"أوبر السوداني" يفجر أزمة بين الحكومة ونقابة عمال النقل
وزير الاتصالات يرفض مطالب إلغاء الخدمة
السودان يوجد به نحو 40 تطبيقاً مسجلاً به 500 ألف عربة تغطي 10% من احتياجات السودان من وسائل النقل.
فجرت السيارات الخاصة التي تعمل عبر تطبيقات الموبايل في السودان المحاكية للشركة الأمريكية الشهيرة "أوبر" لنقل الركاب، أزمة بين النقابة العامة لعمال النقل التي تطالب بإيقاف الخدمة، وبين الحكومة التي تدافع عنها.
وأطلقت الهيئات النقابية والفرعية للمواصلات بالعاصمة الخرطوم ووزارة النقل، نداء عبر الصحف المحلية، تطالب بإلغاء تطبيق "ترحال" والأنظمة الشبيهة، لمنافستها لسيارات الأجرة (التاكسي) وغيرها، مما يسفر عن ازدحام، فضلاً عن ما وصفته النقابة بعدم "عدالة المنافسة".
ويعمل كثير من السودانيين بسياراتهم الخاصة أو المستأجرة في خدمة شركات النقل التي تعتمد على تطبيقات الموبايل التي وصلت إلى 40 تطبيقاً، بينما يشكو سائقو التاكسي من تغول سيارات الخدمة، وهي في العادة سيارات حديثة متعددة الأشكال والأحجام وأجرتها زهيدة الثمن مقارنة بالتاكسي أو غيرها من المركبات التي تستأجر للنقل الخاص.
وبدأت الأزمة بين النقابة والشركات العاملة في هذه الخدمة، لكن سرعان ما تحولت المعركة بين النقابة نفسها ووزارة الاتصالات، حيث رفض وزير الدولة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إبراهيم الميرغني، الدعوة التي أطلقتها النقابة العامة لعمال النقل والطيران بإلغاء تطبيقات النقل الإلكترونية، وشدد على أهمية الوقف ضد هذه الدعوات بحزم.
وقال الميرغني لـ"العين الإخبارية" إن الدعوة لإلغاء تطبيقات النقل وكذلك التطبيقات الأخرى التى تسهل حياة الناس تنتمي لما أسماه بـ"العصر الحجري"، بينما "نحن في عصر ثورة المعلومات".
لكن الأمين العام للنقابة العامة لعمال النقل والطيران، يوسف جماع، رد بقوله إن هذه التطبيقات تعمل دون أي التزامات تجاه الدولة، وإن الجهات التي يفترض أن تقوم بالتصديق لها ليست وزارة الاتصالات وإنما وزارة النقل، أسوة ببقية السيارات العاملة في النقل، أو عبر وزارة الداخلية ممثلة في إدارة شرطة المرور.
وتمنح وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تصاريح للشركات العاملة في هذه الخدمة لإنشاء تطبيقات عملها عبر الجوال.
وبعد التدخل الوزاري في القضية برفض مطالب إلغاء الخدمة، نشطت النقابة حملاتها المضادة، وعقد الأمين العام للنقابة العامة لعمال النقل والطيران، مؤتمراً صحفياً شهدته "العين الإخبارية"، تراجع فيه عن دعوته لإلغاء الخدمة، وطالب بتنظيمها، لكنه أكد أن نقابته لن تقبل استمرارها بهذه الطريقة.
ودعا جماع إلى إخضاع الشركات العاملة في هذه الخدمة لقوانين النقل العام، وقال إن المنافسة غير عادلة، لأن المركبات العاملة في المواصلات تلزمها السلطات الحكومية بتعريفة لا تناسب تكلفة التشغيل.
ولفت إلى أن السيارات العاملة بهذه التطبيقات تحصل على حصة كبيرة من الوقود، أولى بها المركبات العامة.
وكان محمد الحاج الشيخ، مدير أكبر الشركات العاملة في هذا المجال (ترحال)، أكد أن الشركة لا تعتبر خصماً لأي جهة وإنما إضافة لوسائل النقل في البلاد التي تعاني من أزمة المواصلات لعدم توفر وسائل النقل الحديث مثل المترو والقطارات السريعة، موضحاً أن خدمة السيارات الخاصة تسهم في سد نقص وسائل النقل الحديث، وقال إن شركته أجرت دراسة أظهرت أن خدمة تطبيقات الموبايل لا تغطي غير 10% من احتياجات السودانيين.
ولم تَسلم النقابة من الانتقادات حتى من الداخل، فقد وجهت إليها غرفة النقل العام بولاية الخرطوم، انتقادات حول مطالبتها بإلغاء تطبيقات النقل الإلكترونية، واعتبرته تدخلاً في شؤون ليست من اختصاص النقابة.
وأعلنت الغرفة موافقتها لعمل تطبيقات النقل، وقال نائب رئيس الغرفة عبداللطيف حسن حمد، لوسائل الإعلام السودانية، إن غرفة النقل هي صاحبة الحق والسلطة لتحديد من "يعمل ومن لا يعمل"، بينما النقابة مهمتها خدمية مسؤولة عن العمال "السائقين"، أما المركبات فشؤونها تتبع لأصحاب العمل وتمثلهم الغرفة بالولاية، وزاد حديث النقابة ليس له "علاقة من قريب أو بعيد بتطبيقات النقل كوسيلة مواصلات للمواطنين".
لكن جماع ممثل النقابة احتج، وأكد أن هناك نحو 300 ألف عامل على مستوى البلاد يعملون في المجال، عليهم واجبات والتزامات مالية مختلفة وغيرها، ولا بد من الدفاع عن حقوقهم، وزاد يوجد حالياً 40 تطبيقاً مسجلاً به 500 ألف عربة، ومعظمهم لديهم مهن أخرى، مبيناً أن نظام التطبيقات موجود في العالم ولديه ضوابط، بينما محلياً لا يوجد تقنين.
ويرى المحلل الاقتصادي هيثم فتحي أن الأنسب لحل الخلاف تطوير خدمات المركبات العامة وانخراطها في التكنولوجيا، وأن تسهم الدولة في دعم المركبات وتحديثها كما فعلت مع عربات النقل الكبيرة، مؤكداً في حديث لـ"العين الإخبارية" أن لخدمة المواصلات عبر تطبيقات الهاتف مزايا عديدة كونها توفر فرص عمل واسعة للشباب ولغيرهم من محدودي الدخل، وتوسع من النشاط الاقتصادي الذي يوفر للحكومة إيرادات جديدة عبر الضرائب وغيرها من الرسوم المفروضة على شركات التطبيقات.
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز