قيادي سوداني يكشف لـ«العين الإخبارية» فرص محادثات جنيف ومخاطر الإخفاق
قبل أسبوع من محادثات سودانية – سودانية، يُفترض أن تنطلق في 14 أغسطس/آب الجاري في جنيف بسويسرا، يعلق السودانيون الآمال على المفاوضات التي تمثل «الفرصة الأخيرة»، قبل انزلاق ثالث أكبر بلد أفريقي من حيث المساحة، إلى «الفوضى».
تلك الجولة المزمعة تمتلك فرصًا لم تتوفر في الجولتين السابقتين المُعلنتين في جدة والثالثة غير المُعلنة في المنامة، كون راعيها المباشر هو الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، مما يعني وجود قدرة أكبر على الضغط والتأثير على طرفي النزاع، بحسب رئيس المكتب التنفيذي لـ«التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل.
وفي يوليو/تموز الماضي، دعا بلينكن، الجيش وقوات الدعم السريع إلى مفاوضات جديدة في 14 أغسطس/آب الجاري في سويسرا، تحت رقابة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومصر، وهو ما وافقت عليه الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع.
هل تنجح؟
فيصل قال في مقابلة مع «العين الإخبارية»، إن "وجود كافة الأطراف صاحبة التأثير المباشر في الحرب ومسارها وتطوراتها (كوسطاء أو مراقبين)، فضلًا عن وصول طرفي الصراع نفسه لمرحلة الإنهاك، بعد دخول الحرب شهرها السادس عشر وظهور مشاكل جدية داخل كل طرف، عوامل قد تؤدي إلى نجاح تلك الجولة".
ليس هذا فحسب، بل إن "ظهور بوادر المجاعة والانهيار الاقتصادي الوشيك، إلى جانب المهددات الوجودية الخطيرة للبلد نفسه والمتمثلة في التدخل الخارجي والانقسام الاجتماعي غير المسبوق وانتشار السلاح بصورة كبيرة، يعد بمثابة ناقوس خطر، قد يدفع المفاوضين إلى الضغط على طرفي الأزمة لإبرام هدنة"، بحسب السياسي السوداني.
ومن بين المؤشرات التي تشير إلى إمكانية حدوث اختراق، «أجندة التفاوض المطروحة من قبل الوسيط الأمريكي والتي تعد أكثر وضوحًا، وتتمثل في: وقف إطلاق النار وتمكين وصول المساعدات الإنسانية، وتطوير آلية مُحكمة للرصد والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق»، يضيف فيصل.
ماذا سيحدث حال الفشل؟
لكن السياسي السوداني حذر من حالة فوضى شاملة إذا لم يتم وقف الحرب بسرعة، ستكون مدفوعة بمؤشرات الانهيار الاقتصادي الوشيك، والمتمثلة في التوقف شبه التام لكل القطاعات الإنتاجية وارتفاع نسبة التضخم بمعدلات غير مسبوقة وشح السلع والتدهور السريع لقيمة الجنيه في مقابل الدولار.
تعدد المنابر الإقليمية والدولية.. هل يعقد الأزمة؟
رغم تأكيده على أن «تعدد المنابر يزيد من تعقيد الأزمة»، إلا أن فيصل قال إن منبر جنيف "لن يلغي جدة بل سيكون لإكماله والبناء على ما توصل إليه"، مضيفًا: «من حيث الشكل فإن السعودية ستكون الراعي المشارك لمنبر جدة، ومن حيث الموضوع فإن الأجندة هي ذات الأجندة التي نوقشت في جدة، مع التركيز على ضرورة تطوير آلية مُحكمة للرصد والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق وهو البند الذي لم يكُن واضحًا في جولتي التفاوض بجدة».
وأضاف: «يبدو كذلك أن هناك تنسيقًا بين أمريكا والسعودية قبل إعلان المبادرة الأمريكية، لعبت الحكومة السويسرية دورًا نشطًا فيه، عبر مبعوثها الخاص للسودان».
وتابع أن: "وجود مصر التي تقف وراء آلية وساطة دول جوار السودان، والاتحاد الأفريقي الذي يمثل المظلة المتفق عليها لرعاية العملية السياسية القادمة ضمن أطرف منبر جنيف ينفي عملية تعدد المنابر"، مؤكدا أن جهود كافة الأطراف الإقليمية والدولية قد تم تجميعها في المبادرة الأمريكية».
روشتة للإنقاذ من المجاعة؟
بحسب رئيس المكتب التنفيذي لـ«التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، فإن البداية تكون من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، لتفادي تفاقم «المجاعة التي باتت أمرًا واقعًا تتحدث عنه تقارير المنظمات الدولية التي تعمل على الأرض».
وتابع: "يتوجب على المجتمع المدني السوداني بكافة أطيافه، إطلاق حملات كبيرة للتوعية بخطر المجاعة، وحث العالم على التحرك لإرسال مواد الإغاثة خصوصا للمناطق التي تواجه الخطر بصورة أكبر».
ووفق خبراء ومسؤولين في الأمم المتحدة، فإن تصنيف البلاد على أنها دولة مجاعة قد يؤدي إلى صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح الوكالات القدرة على توصيل الإغاثة عبر الحدود إلى المحتاجين.
مخاطر استمرار الحرب
يقول فيصل، إن استمرار الحرب سيؤدي إلى "دخول السودان في نفق الحرب الأهلية الشاملة والفوضى، التي باتت مؤشراتها واضحة، من انقسام اجتماعي وتصاعد خطاب الكراهية، مرورا بالقتل والتصفية والاعتقال على الهوية والانتماء الجهوي، إلى العنف المفرط المتمثل في القتل المجاني وقطع الرؤوس".
وحذر من أن "التدخل الخارجي وانتشار السلاح بصورة واسعة جدًا ودون وجود رقابة محكمة، يؤديان إلى استمرار الحرب وتوسعها".
العلاقات مع إيران
السياسي السوداني قال أيضا، إن عودة العلاقات السودانية الإيرانية "تقرأ في سياق تطور مسار الحرب في السودان وحاجة الجيش لإمداده بالسلاح"، قبل أن يضيف أنه "يمكن النظر إليها -كذلك- في إطار خطة الحركة الإسلامية الرامية لاستمرار الحرب وتطويرها لتصبح جزءاً من صراع المحاور في الإقليم".
وأوضح القيادي السوداني، أن «هدف الحركة الإسلامية هو إطالة أمد الحرب حتى يحقق الجيش نصرًا حاسمًا، مما دفعها إلى التحالف مع غريم الغرب الذي امتدت أذرعه داخل الطوق الذي يشمل اليمن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق»، مشيرًا إلى أن إيران وجدت في السودان «حليفًا مهمًا للغاية في الضفة الأخرى من البحر الأحمر».
وأضاف أن «دخول السودان كطرف في صراع المحاور في الإقليم سيطيل من أمد الحرب، وسيغري أطرافًا كثيرة بالتدخل لمجابهة الوجود الإيراني»، مشيرًا إلى أنه لا يمكن قراءة عودة العلاقات «بعيدًا عن التصعيد والتوتر الشديد الذي تشهده المنطقة والذي ينبئ بتفجر صراع قد يطول أمده في منطقة هامة للتجارة والأمن الدوليين».
وفي يوليو /تموز الماضي، تبادل السودان وإيران السفراء؛ إذ تسلم رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، أوراق اعتماد السفير الإيراني، والمفوض فوق العادة لبلاده، حسن شاه حسيني، كما ودع البرهان سفيره إلى إيران، عبد العزيز حسن صالح.
وكان السودان قطع في يناير/كانون الثاني 2016، علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين للسفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق).
وقبل قطع العلاقات بين البلدين كانت طهران مصدرا وموردا للأسلحة إلى الخرطوم منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون عسكرية ودفاعية بالإضافة إلى مشاريع مشتركة.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز