على هامش قمة الحكومات.. "منتدى أستانا" يناقش تحسين الخدمات الحكومية
"منتدى أستانا" يناقش سبل تحسين الخدمات الحكومية ورفع كفاءة القطاع العام وتعزيز تبادل الخبرات
انطلق في دبي الإثنين، وضمن فعاليات اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات، منتدى أستانا للخدمة المدنية، وسط حضور رفيع المستوى ضم نخبة من الوزراء وصانعي القرار وممثلي جهات حكومية ورجال أعمال ومستثمرين وذلك في أول انعقاد للمنتدى خارج النطاق الجغرافي للدول الأعضاء فيه، ما يعكس المكانة المتميزة التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة على الساحة الدولية وتقديرا لجهودها في مجال دفع مسيرة التطوير والتنمية ليس فقط على المستوى الإقليمي ولكن على المستوى العالمية بصورة عامة.
يهدف المنتدى إلى تعزيز فاعلية الخدمة المدنية من خلال دعم جهود حكومات الدول الأعضاء، ويعقد تحت شعار «الخدمة المدنية.. التحديات والآفاق»، بمشاركة 40 دولة من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ورابطة الدول المستقلة، إضافة إلى منطقة آسيان، وذلك بمشاركة خبراء ومختصين في مجال الخدمة المدنية، وأكاديميين، من أرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا وأستونيا وجورجيا وكازاخستان وكوريا وقيرغيزستان وليتوانيا ومقدونيا ومولدوفا وطاجيكستان وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوزبكستان ودول أخرى.
وفي مستهل أولى جلسات المنتدى، ألقى محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات كلمة رحّب فيها بانعقاد منتدى استانا في دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكدا اعتزاز القمة باستضافة هذا الحدث الحواري الجامع بما يطرحه من موضوعات على قدر كبير من الأهمية تتواكب مع أهداف القمة في دفع وتيرة تطوير الخدمات والحلول التي توفرها الحكومات لشعوبها حول العالم، وبما يتيحه المنتدى من فرصة للحوار وتبادل الأفكار البناءة والمقترحات اللازمة للتغلب على التحديات المشتركة التي يواجهها العالم، واستكشاف الفرص التي يمكن التشارك في تعظيم مردودها الإيجابي على مستقبل البشرية بصورة عامة، معرباً معاليه عن أمله أن يكون المنتدى فرصة لتوسيع دائرة التعاون والشراكة بين الدول الأعضاء وكذلك كافة الدول المشاركة في القمة والبالغ عددها 140 دولة.
وقد أكد محمد القرقاوي خلال كلمته أن القطاع الخاص دخل مرحلة جديدة من إعادة اكتشاف قدراته وتطوير الخدمات التي يقدمها، بما يوجبه ذلك على القطاع الحكومي من مراجعة الدور الذي يقوم به وما يلزمه من ضرورة العمل على تعزيز قدراته لمواكبة هذا التطور أسوة بالتوجه الجديد للقطاع الخاص الذي أصبح أكثر تميزا من نظيره الحكومي في قطاعات عدة، محذراً من أن القطاع الحكومي سيكون خارج المنافسة إذا لم ينجح في تبني هذا النهج.
وأكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أن حكومة دولة الإمارات كانت سبّاقة في هذا المجال بدعم وتطوير هياكل العمل الحكومي وتوسيع قاعدة التفاعل مع المجتمع ومضاعفة الجهود لتلبية تطلعات الناس بل واستباقها بتطوير خدمات تراعي أرقى المعايير المستقبلية، لتصنع نموذجها الخاص القائم على مفهوم تحقيق "السعادة" للمجتمع.
وأضاف رئيس القمة العالمية للحكومات، أنه من أجل تحقيق هذا الهدف بادرت الحكومة برؤية استباقية لتسخير جميع التقنيات والموارد المتاحة لتحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي استحدثت له الدولة خصيصاً وزارة معنية بشؤونه تأكيداً على الأهمية التي توليها الإمارات لكافة أشكال التطور التكنولوجي والعمل على امتلاك التقنيات المستقبلية التي تعين على تقديم أرقى أشكال الخدمات والحلول الداعمة للناس بهدف تحسين نوعية الحياة على امتداد الدولة، وتقديم نموذج تنموي فريد يقوم في جوهره على راحة الناس ورفاهيتهم.
- التكنولوجيا والعولمة
وخلال كلمته، أوضح عليخان بايمينوف، رئيس اللجنة التوجيهية لمركز الخدمة المدنية في أستانا، أن مفهوم العولمة بدأ في اتخاذ شكل جديد في ضوء التقدم التكنولوجي السريع، والذي ساهم في رفع سقف توقعات المجتمعات ليضع بذلك ضغوطا هائلة على الحكومات في جميع أنحاء العالم، مؤكدا أن الفرص التي أتاحها هذا التقدم لم تأت بمعزل عن جملة من التحديات الكبيرة التي تتطلب جهدا مشتركا وتنسيقا دوليا للتصدي لها وتحييد تأثراتها السلبية على الناس ومن ثم خطط التنمية ومشاريع التطوير التي تتبناها الحكومات.
وأشار بايمينوف أن المجتمعات والأفراد أصبحوا مطلعين على الحلول المتقدمة المتاحة من حولهم في دول أخرى أكثر من أي وقت مضى، وباتوا يقارنون ويقيمون أداء حكوماتهم بحكومات أخرى أكثر فاعلية وتأثير في خدمة شعوبها، مشيراً إلى أن كل هذه العوامل تؤدي حتماً إلى ارتفاع توقعات المجتمعات وتبدل طبيعة العلاقة بين الحكومات وشعوبها، بما في ذلك من تداعيات ذات تأثير سلبي على مستوى ثقة المجتمعات في حكوماتها وما يتبعه ذلك من انخفاض مستوى التأييد والدعم المجتمعي للحكومات في تنفيذ خططها ومشاريعها الاستراتيجية، من إعاقة مسيرة التنمية في تلك الدول.
وخلال الجلسة، أكد المشاركون أن المرحلة الجديدة من الثورة التكنولوجية في القرن الحادي والعشرين، والتي باتت توصف بالثورة الصناعية الرابعة، قد أفرزت عشرات الاتجاهات التي تغير شكل الحياة كما نعرفها، وهي تمثل أهمية كبيرة ليس فقط لكل دولة ولكن لكل قطاع أعمال بل لكل إنسان يعيش على ظهر هذا الكوكب، ومن بين تلك الاتجاهات: النمو الاقتصادي واستدامة الموارد الرقمية والتحضر، والثورة المالية، والأمن العالمي والتحول الثقافي.
- حلول فعالة
وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن الحكومات تبحث في جميع أنحاء العالم باستمرار عن حلول فعالة للنهوض بجميع جوانب الخدمة المدنية، وهذا ما شكل أولوية لبلدان منطقة آوراسيا على مدى العقود الثلاثة الماضية، إذ قطعوا شوطاً طويلاً من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ولفتت الجلسة إلى أن النفط والموارد الهيدروكربونية ستفقد قيمتها وأهميتها كروافد اقتصادية، مؤكدين إدراكهم لضرورة تنويع مصادر الدخل والعمل على تطوير قطاعات اقتصادية جديدة، لاسيما غير الاستخراجية منها، مثل الصناعة والخدمات المكملة لها بشكل عام وكذلك الخدمات الطبية والتعليمية وغيرها من قطاعات تشكل اللبنات الأساسية في بناء اقتصادات ومجتمعات المستقبل.
- تبادل الخبرات
ويستمد منتدى أستانا أهميته من واقع التغيرات، التي طرأت على بلدان جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق خلال العقود الثلاثة الماضية، والإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها، وتطوير اقتصاد السوق واحترام سيادة القانون، ما فرض حاجة للتبادل المنتظم للخبرات والمعرفة في مجال الخدمة المدنية لإيجاد أفضل الحلول والتوجهات لمزيد من التميّز.
ويعقد منتدى " أستانا للخدمة المدنية" للمرة الأولى في المنطقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن فعاليات الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات التي تختتم أعمالها في 12 فبراير/ شباط الجاري، ويركز المنتدى على ثلاثة محاور أساسية تشمل الشراكات والتواصل، وبناء القدرات، والتعلم من النُظراء، وذلك بهدف تعزيز فعالية الخدمة المدنية من خلال دعم جهود حكومات الدول الأعضاء، بمشاركة 40 دولة من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ورابطة الدول المستقلة، إضافة إلى منطقة آسيان.
يُذكر أن «منتدى أستانا للخدمة المدنية» قد انطلق في العام 2013 بمبادرة من حكومة جمهورية كازاخستان بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وضم في أولى دوراته 25 دولة و5 منظمات دولية، ليصبح منصة للتبادل المستمر للخبرة والمعرفة في مجال تطوير الخدمة المدنية، ومعرفة مزايا كل دولة ونقاط قوتها، واستخلاص الدروس من ممارسات الدول المتقدمة، وتهيئة الجيل الجديد من قياديي القطاع الحكومي.