أول أيام السوداني في القصر الحكومي.. الداخل العراقي أولا
يمضي محمد شياع السوداني أول يوم له في القصر الحكومي رئيساً للوزراء، إذ سبقته مراسيم استلام مهامه من خلفه السابق مصطفى الكاظمي.
وعند اجتماع وزاري مع كابينته الحكومية، يشهر رئيس الوزراء العراقي الجديد عن برامجه وأهدافه في إدارة المهام التنفيذية لتسيير أمور البلاد خلال الحقبة المقبلة، وسط تحديات كبيرة توارثها العراق خلال العقدين من بينها الفساد والسلاح المنفلت وأزمات أخرى يتقدمها الفقر والبطالة وأزمة السكن.
وكان السوداني قد طرح، خلال برنامجه الوزاري الذي صوّت عليه في مجلس النواب العراقي، محاور عدة تتضمن معالجات ورؤى في تحسين الاقتصاد وآليات التحول من النظام الريعي وكذلك خطط وآليات لمواجهة الفساد المستشري في البلاد.
ويأتي وصول السوداني إلى رئاسة الوزراء كأول شخصية تتسلم ذلك المنصب من أبناء الداخل دون أن يحمل جنسية مزدوجة، وكذلك هو الأقل عمراً بين الذين سبقوه في إدارة الحكم ما بعد 2003.
ويخطو السوداني نحو برامج رئيسية أعلن عنها خلال مهام التكليف من قبل رئيس الجمهورية وإبان التصويت على حكومته أمس في التركيز على المشكلات الداخلية والمحلية بشكل أكبر من الانشغال بترتيب العلاقات الخارجية وطبيعة بوصلة البلاد خلال المرحلة المقبلة.
وتنتظر السوداني مهام معقدة ومتراكبة قد يصعب الانتهاء من وضع الحلول لها خلال أمد رئاسته بحسب خبراء ومراقبين، ولكن ذلك لا ينزع عنه القدرة في وضع العربة على المسار الصحيح.
إعادة الثقة
الأكاديمي والمحلل السياسي، إياد العنبر، يشير إلى أن "التحدي الكبير الذي سيكون في مواجهته محمد السوداني هو عملية إجراء التوازن ما بين ما يطمح إليه الشارع ورغبات القوى السياسية التي تقف وراء وصوله إلى رئاسة الوزراء".
ويضيف العنبر، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه "كذلك سيقع على عاتق رئيس الوزراء الجديد مهمة إعادة ثقة الشارع بالطبقة السياسية مجدداً بعد إخفاقها في تقديم الخدمات والبناء المؤسساتي طيلة الحكومات المتعاقبة".
وتنهي حكومة السوداني بتسمية كابنيته الوزارية، أزمة سياسية خانقة عاشتها البلاد طوال عام هددت تداعياتها في ضرب السلم الأهلي وعصفت بالعراق إلى مسارات خطيرة.
وانبثقت الحكومة الحالية عن ائتلاف جاء تحت اسم "إدارة الدولة"، ضم قوى الإطار التنسيقي (القوى الشيعية باستثناء الصدر)، وتحالف السيادة وعزم (القوى السنية)، والحزب الديمقراطي الكردستاني، يقابل ذلك اعتراض من قبل أطراف سياسية بينها الصدر وقوى احتجاجية.
وتشكل المحاصصة والتوافق نظام توزيع الحقائب الوزارية بين القوى المتقاسمة للنظام السياسي الحالي، وهو ما يشكل موضع اعتراض وجدل من قبل الأوساط الاحتجاجية والشعبية ممن يرفضون العودة إلى آليات المحاصصة التي أورثت البلاد الكثير من الأزمات وبددت ثرواته.
يوضح العنبر، أنه "من الناحية العملية التي جاءت وفقها حكومة محمد شياع، لا تبشر بشيء مختلف عن سابقاتها كونها بنيت بنفس الآليات السابقة التي اعتمدت تقاسم القوى السياسية للمناصب الوزارية، وبالتالي ستحاول تلك الأطراف استثمار تلك المواقع بشكل أكبر كلما تقادمت الأيام".
ويلفت إلى أن "السوداني ولأجل الخلاص من شرنقة المحاصصة يحاول الانطلاق من مجلس الوزراء دون تسليط الاهتمام على نوع وشخصية الوزراء، حيث يعتمد على ما يعرف بالدوائر الذهبية من خلال إدارة السلطة التنفيذية من الأعلى وبشكل مباشر".
اختبار حقيقي
من جانبه، يقول المحلل السياسي، علي الكاتب، أن "احتجاجات أكتوبر في خريف 2019، هي من حملت السوداني للوصول إلى السلطة رغم اعتراض الشارع الجماهيري على آلية بناء الحكومة، وبالتالي فإنها أمام تمثيل إرادات غاضبة واحتياجات ملحة دفعوا من أجلها دماء وتضحيات كبيرة".
ويضيف الكاتب لـ"العين الإخبارية"، أن "السوداني اليوم أمام اختبار حقيقي غير قابل للمجاملة والمراهنة على الوقت الطويل، كون الأزمات التي تقف في طريق البلاد باتت وجودية تتعلق ببقاء الدولة من عدمها بينها أزمة الجفاف والتنمية والحصانة السيادية".