لما وقع حادث تدمير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر العام 2001 ومات وجُرح فيه الآلاف، أصبح من الصعب حتى الآن إثبات ان دولة ما هي المسؤولة عن ذلك العمل الإرهابي، حتى بعد سنوات من التقاضي، أسر الضحايا رفعت قضايا ضد السعودية في العام 2003 وح
لما وقع حادث تدمير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر العام 2001 ومات وجُرح فيه الآلاف، أصبح من الصعب حتى الآن إثبات ان دولة ما هي المسؤولة عن ذلك العمل الإرهابي، حتى بعد سنوات من التقاضي، أسر الضحايا رفعت قضايا ضد السعودية في العام 2003 وحملتها المسؤولية، وكانت إجراءات التقاضي تؤجل لأن للسعودية حصانة قضائية، وهناك مرحلة الاستئناف لقضاياهم، وفي الاستئناف مطلوب من الشهود والخبراء تقديم شهادات ووثائق، ويبدو ان من الصعب على المتضررين حصر الضرر، وفي شهر مايو الماضي أقر مجلس الشيوخ الأميركي تشريعاً يسمح بمقاضاة دول وحكومات أجنبية على خلفية هجمات 11 سبتمبر يسمى “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب “فمارس الرئيس اوباما حق النقض ضده يوم 23 سبتمبر الماضي قائلاً: “إن القانون المذكور يضر بالمصالح الأميركية ويقوض مبدأ الحصانة السيادية”، لكن الكونغرس بمجلسيه تجاهل فيتو الرئيس ووافق على مشروع القانون.
تحليلنا مبني على قراءة لخبراء في القانون فنحن لانلقي الكلام على عواهنه، فمن الملاحظ ان كثيراً من المحامين وأساتذة القانون أجمعوا على ان السعودية غير مسؤولة عن الحادث، فيقول كورتيس برادلي، أستاذ القانون الدولي بجامعة “ديوك” البريطانية: “ان الحادث لايقدم براهين كافية بمسؤولية السعودية”، ان اللجنة الأميركية المستقلة التي حققت بهجوم 11 سبتمبر لم تجد دليلاً على ان الحكومة السعودية أو أيا من مسؤوليها قد قدم التمويل للإرهابيين مرتكبي الحادث، إن أسر الضحايا عليهم تقديم أدلة تثبت ان الدولة الأجنبية”تعمدت أو وفرت الموارد المادية لجماعات إرهابية معينة بقصد ارتكاب أعمال إرهابية على الأرض الأميركية، ويقول جيمي غورول، الخبير في قانون الإجرام الدولي بجامعة “نوتردام”: ان “وجود الضرر يتطلب من المدعين ان يثبتوا بالبراهين دعم تلك الدولة الأجنبية للعمل الإرهابي، وهي عملية صعبة بالنسبة لحادث 11 سبتمبر لأن اللجنة المستقلة المختصة لهذا الحادث لم تجد أدلة كافية بتورط السعودية، حتى بإدعاء “القاعدة” مسؤوليتها عن الهجوم وانضمام سعوديين لها، ويعتقد خبراء قانونيون آخرون مثل ستيفن فلاديك، من جامعة كلية القانون بجامعة تكساس، وجاك غولدسميث من كلية القانون بجامعة “هارفارد” ان “هذا القانون لن يحقق أهدافه”.
ترى الإدارة الاميركية ان هذا القانون قد تترتب عليه إجراءات انتقامية من الدول الأخرى، وحذر الاتحاد الأوروبي بتصريح مماثل، وان مامن دولة أكثر ارتباطاً بالعالم مثل أميركا فلها قواعد عسكرية منتشرة بدول العالم، وطائرات بدون طيار، ومهمات الاستخبارات، وبرامج للتدريب، وبالتالي فان إدارة اوباما تخشى ان يتعرض الأميركيون للدعاوى القضائية في الخارج، فمثلا ضرب الرئيس اوباما مثالا عن مقاضاة الدول الأخرى لأميركا فقال: “لنتخيل ان قوات اميركية كانت بصدد تقديم إغاثة للفليبين بعد كارثة طبيعية وتعرضت لحادث سير فقامت سلطاتها بحجز القوات المذكورة والمثول أمام القضاء الفيليبيني”، وهكذا فان هذا القانون يتعارض مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها، وهو مبدأ ثابت في القوانين والأعراف الدولية، أما دول الخليج فأعربت عن أملها بألا تعتمد الولايات المتحدة هذا التشريع، الذي سوف يؤسس في حال اعتماده والعمل به سابقة خطيرة في العلاقات الدولية.
هذا ويعتقد بعض خبراء القانون الأميركي ان الكونغرس قد يقوم بتعديل قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” بعد انتخابات الرئاسة الأميركية في شهر نوفمبر المقبل.
نقلًا عن صحيفة السياسة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة