حوار الخرطوم وواشنطن.. متى يرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب؟
قطع الخرطوم العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية واستضافة محادثات سلام دولة جنوب السودان، خطوات إيجابية على طريق الحوار.
أعلنت وزارة الخارجية السودانية، أمس الجمعة، أن وزيرها الدرديري محمد أحمد سيزور الولايات المتحدة الأمريكية خلال أيام لبدء المرحلة الثانية من الحوار بين الخرطوم وواشنطن لحل بعض القضايا العالقة بين البلدين.
تلك الجولة التي يعول عليها السودان ويعمل جاهداً لإنجاز مطلوبات إدارة الرئيس دونالد ترمب لرفع اسمه من لائحة الإرهاب، بعد أن انتهت المحادثات الماضية بتخفيف الحظر الاقتصادي أكتوبر الماضي.
- جنوب السودان..المعارضة تتهم الحكومة بانتهاك وقف إطلاق النار
- السودان يرحب بالإجراءات الأمريكية تجاه الخرطوم
وبدا واضحاً أن الحكومة السودانية أعدت نفسها جيداً لخوض جولة التفاوض المنتظرة، من خلال الوفاء بمطلوبات للإدارة الأمريكية والقيام بخطوات وصفت بالجادة لإنفاذ مسارات الحوار مع واشنطن والتي تركزت في 5 مرتكزات رئيسية.
تشمل تلك المرتكزات: مكافحة الإرهاب، وقف دعم جيش الرب، وزعيمه جوزيف كوني، ودعم السلام في جنوب السودان، وتحقيق السلام في السودان، والشأن الإنساني بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق الحرب في جنوب كردفان، والنيل الأزرق، كما أضيف إليها ملفا العلاقة مع وكوريا الشمالية وحقوق الإنسان.
ومما اعتبره محللون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" خطوات إيجابية قامت بها الخرطوم، الإعلان عن قطع العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية بشكل نهائي واستضافتها لمحادثات سلام دولة جنوب السودان وما أفضت إليه من اتفاق إعلان مبادئ يمهد لسلام دائم، بجانب تحسن الوضع الأمني في إقليم دارفور غربي البلاد.
وبالرغم من ذلك، فإن مستوى تفاؤل المحللين بشأن رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب خلال المدى القريب ضعيف.
ويرى محللون استطلعت "العين الإخبارية" اراءهم أن المسألة بحاجة إلى وقت نسبة لوجود اشتراطات أخرى تتنظر التنفيذ كإكمال عملية السلام ومزيد من التحسين بملف حقوق الإنسان، فضلا عن عدم وجود ضمانات أمريكية بتجنب الدفع بمطلوبات إضافية كما ظلت تفعل في السابق.
ولكن إدارة ترامب لم تترك تنازلات الحكومة السودانية لتمر دون مواجهتها ببعض القرارات التي يفسرها خبراء بأنها جاءت لتحفيز الخرطوم على المواصلة الجدية في تنفيذ بقية المطلوبات لاسيما إكمال سلام جنوب السودان وتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
وخلال أسبوع مرَّ؛ حظيَ السودان بثلاثة قرارات هامة، اثنان منها صادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أجرى مكتب مراقبة الأصول "أوفاك" التابع للخارجية الأمريكية تعديل العقوبات المفروضة على السودان بما يتيح التبادل التجاري ويسمح باستيراد منتجات من ضمنها مواد زراعية وأجهزة طبية.
بينما صدر القرار الثالث من الأمم المتحدة والذي أزال بموجبه السودان من قائمة الدول المجندة للأطفال والمنتهكة لحقوقهم في مناطق النزاع.
فيما رفعت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي عن مكافحة الاتجار بالبشر للعام 2018 تصنيف السودان من الفئة المنتهكة لمعايير المكافحة إلى الفئة الثانية "دول المراقبة".
قرارات لاقت ترحيبا
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري السودانية، آدم محمد أحمد، إنه على الرغم من الخطوات الإيجابية التي سلكتها الخرطوم، إلا أن مسألة رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب بحاجة إلى وقت ولم تتم على وجه السرعة كما سيعتقد كثيرون.
وأضاف: "قرار تخفيف العقوبات الصادر أكتوبر الماضي، جاء بعد 10 سنوات من التفاوض".
وشدد محمد أحمد خلال تعليق لـ"العين الإخبارية" أن مؤشرات كثيرة تدعم مساعي إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، بينها رعاية سلام جنوب السودان، وقطع العلاقات مع كوريا الشمالية وقيادة صلاح قوش "رجل واشنطن" للمخابرات السودانية، وتطبيع الخرطوم مع حلف إقليمي مساند للولايات المتحدة الأمريكية.
بينما لا تزال هناك مطلوبات أمريكية عالقة برأيه، تتمثل في اضطراب الأوضاع الأمنية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وأجزاء من إقليم دارفور، بالاضافة إلى تراجع ملف حقوق الإنسان وعدم حدوث التحول الديمقراطي، فهي جميعها اشتراطات أمريكية ستأخر صدور قرار برفع السودان من قائمة الإرهاب –حسب وصفه.
ولا تبدو الرؤية بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أسامة بابكر، بأفضل حال، إذ يرى أن الإدارة الأمريكية ليس لديها سقف للتنازلات، فبالتالي ربما تطلب المزيد من الخرطوم للقيام به من أجل رفع كلي للعقوبات، وقال :"هذا الشيء سيأخر قرار إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وأضاف بابكر خلال تعليق لـ"العين الإخبارية" أن الحكومة السودانية غير مدركة للخطوات التي تقودها في الوقت الحالي نتيجة لما تواجهه من أزمة اقتصادية، مما يشتت أفكارها التفاوضية، وتابع "المشوار ما يزال طويلاً ولا يمكن التنبؤ بأن العقوبات الأمريكية المتبقية سيتم رفعها في المدى القريب".
وقال: "الخرطوم أوفت بمطلوبات كثيرة ولكن الإدارة الأمريكية ليس لها سقف، فكلما تنازلت ونفذت تضع أمامك اشتراطات جديدة ومستعدة للاستمرار معك إلى ما لا نهاية".
وبنظر المحلل السياسي السوداني، حاج حمد، فإن حكومة بلاده بحاجة إلى تغيير نهجها الحالي في التعامل مع الإدارة والانتقال من موقعها كتابع إلى شريك يمتلك أوراقا وكروت ضغط.
وتابع: "قائمة الإرهاب مفروضة بموجب قانوني سلام دارفور المجازين من الكونجرس وهو صاحب قرار إزالة اسم السودان، ولكن على النقيض تتفاوض الخرطوم مع الأجهزة الأمنية "السي آي أيه" دون الحكومة فبالتالي ستظل تابعا ينفذ بلا مقابل".
وأضاف حاج حمد لـ"العين الإخبارية": "ينبغي على الحكومة السودانية ممارسة السيادة وإقرار مبدأ التعامل بالمثل مع أمريكا إن أرادت الخروج من لائحة الإرهاب، أما الاستمرار على هذا النهج سيجعلها تنتظر طويلاً ما تتمناه".
ونصح بضرورة العمل مع اللوبيات الصهيونية والتكتلات المتعاطفة مع إقليم دارفور من أجل إكمال رفع العقوبات كلياً.