تعليق مساعدات "أونروا".. مخاوف من تصفية المنظمة
قبل 4 أيام قررت سويسرا وهولندا تعليق مساهمتهما السنوية لتمويل "أونروا"، بانتظار توضيحات حول تهم طالت المنظمة الدولية بسوء الإدارة.
يبدي الفلسطينيون قلقًا متزايدًا من تداعيات قرار سويسرا وهولندا تعليق مساهمتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، على مفاقمة الأمة المالية التي تواجه المنظمة بعد وقف التمويل الأمريكي لها، وسط مخاوف من وجود مساعٍ إسرائيلية أمريكية لتصفية عمل المنظمة الدولية بالكامل.
وقال الدكتور مازن أبو زيد، المسؤول لعدة سنوات عن اللجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة: "إن وقف دعم الدول معد له مسبقا بكل تأكيد، خصوصا ونحن على مشارف اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول القادم من أجل التصويت لولاية جديدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين".
وقبل 4 أيام قررت سويسرا وهولندا تعليق مساهمتهما السنوية لتمويل "أونروا"، بانتظار توضيحات حول تهم طالت المنظمة الدولية بسوء الإدارة واستغلال السلطة.
وأوضح أبو زيد لـ"العين الإخبارية" أن "الفساد موجود منذ زمن طويل وليس جديدا، وتوقيت نشر جزء من نتائج التحقيق مقصود لحشد أكبر عدد من الدول ضد التصويت لتجديد الولاية".
توجه أمريكي لشل الأونروا
وأضاف "يبدو أن هناك اتفاقا بين سويسرا وهولندا من جهة وأمريكا من جهة أخرى للتأثير على قدرة الأونروا واستمرارها، كما أن واشنطن تحاول الضغط على المزيد من الدول لتوقف تمويلها للمنظمة وخاصة الدول الغربية من أجل شل عمل الوكالة الأممية لتعميق عجز موازنتها وللتأثير على خدماتها المقدمة لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني".
وسبقت أمريكا كلا من هولندا وسويسرا بوقف دعمها نهائيا للأونروا مطلع عام 2018، ثم قررت تغيير تعريف اللاجئ الفلسطيني، وفي خطوة ثالثة قررت تحديد عدد اللاجئين بـ40 ألفا فقط.
ورأى أبو زيد أن هذه التحركات الأمريكية منسقة مع إسرائيل للضغط على المزيد من الدول لإنهاء الشاهد الحي على قضية اللاجئين، منبها إلى أن هناك عددا كبيرا من الدول سترفض الانصياع لواشنطن وستصوت لصالح تجديد ولاية الأونروا.
واستدرك "لكن ذلك لا يعني ركون الفلسطينيين ومعهم العرب، لذلك يجب التحرك وفق خطة كبيرة من أجل كسب الدول الصديقة لصالح التصويت"، محذرا بأن استمرار وقف دعم بعض الدول سيترك أثره على موازنات الأونروا بما ينعكس على خدماتها للاجئين سلبا.
وبلغ حجم المساعدات السويسرية 22.3 مليون فرانك سويسري (قيمة الفرانك السويسري تساوي تقريبا قيمة الدولار الأمريكي)، فيما لم تتوفر معطيات عن قيمة الدعم الهولندي.
وتسبب وقف الدعم الأمريكي العام الماضي في أزمة خانقة للأونروا التي اضطرت لتقليص بعض خدماتها، وأطلقت نداء استغاثة استجاب له القليل من الدول على رأسها الإمارات العربية المتحدة بتبرع سخي بقيمة 50 مليون دولار.
استباق لمجريات التحقيق
ويشير أحمد حنون مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن هولندا وسويسرا تقدمان دعما مهما للأونروا، ووقفه سيزيد مساحة الأزمة في موازنتها، والخدمات ستتأثر لملايين اللاجئين خصوصا في غزة التي تقدم فيه الوكالة مساعدات لـ1.2 مليون لاجئ، وهذا الأمر يشكل عقوبة جماعية على اللاجئين وتهديدا حقيقيا على حياتهم.
وفي شهر يوليو الماضي كُشف النقاب خلال مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين بالدول العربية المضيفة في دورته 102، الذي عقد في القاهرة، أن الأونروا تعاني من عجز مالي يقدر بـ 211 مليون دولار، سيؤثر على طبيعة الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
وقال حنون لـ"العين الإخبارية": "إن قرارات سويسرا وهولندا تستبق مجريات التحقيق في فساد كبار موظفي الأونروا وذلك، في محاولة لإدانة المنظمة، رغم أن الأمر يتعلق بأشخاص وليس بالمنظمة الأممية، مطالبا بانتظار النتائج".
وأكد أن هناك اتصالات من الخارجية الفلسطينية مع هولندا وسويسرا وجهودا لمنظمة التحرير لإقناعهما بالعدول عن قرارهما، وقال: "هناك لقاءات فلسطينية على أعلى المستويات مع مختلف الأطراف، وقريبا سيكون لقاء مع كل القناصل العاملين في فلسطين لضمان عدم اتخاذ مواقع لدولهم مشابهة ولضمان عدم انعكاس مواقف الدولتين على التصويت للأونروا".
توقيت سيئ
الناطق باسم الأونروا سامي مشعشع، ومع تأكيده أن تعليق بعض الدول دعمها لوكالة "أونروا"، قرار سيادي يتعلق بتلك الدول، إلاّ أنه أشار إلى التوقيت السيئ للقرار "خاصة في ظل التحضير للسنة الدراسية المقبلة لأكثر من نصف مليون طالب وطالبة".
وأوضح في تصريحات صحفية أن الحكومتين طلبتا إيضاحات فيما يتعلق بالتحقيق الجاري من مكتب الرقابة الداخلية بالأونروا بخصوص ادعاءات تتعلق ببعض العاملين في الوكالة، مشيرا إلى أن الوكالة بصدد توفير الإجابات عن الادعاءات.
وعبر عن قلقه أن تكون هناك إشارة في تعليق المساعدات بمثابة "رسالة سلبية وغير مطمئنة خصوصا ونحن على أعتاب تجديد ولاية الوكالة".
خطة فلسطينية رسمية
ولمواجهة محاولات تصفية الأونروا اعتمدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خطة تحرك على عدة مستويات لدعم وكالة الغوث الدولية (الأونروا) وحشد الدعم السياسي لتجديد ولاية تفويضها لثلاث سنوات جدد، تمتد من عام 2020 إلى 2023 .
وقال أحمد أبو هولي، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في بيان صحفي الأحد، "إن خطة التحرك تهدف إلى قطع الطريق على الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي بتمرير مخططها لإنهاء عمل الأونروا أو إلغاء تفويضها، وحشد الدعم السياسي لها بما يضمن التصويت بأغلبية مطلقة لصالح تجديد تفويضها الممنوح لها بالقرار 302".
وتأسست "الأونروا" كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو 5.4 مليون لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.
وتقتضي مهمتها بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم.
ويتم تمويل "الأونروا" بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات، ونتيجة لذلك فإن الموازنة البرامجية للأونروا، والتي تعمل على دعم تقديم الخدمات الرئيسة، تعاني من عجز كبير.
aXA6IDMuMTI5LjIxNi4xNSA=
جزيرة ام اند امز