دعوات سودانية واسعة لتجفيف مصادر تمويل "الإخوان"
غالبية فلول نظام الإخوان البائد بالسودان يتمتعون بأملاكهم التي يدور حولها كثير من شبهات الفساد ما يثير قلق واستياء الشارع السوداني
دعا خبراء وفاعلون بالمشهد السياسي في السودان إلى تجفيف مصادر تمويل تنظيم الإخوان الإرهابي الذي تم عزله بثورة شعبية ملهمة أبريل/نيسان الماضي، وتصنيفه كجماعة إرهابية شديدة الخطر.
- تأجيل مفاوضات السلام السودانية ووفد من الخرطوم يزور جوبا
- مصادر: توافق على إرجاء إعلان المجلس التشريعي السوداني
وأجمع خبراء -تحدثوا لـ"العين الإخبارية" خلال مقابلات منفردة- على أن ترك نظام الإخوان البائد يتحرك برؤوس أمواله وشركاته الضخمة التي أسسها عن طريق الفساد المتراكم يشكل أكبر خطر على الحكومة الانتقالية لا سيما من الناحية الاقتصادية، كما فعل هذه التنظيم مع السلطة الديمقراطية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث أسقطها بانقلاب عسكري بعد أن أنهكها مالياً.
ولا تزال غالبية فلول النظام البائد تتحرك في عدة جبهات وتتمتع بأملاكها التي تدور حولها كثير من شبهات الفساد، وتمتلك الآف الشركات المتحكمة في القطاع الخاص، الأمر الذي أثار قلق واستياء الشارع السوداني الذي يبدو غاضباً تجاه بطء الإجراءات الخاصة باجتثات الإخوان وتجفيف منابع تمويلهم.
ومن وقت لآخر تخرج مظاهرة في مناطق متفرقة في الخرطوم، أحدثها كانت بضاحية الكلاكة جنوبي العاصمة، أمس الإثنين، تدعو إلى اجتثاث تنظيم الإخوان الإرهابي ومحاسبة رموزه على الجرائم التي ارتكبوها خلال 3 عقود قضوها في السلطة.
قوانين تتبع الأموال
ويرى المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم أن المدخل السليم لتجفيف مصادر تمويل الإخوان يبدأ بفتح ملفات الفساد الكبرى، وسن قوانين جديدة تتيح التحقق من مصادر أموال كل منتسبي النظام السابق والشركات والمؤسسات المالية المحسوبة على النظام البائد.
وقال: "الأمر المقلق حقا أن النظام البائد استخدم نفوذه وخلق اقتصاد قطاع خاص موازيا لاقتصاد الدولة، حيث أسس آلاف الشركات والمؤسسات المالية وسجلها بأسماء أشخاص آخرين غير بارزين في التنظيم، وبهذه الوضعية من الصعب السيطرة على هذه الأموال، لأن التشريعات الحالية تسمح لهم بالعمل كرجال أعمال ويفلتون من العقاب، ما يستوجب سن قوانين تتبع الأموال ومصدر الحصول عليها".
وأضاف: "هذا الأمر يشكل خطرا على الحكومة الانتقالية، لأن هذه الأموال تستخدم حاليا في المضاربات بسوق النقد الأجنبي، ما أدى إلى مزيد من تراجع قيمة الجنيه السوداني، كما تستخدم في سوق المحاصيل الزراعية الذي يهدد بفقدان الدولة للصادرات الزراعية لصالح الإخوان الذين لا يعيدون حصائلها بالنقد الأجنبي".
وتابع: "الحركة الإسلامية الإخوانية لها أموال ضخمة وتمويل يأتيها من الخارج، ولا تزال إجراءات السيطرة على هذا التنظيم ضعيفة، ويجب على وزارة التجارة إصدار مزيد من القرارات التي تتيح تتبع حركة الأموال بالأسواق".
وبعد مضي نحو 8 أشهر من إنهاء حكم البشير، لا تزال الملاحقة القانونية لعناصر نظامه المتورطين في جرائم الفساد متواضعة، بحسب دوائر سودانية، إذ يقبع أقل من 24 عنصر اً فقط من النظام المعزول في السجن وليس جميعهم بسبب الفساد المالي، الذي استشرى بكثافة خلال سنوات حكم الإخوان الإرهابي البالغة 3 عقود.
ولم تشهد المحاكم السودانية حتى الآن مثول أي قيادي بالنظام السابق أمامها في جريمة فساد مالي، باستثناء الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي تجري محاكمته حالياً بتهمة حيازة غير مشروعة للنقد الأجنبي والوطني، وذلك على خلفية ضبط 350 ألف دولار و5 ملايين يورو و6 ملايين جنيه سودني بمقر إقامته بعد عزله يوم 11 أبريل/نيسان الماضي.
حظر الإخوان أولوية المرحلة
وشدد المحلل السياسي السوداني المقيم في القاهرة عبدالواحد إبراهيم على ضرورة أن تضع الحكومة الانتقالية مسألة التحقيق في أموال تنظيم الإخوان الإرهابية وتجفيف منابعها في سلم أولوياتها، فهي إلى جانب كونها رغبة شعبية تشكل تهديدا حقيقيا لمكتسبات الثورة الشعبية.
وأكد إبراهيم أن "نظام الإخوان الإرهابي يقف حاليا كعدو للشعب السوداني، ويجب أن تواجهه الحكومة الانتقالية بالحجب والحظر والإلغاء من الحياة السياسية إلى الأبد، كما ينبغي أن يبدأ المجلس التشريعي المرتقب جدول أعماله بسن قانون يصنف الحركة الإسلامية الإخوانية كجماعة إرهابية عالية الخطر".
وأشار إلى أن "هذه الثورة مسنودة بوعي جماهيري، فلا ينبغي ترك النظام الإرهابي البائد يتمدد ويحاول العودة مجدداً، فهو مقبور وبلا أي أمل في إيجاد موطئ قدم في المشهد السياسي السوداني خلال المستقبل القريب أو البعيد".
ويخشى الأكاديمي السوداني الدكتور عبداللطيف محمد سعيد أن "يكرر تنظيم الإخوان السيناريو الذي فعله مع حكومة الصادق المهدي الديمقراطية عندما عملوا على تعريتها اقتصادياً وإسقاطها بانقلاب عسكري في عام 1989م، بعد أن عمت حالة الفوضى والانفلات الأمني نتيجة للتدهور المعيشي وانعدام بعض السلع الاستهلاكية".
وشدد على ضرورة أن تتعظ الحكومة الانتقالية من تجارب الماضي وتتعامل بحسم ثوري مع النظام البائد وتجفف مصادر تمويله وتحاسب عناصره المتورطة في جرائم فساد مالي، حيث لا يعقل أن تشهد المحاكم السودانية إلى الآن فقط محاكمة الرئيس المخلوع.
ولفت إلى أن "التساهل في حسم فوضى النظام البائد، واتخاذ إجراءات فعلية لفرض هيبة الدولة وإقامة العدل على كل مجرم، سيقود إلى نتائج غير إيجابية، وستهزم مشروع التغيير السياسي في البلاد".
aXA6IDE4LjExOS4xNjcuMTg5IA== جزيرة ام اند امز