وزيرة العمل السودانية لـ"العين الإخبارية": الإخوان قهروا المرأة بقوانين قمعية
من على شرفة مكتبها في الخرطوم، تنظر وزيرة العمل السودانية تيسير النوراني بفخر لما حققته المرأة في بلادها.
ومع احتفائها بالإنجاز النسائي ببلادها، وفي ذكرى اليوم بالعالمي للمرأة، الذي يوافق الإثنين، 8 مارس/آذار، تستدعي تيسير النوراني، وهي سياسية وحقوقية مخضرمة ما يدور بمخيلتها من قهر لاقته السودانيات في عهد حكم الإخوان المعزول، كيف وقفن بصلابة في مواجهة القوانين القمعية.
ورغم إشادتها بهذا التقدم، ترى النوراني في حوارها مع "العين الإخبارية" أن ما تحقق في مسألة تمكين المرأة السودانية ما زال دون الطموح ويمثل "قطرة في محيط" مقارنة بكفاحها وحجم التضحيات التي قدمته.
وشهدت فترة العامين التي أعقبت التغيير السياسي في السودان استرداد كثير من الحقوق المسلوبة من النساء، كإلغاء القوانين المقيدة لحريتهن كتشريع النظام العام سيئ السمعة، وحذف مواد بقانون الأحوال الشخصية تمنع المرأة من اصطحاب أبنائها للخارج دون موافقة الزوج.
إلى جانب ذلك جرى توسيع المشاركة السياسية للنساء، ليمثل نحو 7 سيدات في مستويات رفيعة في السلطة الانتقالية في مجلس السيادة وحقائب وزارية كانت إحداها من نصيب نسير النوراني، إضافة لمنصب رئاسة القضاء وزارة الخارجية آلت للمرأة في تقدم غير مسبوق.
وتحدثت النوراني خلال المقابلة عن تجربتها السياسية كواحدة من الرائدات في حقوق المرأة ونضالات نساء السودان، وما يستوجب فعله لمزيد من تمكين المرأة في بلادها.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
حدثينا عن تجربتك التي وصلت بك إلى منصب أهم وزارة اجتماعية؟
في البدء نحيي شهداء الثورة السودانية، وكامل التضامن مع الجرحى والمصابين والأمل بعودة المفقودين. بالتأكيد أي إنسان لديه تجربة عمل عام خلال الفترة الماضية. أنتمي لحزب البعث منذ عام ١٩٨٧ وفي ذلك الوقت كنت في جامعة القاهرة بالخرطوم.
منذ ذلك الوقت بدأت في العمل العام بمختلف أشكاله السياسية والاجتماعية التي كانت أصعب الأيام منذ عام 1989، خاصة عقب صعود نظام الإخوان الفاشي، كان كل همه قهر النساء وإذلالهن والضغط عليهن بغرض السيطرة على المجتمع.
العقود الـ3 الماضية كانت عصيبة على واقع النساء في القوانين التي كانت كلها مشوهة وظالمة للمرأة في مسألة المشاركة السياسية، والتي كانت مجرد ديكور يفعلها حزب المعزول عمر البشير الحاكم مع النساء المنتميات إليه، فضلاً عن محاصرتهن.
حدثينا عن أشكال التضييق التي مارسها نظام البشير بحق النساء؟
هناك مجموعة من النساء تمت مضايقتهن وإذلالهن بقانون النظام العام سيئ السمعة؛ مثل تجربة الصحفية الشهيرة لبنى أحمد حسين، إضافة لفتيات أخريات في الجامعات والأماكن العامة تم قهرهن.
كل التجارب تدل على أن القوانين الجائرة وتحديدا قانون النظام العام الذي وضعه الإخوان لقهر النساء، وهذه التجربة تم الإنصات إليها وساهمت في توطيد وزيادة وعي النساء وحماية أنفسهم عن طريق الأجسام النسوية المختلفة من أجل التضامن والدعم.
لقد ظهرت مجموعات نسوية كثيرة مختلفة منها السياسية والمدنية، بينها مجموعة "منسم" التي تضم عددا كبيرا من النساء من انتماءات مختلفة، أيضا مبادرة "لا لقهر النساء" التي تهتم بإلغاء القوانين القمعية والتوعية وسط النساء، وحملات التضامن للنساء اللاتي يخضعن لضغوط القوانين المختلفة، أيضا هناك مجموعات نسوية سياسية منها تحالف النساء السياسيات، والاتحاد النسائي، واتحاد النساء الديمقراطي.
هل كل المبادرات النسوية كان اهتمامها التضامن مع قضايا النوع؟
نعم، المبادرات كثيرة وأغلبها تعمل من أجل التضامن وخلق بيئة صديقة موازية للنساء في السودان، والتجارب خلال الـ30 عاما أعطتنا فرصة لتأهيل أنفسنا للمساهمة، وتحديدا في منظمات المجتمع المدني السودانية التي شاركت بصورة كبيرة في رفع قدرات النساء السياسية، والمدنية، بالتدريب وبالمواقف التضامنية والمناصرة لإلغاء القوانين المقيدة للحريات، كلها خلقت بيئة وأرضية صلبة لمشاركة فاعلة للنساء في العمل العام والسياسي.
كيف تنظرين لمستوى مشاركة المرأة في السلطة الانتقالية؟
أعتقد أنها قطرة في محيط، لأن مشاركة النساء يجب أن تكون بفاعلية أكثر من ذلك، فمنح المرأة 4 حقائب وزارية فقط في حكومة الثورة يعد رقما ضئيلا، يجب تفعيل مشاركة النساء بمستوى فيه عدالة كبيرة إلى أن نصل المساواة المنشودة التي نحلم بها.
نحن نطالب بتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية بإعطاء النساء 40% من مقاعد المجلس التشريعي ومن ثم نواصل الضغط للوصول إلى المشاركة الفاعلة بمناصفة السلطة مع الرجال.
كيف ترين أوضاع النساء الآن في السودان، خاصة أنك تتولين ملفات لها علاقة بالمسائل الاجتماعية والنوع؟
أوضاع النساء السودانيات بها كثير من المشاكل خاصة الموجودات في مناطق النزاعات فهن يعانين ظروفا صعبة، لكن أعتقد أن هناك فرصة كبيرة، خاصة وأنهن استطعن من خلال الوثيقة الدستورية لتنفيذ القرار ١٣٢٥، والذي يتحدث عن أوضاع النساء في مناطق النزاعات وكيفية مشاركتهن في العمل السياسي من إثراء ونشر ثقافة السلام في مناطقهن.
هناك فرصة كبيرة أن يشاركن في العمل العام، خاصة في مناطق النزاعات، أما في المناطق التي لا تعاني، فنحن في حاجة لمشاركة أكثر لعمل النساء في كافة المجالات، وفي اعتقادي أن مشاركة النساء في العمل السياسي ما زال ضعيفا، ويحتاج لمجهود كبير حتى يستطعن الوصول لمراكز القرار والسلطة.
توجد مطالبات من النساء بتمثيل أكبر، فهل تجد السند والدعم منكم؟
هذه المطالب مشروعة جدا وندعمها ونحن مشاركون في مشروعات مختلفة سواء كان تنظيما أو عبر مبادرات "حقنا كامل"، أو "الحارسات" فلهن مجهود في مشاركة النساء في العمل السياسي، ونحن ندعم هذه المبادرات، والوقوف خلفها والمشاركة فيها.
ما تقييمك لمشاركة المرأة سياسيا خاصة بعد التغيير وبسط الحريات؟
الحريات باب كبير ومريح جدا ويفتح الباب للمشاركات، وفي الماضي قد تكون التخوفات الأمنية، وتخوف الأسر من الاعتقالات والضغوط المختلفة يقلل من مشاركة النساء، ولكن بعد الحريات فالأبواب مفتوحة للانتماء للأحزاب السياسية وتدعمها وتقف معها عبر منظمات المجتمع المدني، والمجموعات الشبابية والنسائية المختلفة من أجل دعم الحراك السياسي.
ما الخطوات المطلوبة لتمكين المرأة في السودان؟
في الأساس القوانين، يجب أن تكون القوانين كلها صديقة للنساء وتضع في بالها قضايا النوع الاجتماعي، بجانب إلغاء قوانين ليس بها أي تمييز سلبي تجاه النساء في مختلف المجالات، ثانيا، التوعية والبرامج الثقافية المختلفة والأدوار الحقيقية للمؤسسات الإعلامية في تهيأة الواقع بمشاركة النساء بشكل أكبر.
ما رسالتك للنساء في السودان والعالم العربي في اليوم العالمي للمرأة؟
في اليوم العالمي للمرأة أعلن تضامني مع كل النساء في ظل جائحة كورونا من خلال الوقفة الكبيرة والقدرة الموائمة مع الواقع الجديد بعد كوفيد١٩، والإسهام في دعم المرضى والأسر والعالم في الوطن العربي والسودان.
أيضا أمامنا رسالة كبيرة جدا للنساء في السودان بأن يتوحدن في رؤيتهن والبرامج في الحد الأدنى الذي يجمع بينهن ليكون لديهن تصور واحد لكيفية مشاركتهن ومساهمتهن في العمل العام.