قمة الحكومات.. خبراء يؤكدون أهمية التحول إلى الاقتصاد الرقمي بالمنطقة
التحول الرقمي يساعد في إحداث تغييرات إيجابية عميقة في تنظيم وتشكيل الاقتصاد العربي والإقليمي والعالمي.
أجمع خبراء المال والمصارف والاقتصاد المشاركون في جلسة "الاستثمار في الاقتصاد الرقمي: مقاربة جديدة للصناديق التنموية"، التي نظمتها وزارة المالية الإماراتية بالتعاون مع صندوق النقد العربي، على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات، على أهمية تسريع وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الرقمي في المنطقة، باعتبار أن "الرقمنة" أصبحت مساراً إجبارياً وليس توجهاً اختيارياً.
ومن شأن هذا التحول الرقمي المساعدة في إحداث تغييرات إيجابية عميقة في تنظيم وتشكيل الاقتصاد العربي والإقليمي والعالمي وتحفيزه نحو التطور والمعاونة على إنجاز المهام بأقل وقت ومجهود ممكن.
- قمة الحكومات ترسم خارطة الإبداع للشباب
- على هامش قمة الحكومات.. "منتدى أستانا" يناقش تحسين الخدمات الحكومية
شارك في الجلسة النقاشية عبيد بن حميد الطاير، وزير الدولة للشؤون المالية بالإمارات، وأدارها الدكتور عبدالرحمن الحميدي، مدير عام صندوق النقد العربي، وتحدث خلالها كل من الدكتور فهد عبدالله المبارك، وزير دولة وأمين عام الأمانة السعودية في مجموعة العشرين، وجين لي تشون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وفريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومحمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، والدكتور عبدالحكيم الواعر، مستشار رئيس البنك الإسلامي للتنمية، بحضور مجموعة من الخبراء والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص المشاركين في فعاليات القمة.
وناقشت الجلسة مجموعة من المحاور الأساسية شملت دور الصناديق التنموية في توفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الرقمي، من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص وتعزيز مساهمة أسواق المال، للمساهمة في توفير الوظائف لملايين الشباب حول العالم، كما بحثت الجلسة سبل تعزيز التنسيق الاستراتيجي وتوافق البرامج بين عمل الصناديق التنموية الإقليمية والدولية بما يسهم في دعم الاقتصادات الوطنية.
وقال عبيد الطاير، وزير الدولة للشؤون المالية بالإمارات، إن الاستثمار في الاقتصاد الرقمي يوفر للدول إمكانيات واسعة للنمو وتعزيز التنافسية، في حين أصبحت التكنولوجيا الرقمية عنصراً أساسياً في مسيرة التنمية المستدامة حول العالم، ومن هذا المنطلق فمن الضروري التباحث حول الكيفية التي يمكن من خلالها للصناديق التنموية المساهمة في توفير التمويل اللازم لتسريع التحول للاقتصاد الرقمي، وذلك عبر دعم الشراكات المثمرة بين القطاعين العام والخاص بما يسهم في تخفيف حجم الأعباء المالية عن موازنة الدول.
وأضاف الطاير: "تلتزم وزارة المالية الإماراتية باعتماد أفضل الممارسات في مجال إدارة المالية العامة، بهدف توفير موارد مالية مستدامة للميزانية العامة للاتحاد. وبناء على ذلك، تحرص الوزارة على التعاون مع مختلف المؤسسات والهيئات والصناديق التنموية الإقليمية والدولية، لبناء شراكات فعالة وإطلاق مبادرات شاملة تسهم في تسريع عملية التحول الرقمي مع الحفاظ على استقرار واستدامة الموارد المالية الحكومية".
وأكد المتحدثون خلال الجلسة النقاشية أن عملية رقمنة الاقتصاد من شأنها المساهمة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة في المنطقة، شريطة تطبيق سياسات مبتكرة لإنشاء بنية تحتية رقمية لتطوير الاقتصاد بجميع قطاعاته وهياكله بهدف بناء قدرات إنتاجية تناسب الاقتصاد الرقمي الجديد عبر تعبئة الموارد اللازمة، لسد احتياجات البنية التحتية الرقمية اللازمة، وتكوين المهارات والكفاءات الرقمية للمؤسسات والأفراد مع الارتقاء بسياسات الابتكار التكنولوجي والإبداع الرقمي.
واعتبر الخبراء أن التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية أصبح خياراً استراتيجياً لاقتصاديات المنطقة التي تسعى إلى تطوير قطاعاتها الاقتصادية المختلفة، سواء في مجالات البيع والشراء والتصدير والاستيراد، والدفع من خلال الإنترنت أو غيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وأكدت الجلسة أن عملية الرقمنة تنطوي على العديد من التحديات والفرص؛ حيث إنها تعمل على مساعدة المؤسسات في الدول النامية على الربط بالأسواق العالمية بمزيد من السهولة، فضلاً عن قيامها بتيسير الشمول المالي إلى جانب المساهمة في تسويق المنتجات والخدمات في جميع أنحاء العالم، بما ينعكس على تنامي المنافسة والإنتاجية والابتكار.
وأوضح المشاركون في الجلسة أن هذه التحولات الرقمية المتسارعة لها آثار إيجابية عديدة، شريطة تفعيل وتحفيز درجة استعداد المؤسسات والشركات والقطاعات الاقتصادية، لاغتنام الفرص الناشئة عن الرقمنة، ودرجة تأهيلها مؤسسياً وفردياً لهذا التحول الرقمي الكبير.
وقال الدكتور فهد عبدالله المبارك، أمام الجلسة النقاشية، إن السعودية ضخت استثمارات كبيرة في إعداد بنية تحتية رقمية متطورة؛ حيث تهدف القطاعات الاقتصادية والمالية السعودية إلى الارتقاء نحو احتلال مراتب متقدمة عالمياً في القطاعات كافة، من خلال الرقمنة التكنولوجية وعبر تفعيل الشراكة بين القطاعين العام الخاص، لتحقيق رؤية طموحة للاقتصاد الرقمي، لتصبح السعودية ضمن الأفضل في العالم والارتقاء في ربط كل الخدمات إلكترونيا، ما يؤدي إلى تسريع حركة الإنتاج وخفض التكاليف وتحقيق أفضل الممارسات لتوظيف التقنية لخدمة الاقتصاد.
وأشار فهد إلى أن السعودية تطمح كذلك لتكون أحد الكيانات الرائدة في الاقتصاد الرقمي، مشيراً إلى أن السعودية ماضية قدماً في تطوير البنية التحتية الرقمية، للارتقاء بخدمات الإنترنت والاتصالات الرقمية والاستخدام المتطور للعملات الرقمية، لتصبح رائدة في هذا المجال.
من جانبه أكد جين لي تشون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، أهمية تطوير الاقتصاد الرقمي عالمياً، مشيراً إلى أن الاستثمار في الرقمنة أصبح اتجاهاً عالمياً سائداً، لما لذلك من آثار إيجابية في تطوير الاقتصاد العالمي وتحسين جودة الحياة، منوهاً في هذا الصدد بجهود البنك الدولي الذي يقدم منحاً ومعونات لمختلف دول العالم، لتطوير اقتصادها الرقمي.
وشدد تشون على أهمية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي عالمياً في جميع القطاعات بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية، وأشار إلى أهمية الارتباط والتوازن بين تطوير البنية التحتية الرقمية والتقليدية، ليكونا داعمين لبعضهما البعض.
وقال فريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تنفق مبالغ هائلة في خطة استثمارات لتطوير اقتصادها الرقمي وتنويعه وصولاً إلى عام 2050، مؤكداً الحاجة لتطوير رأس المال البشري في نفس الوقت، ليكون ذلك متزامناً مع عملية الرقمنة الاقتصادية الشاملة، وذلك من خلال تعاون القطاعين العام والخاص.
وأكد محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، أن الصندوق قدم منحاً وقروضاً لنحو 90 دولة على مستوى العالم، لتطوير جميع قطاعاتها التنموية، مشيراً في هذا الصدد إلى أهمية الاستثمار في الاقتصاد الرقمي بجانب القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة والكهرباء، من خلال تشجيع الابتكار التكنولوجي والاستخدام الأمثل للأساليب الرقمية المتطورة وتفعيل شبكات الإنترنت والاتصالات.
من جانبه قال الدكتور عبدالحكيم الواعر، مستشار رئيس البنك الإسلامي للتنمية، إن البنك حريص على تنويع منتجاته المصرفية بهدف تقديم منح وقروض لتطوير الاقتصاد الرقمي، مشيراً إلى أن البنك يسهم أيضاً في ذلك من خلال تقديم أفكاره وأبحاثه ودراساته البحثية للمستثمرين في الاقتصاد الرقمي، باعتبار أن ذلك هو من دعائم وأسس التنمية المستدامة عالمياً.
يشار إلى أن مؤسسات وصناديق التنمية الإقليمية والدولية تعتبر شريكاً أساسياً في النهوض بالعملية التنموية في الدول، خاصة في ظل التحول المتسارع للاقتصاد الرقمي، وتلعب هذه الصناديق دوراً بارزاً في دعم وتطوير أسواق المال، وتوفير الاحتياجات التمويلية طويلة الأجل، وذلك من خلال تمويل أنشطة التنمية وبناء البنية التحتية الرقمية، سواء عن طريق التمويل المباشر، أو من خلال المساهمة في بناء القدرات والمهارات البشرية أو عبر المساهمة في تعزيز الإطار التشريعي وخلق البيئة الحاضنة للابتكار.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز