بنوك تعاني وخزائن في البيوت.. لبنان "الميؤوس منه"
في تناقض شعبي يجعل لبنان ينزلق نحو طريق الميؤوس منه، تشهد أرجاء البلاد حالة من الاكتناز الممنهج للعملة في البيوت بعيدا عن البنوك.
وقدر خبراء لبنانيون حجم الأموال المخزنة في البيوت بنحو 10 مليارات دولار، وذلك لمقاومة أية إجراءات قد تصدر من المصرف المركزي.
كما زاد هلع اللبنانيين لادخار الدولارات في البيوت عقب تسريب أنباء عن قرب عملية مالية لتعويم الليرة، بفعل أزمة الدولار المشتعلة في أرجاء لبنان.
- الفساد وحزب الله يقودان لبنان إلى نفق المجاعة.. 6 أشهر على نهاية الدعم
- حاكم مصرف لبنان يكشف حقيقة علاقته بحزب الله ويسلم الحسابات للتدقيق الجنائي
تعويم الليرة
وأثار رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي تكهنات عديدة عن مستقبل الليرة بعد تصريحات مثيرة عن احتمالية التعويم.
وفي مقابلة مع فرانس 24 قال سلامة إن "عهد الربط بالدولار انتهى" مؤكدا أن الأمر معتمد على مفاوضات مع الصندوق.
وانتهاء الربط بالليرة يعني أنه لن يعود هناك سعر ثابت لليرة مقابل الدولار، وبالتالي "التعويم" عمليا بأسعار متأرجحة وفقا للعرض والطلب في السوق.
وحسب تجار في لبنان ارتفع الإقبال على شراء الخزائن الشخصية بنسبة تجاوزت الـ50% عن أعوام سابقة.
وقال الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، إن هناك تهافتا بالفعل على تخزين العملة في المنازل بلبنان ومنها قسم كبير بالدولار والآخر بالليرة اللبنانية.
الكتلة النقدية
أضاف أن هناك كتلة نقدية في السوق تقدر بـ24 تريليون ليرة لبنانية منها قسم في المنازل يدخل في مجموع المبلغ العام المذكور سابقا 10 مليارات دولار، بوفق صحيفة الشرق الأوسط.
وأشار عجاقة إلى أنه وللمرة الأولى في تاريخ لبنان يكون حجم الكتلة النقدية الموجودة في المنازل والشركات كبيراً إلى هذا الحد، إذ عادة لا تتخطى نسبة 1 إلى 2 في المائة من قيمة حجم الأعمال للشركات، أي أنها لا تتجاوز تقديريا، إذ يصعب تحديدها بشكل دقيق، الـ3 مليارات دولار كحد أقصى.
وزادت نسبة تأمين خزانات الأموال في الشركات والمنازل العام الماضي 50 في المائة مقارنة بالعام 2019، فضلا عن ارتفاع القيمة المؤمن عليها ما بين 4 و5 أضعاف حسب ما يوضح رئيس جمعية شركات الضمان الخاصة في لبنان إيلي طربيه.
وكانت المصارف فرضت خلال العام الماضي على المودعين قيودا على السحوبات بالليرة اللبنانية وأوقفت سحوبات الدولار كما منعت التحويلات بالعملات الأجنبية عبر قرارات أصدرها مصرف لبنان على مراحل، ما دفع اللبنانيين إلى ادخار أموالهم في منازلهم.
خزائن الشركات
وتستحوذ خزائن الشركات على الحصة الأكبر بسوق التأمين والحراسة لأن تأمين خزائن المنازل مشروط بأن يكون المؤمن معروفا عند شركة التأمين ولديه نوع آخر من عقود التأمين عندها، فضلا عن أن يكون المبلغ المخزن يتراوح بين 25 إلى 100 ألف دولار كحد أقصى.
كما شهد لبنان الفترة الأخيرة ازديادا كبيرا في معدلات السرقة التي ارتفعت نسبتها 58% في العام الماضي مقارنة بالعام 2019، وأن نسبة كبيرة من هذه السرقات طالت المنازل، وشهد العام 2020 معدل سرقات هو الأعلى منذ العام 2015.
وكانت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) كشفت حديثا عن تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان لتصل إلى 55% عام 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها، وذلك بعدما فقدت الليرة اللبنانية حوالي 80% من قيمتها.
أسوأ أزمة
وأدت أسوأ أزمة في لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بين عامي 1975 و1990 إلى انهيار العملة وارتفاع حاد للتضخم.
ويكابد لبنان أزمة اقتصادية ومالية عميقة تسببت في تضرر عملته وانتشار الفقر و تعثر في سداد دين سيادي.
ويحتاج لبنان إلى نحو 93 مليار دولار لإنقاذ اقتصاده، وفق تقرير معهد الدفاع عن الديمقراطية الأمريكي، فيما تواصل الليرة اللبنانية انهيارها أمام الدولار الأمريكي.
وبلغ معدل التضخم في لبنان 500% على أساس سنوي، وأكثر من 125% على أساس شهري.
فيما بلغ مجموع الدين العام في لبنان حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، 90 مليار دولار، ليشكل 170% من الناتج المحلي، وتزامن ذلك مع البطالة وغلاء المعيشة وتدني مستوى البنى التحتية.
محادثات صندوق النقد
وتوقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي في العام الماضي عندما أخفق مسؤولو الحكومة والمصرفيون والأحزاب السياسية بلبنان في التوافق حول حجم الخسائر في النظام المالي ومن يتحملها.
وقال صندوق النقد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إنه ملتزم بمساعدة لبنان، لكن البلاد بحاجة إلى إطار مالي متماسك وإستراتيجية يمكن الاعتماد عليها لإصلاح نظامها المصرفي.
فيما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار في احتياطيات متبقية للدعم لستة أشهر أخرى، بينما يثير انهيار مالي في البلاد مخاوف من تزايد الجوع.