"التنافس على إفطار الصائمين".. تقليد سوداني يربح معركة البقاء
رغم الأزمة المعيشية الحادة، يستمر السودانيون في تنافسهم المحموم من أجل إفطار الصائمين برمضان، في تقليدٍ صمد لعقود.
ومع اقتراب مغيب الشمس يصطف الأشخاص بقارعة الطرق المرورية على هيئة حواجز بشرية، ويطلبون من المارة بإصرار شديد التوقف وتناول الإفطار الرمضاني بمعيتهم.
ويحتدم التنافس بين السكان، إذ يسعى كل واحد منهم للحصول على أكبر عدد من المارة لتناول الإفطار الرمضاني من مائدته طلبا للأجر والثواب، وحفاظاً على هذه العادة الموروثة.
ويقوم بهذه العادة بكثرة أهالي القرى والمدن المحاذية للطرق السفرية الرابطة بين الولايات السودانية، كما لا تخلو العاصمة الخرطوم نفسها من هذه المشاهد على مدار شهر رمضان المعظم.
ويستخدم السكان شتى الوسائل لإقناع المارة بتناول الإفطار معهم، ويلجأون إلى أساليب تسبب مخاطر في كثير من الأحيان بعدما يضعون أنفسهم كحواجز بشرية أمام السيارات المسرعة على طرق المرور السريع، وفي أحيان أخرى يغلقون الشارع باستخدام "العمامة".
ومع تراجع كثير من التقاليد السودانية الرمضانية بسبب الضائقة الاقتصادية الطاحنة وجائحة كورونا، بدت عادة التنافس على إفطار الصائمين صامدة وظل الأهالي يتسابقون نحو المارة ويجتهدون في تقديم أشهى الأطعمة على مائدة الإفطار التي يقدمونها للضيوف.
ويقول الحاج عبدالله، وهو أحد سكان قرى ولاية الجزيرة بوسط السودان، لـ"العين الإخبارية"، إن التسابق نحو إفطار الصائمين في شهر رمضان يعد واحدا من ضروب الكرم السوداني المتوارث منذ القدم وستستمر مهما كانت ضائقة المعاش.
وأضاف: "اعتدنا على إيقاف المارة في الطرقات منذ صغرنا ومازلنا نوصي أبناءنا وننصحهم بعدم التخلي عن هذه العادة النبيلة".
وأشار إلى أن العديد من القرى المجاورة تتمسك بهذه العادات، وأن الضيف الذي لم يتوقف عندهم سيقابله أقرانهم في البلدة التي تليهم بوسائل أكثر إقناعاً.
ويرى الناشط بمنظمات المجتمع المدني محمد الطيب أن القيمة الوحيدة التي يجب أن يناضل لأجلها أهل بلاده هي الكرم الموروث، مؤكدا أن من الطبيعي وجود هذه المشاهد التي تملأ الطرقات والساحات خلال شهر الصوم.
وقال الطيب لـ"العين الإخبارية": "لم يكن الصائمون وحدهم يستفيدون من الإفطارات الرمضانية، فتمثل الموائد الجماعية فرصة لإطعام الأطفال فاقدي السند والذين يظلون طوال العام يعيشون على خشاش الأرض".
وأضاف: "بفضل استمرار هذه التقاليد التكافلية في بلادنا سأكون مطمئناً أنه لن يجوع أحد طوال شهر رمضان المعظم"، مشدداً على ضرورة إحياء قيمة التكافل حتى بعد انقضاء رمضان.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjYwIA== جزيرة ام اند امز