اختار الحزب الحاكم في مملكة السويد زعيمة جديدة، خلال مؤتمره السنوي في مدينة غوتبرغ.
الزعيمة الجديدة هي ماجدولينا أندرسون، وزيرة المالية في الحكومة الحالية، والتي من المفترض أن تصبح رئيسة لوزراء هذا البلد الاسكندنافي العضو في الاتحاد الأوروبي.
لقد عصفت رياح التغيير داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي بإرادة مطلقة من زعيم الحزب السابق ورئيس الوزراء الحالي، ستيفان لوفين، الذي قاد البلاد خلال السنوات الثماني الماضية، وقرر بعد ذلك ترك دفة القيادة لوجه جديد، بعد أزمته الشهيرة مع حزب اليسار السويدي، الذي حجب الثقة عن حكومته السابقة، وعاد وتراجع عنها مفسحاً المجال له، بأخذ قسط من الراحة الحكومية، التي رفضها الرجل، وقرر اعتزاله العمل السياسي.
وبوصول ماجدولينا أندرسون إلى سدة الحكم في البرلمان، كون حزبها يمتلك أغلبية محدودة، فإن السويديين يتطلعون إلى عهدها وهم يطلقون عليها لقب "ميركل السويد"، مشبّهين إياها بأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، التي تودع منصبها في بلدها بعد أيام.
وتعيش السويد هذه الأيام على وقع موسم انتخابي مبكر، مع أن ولاية البرلمان الحالي تمتد لعام كامل تقريباً، لكن طبول المرشحين والمرشحات باتت تُقرع، بعد وصول امرأة خامسة لرئاسة الحزب الأهم في البلاد، إلى جانب خمس نساء أخريات يتزعمن أحزاب المعارضة والحياد، مثل حزب اليسار والوسط والمسيحي الديمقراطي، إضافة إلى الحزب الليبرالي، فضلاً عن حزب البيئة أو الخُضر، الذي له رئاسة مشتركة تتمثل في امرأة ورجل.
ولعل التجربة السياسة في السويد اختصرها رئيس وزرائها الحالي، "لوفين"، حين قال في كلمته الوداعية لرفاقه: "أي حكومة مقبلة يجب أن تخدم بشكل جيد سائق الشاحنة كما تخدم الطبيب واللحّام ورئيس الوزراء"، ففلسفة الحكم لدى هذا الحزب، ذي التوجهات الاشتراكية الديمقراطية، تتلاقى مع أيديولوجية الحزب الديمقراطي، الذي يحكم أمريكا اليوم، لتتناقض مع مضمون سياسة خصمه التقليدي، حزب المديرات، أو الحزب الجمهوري السويدي، كما يحلو لأنصاره البرجوازيين تسميته أحياناً.
وتحتفظ السويد، منذ فترة حكم الحزب الاشتراكي لها، بعلاقات مميزة اقتصادياً وسياسياً مع العالم العربي، لا سيما دول الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص السعودية والإمارات، لكونهما شريكين رئيسيين للسويد في مجالات التكنولوجيا والطاقة والصناعات الثقيلة، التي تتميز بها السويد.
وفيما يخص العلاقات المتداخلة للسويد مع العالم العربي، فقد ظهرت السويد على خط الأزمة اليمنية قبل عامين تقريباً بشكل رسمي، حين احتضنت عاصمتها، ستوكهولم، مفاوضات مهمة بين الحكومة اليمنية وبين مليشيا الحوثي الانقلابية، لينتج عن ذلك ما سُمّي لاحقاً بـ"اتفاق ستوكهولم"، الذي خرقته تلك المليشيا ولم تلتزم بشِقّه المتعلق بمدينة "الحديدة" الاستراتيجية.
وقد صوّت مجلس الأمن الدولي قبل أشهر قليلة على تعيين الدبلوماسي السويدي المخضرم، هانس غروندبيرغ، مبعوثاً أممياً لليمن، وقد أقدم المجتمع الدولي على تلك الخطوة بعد إظهار السويد حرصها على الدفع قدماً بمبادرتها لحل الأزمة اليمنية، سيما أن وزيرة خارجية السويد، آتي ليندي، كانت قد زارت بداية الصيف الماضي كلاً من السعودية والإمارات وسلطنة عُمان، بغية إيجاد حل للنزاع المستمر في اليمن بين حكومة شرعية معترف بها دوليا، وبين مليشيا الحوثي، التي تدعمها إيران بصواريخها لزعزعة أمن المنطقة وحصد أرواح الشعب اليمني المنكوب.
فهل سيكون للسويد وجه سياسي جديد بعد وصول ماجدولينا أندرسون المتوقع لرئاسة الحكومة؟
الجواب عن ذلك سيكون رهناً بأداء الحكومة الاشتراكية هناك، والسياسات الداخلية والخارجية، التي تنوي تطبيقها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة