدء الحرب، فرضنا عقوبات على أكثر من 40 فردا وكيانا لإحداث عواقب وخيمة لتأجيج الصراع".

في سبتمبر/أيلول الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على وزير المالية في حكومة بورتسودان جبريل إبراهيم وكتيبة البراء بن مالك الإخوانية، في محاولة للحد من تأثير تيار الإخوان المتشدد في السودان و"أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار".
وبحسب تقارير تعود لعام ٢٠٢٤، زودت إيران الجيش السوداني بطائرات مسيرة لعبت دورا محوريا -إلى جانب كتيبة البراء من مالك - في العملية العسكرية التي انتهت بسيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم بعد عامين من تواجد الدعم السريع فيها.
هدنة بلا شروط
وشدد على التزام الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو بإنهاء هذه الفظائع، موضحا أن واشنطن فرضت عقوبات على قادة من الطرفين وعلى أفراد وجهات داعمة لهم، حيث طالت العقوبات منذ اندلاع الحرب أكثر من 40 فردا وكيانا.
وشملت تلك الخطوات عقوبات في سبتمبر/أيلول الماضي، ضد قيادات إخوانية متحالفة مع الجيش للحد من نفوذهم.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى إيصال رسالة واضحة بضرورة وقف الصراع، مؤكدا أن الرئيس ترامب يوجه شخصيا جهود التفاوض بالتعاون مع أعضاء مجموعة "الرباعية" (الإمارات، مصر، السعودية)، إلى جانب أطراف أخرى، بهدف تسهيل هدنة إنسانية".
ولفت سبيرا إلى أن الولايات المتحدة قدمت نصا قويا لهدنة إنسانية، داعيا الأطراف إلى قبوله دون شروط مسبقة، ومؤكدا ضرورة التزام جميع الأطراف بتعهداتها الإنسانية، ووقف الهجمات على المدنيين، وضمان وصول المساعدات بشكل كامل وآمن ودون عوائق".

تداعيات خطيرة
وحذر المسؤول الأمريكي من أن استمرار الصراع يهدد استقرار المنطقة، ويخلق بيئة خصبة للإرهاب.
وأعرب عن أمله في أن يؤدي السلام والاستقرار إلى عودة السودان لحكم مدني موحد، مؤكدا تطلعه للعمل مع الكونغرس لإنهاء الصراع.
وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ أبريل/منذ نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، عن مقتل عشرات الآلاف ودفعت نحو 12 مليونا إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها.
كما أدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.
عقبة الإخوان في طريق الحل
وتواجه جهود إنهاء الحرب المستعرة في السودان عوائق عدة بينها، وفق محللين، علاقة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع الإخوان الذين يزودون جيشه بالمقاتلين ويؤثرون على استراتيجية الحرب والقرار.
ويرى محللون أن تحالف البرهان مع الإخوان عنصر أساسي للاحتفاظ بثلثي البلاد تحت نفوذه.
وتقول المحللة السودانية خلود خير لوكالة فرانس برس ، إن الإخوان "مستائون للغاية من احتمال وقف إطلاق النار. فهم يريدون استمرار الحرب قدر الإمكان".
وتوضح أن إطالة أمد الحرب يفيد الإخوان لأنها تجعل القوى المؤيدة للديمقراطية التي أطاحت بحكم البشير عام 2019 "أقل قدرة على البقاء" في مشهد اكتسب طابعا عسكريا الى حد كبير.

ورفض البرهان مقترح هدنة قدمته اللجنة الرباعية الدولية بشأن السودان.
ويشكل الإخوان في السودان مظلة لأحزاب وقادة وشبكات محسوبية نشأت في عهد الرئيس المعزول ذي الخلفية العسكرية عمر البشير.
وأكد دبلوماسي غربي مطلع على المفاوضات لفرانس برس، أن البرهان "في موقف صعب للغاية.. إذا تخلى عنهم (الإخوان) فسيتخلون عنه وسيخسر بالتأكيد".
في سبتمبر الماضي، شددت دول اللجنة الرباعية الدولية أن "مستقبل السودان لا يمكن أن تمليه جماعات متطرفة عنيفة تابعة للإخوان المسلمين أو مرتبطة بهم بشكل واضح"، وهي جماعات صنفها الرئيس الأمركي مؤخرا على أنها "منظمات إرهابية".