دعونا نتحدث بصراحة عن أزمة غزة الحقيقية، غير المتداولة كثيراً في وسائل الإعلام.
غزة تُحكم من قبل فصيل ينتمي لتنظيم الإخوان يسمى "حماس"، وهو فصيل متمرد على السلطة «الفاسدة» في الضفة الغربية. الصراع بين الطرفين دموي، يكاد يكون أكثر دموية من صراعهما مع إسرائيل.
الطرف الذي في الضفة الغربية، الذي يعتبر السلطة الرسمية والمعترف بها، لا صديق له لا في الشرق العربي ولا في الغرب الأجنبي، ويعتمد فقط على المخصصات الدولية ومخصصات جامعة الدول العربية التي تأتي من مساهمات الدول العربية، خاصة الخليجية، وقد تضاءلت هذه المخصصات بسبب «الفساد المستشري» في مفاصل السلطة.
الطرف الآخر، "حماس" في غزة، هو سلطة غير معترف بها عربياً ولا أجنبياً، كونها تمثل تنظيماً مصنفاً إرهابياً في معظم الدول العربية والأجنبية. ولذلك تعوّل على التحالف مع محور إيران الذي يهدد الدول العربية ويسفك دماء العرب السنة، وقد قتل وهجر الكثير من سنة العراق وسوريا ولبنان. لذلك، بخسارة "حماس" للتحالف العربي، خسرت الكثير من الدعم.
العملية العسكرية التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول تعتبرها الحكومات العربية مغامرة خاسرة، تهدف إلى جر المنطقة إلى مواجهة بناءً على تعليمات إيرانية لخلط الأوراق وخلق فوضى تستفيد منها إيران للتفاوض على الإفراج عن الأموال المجمدة في البنوك الأمريكية، وللضغط على الدول العربية المعتدلة أمام الرأي العام.
هذه العملية هللت لها الشعوب العربية التي تشاهد قناة الجزيرة، لأنها هزت الكيان الصهيوني، لكنها كانت أشبه بالشخص الذي يرتدي حزامًا ناسفًا ويفجر نفسه وسط جمهور العدو، ما أسفر عن ضجة إعلامية وفوضى دون نتيجة ملموسة على الأرض.
تنظيم حماس يتبع الإخوان ويتخادم مع إيران التي تطمع في التوسع في أراضي العرب. إذا كانت "حماس" تساعد إيران في طعن العرب، فإنها ليست بريئة فيما تدعيه من مقاومة العدو الصهيوني، وإنما هي مناورة إيرانية تفاوضية و"حماس" أداة في تلك العملية.
الشارع العربي عاطفي والإعلام يخاف تجاوز عاطفة الرأي العام العربي. ومعظم الحكومات العربية تعي ذلك ولكن تقول ما يرضي الرأي العربي العاطفي وتفعل ما يمليه العقل والمنطق بأن العدو الحقيقي هو إيران.
"حماس" لن تستطيع البقاء وحدها في حكم غزة، والسلطة الفلسطينية «الفاسدة» لن تستطيع السيطرة على غزة، وإسرائيل لن تستطيع العودة لاحتلال غزة.
الحل هو إيجاد طرف آخر يحكم غزة وله علاقة جيدة مع أهل غزة والضفة وعلاقة طيبة مع العرب والغرب. فمَن يكون هذا السوبرمان؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة