المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قبل يومين، استمرار لمحاولات إبقاء العراق في دائرة الفوضى والعنف.
وجاءت هذه المحاولة الفاشلة بواسطة طائرة مسيرة مفخخة، استهدفت مكان إقامة "الكاظمي" في المنطقة الخضراء ببغداد، لتخدم أجندات خاصة بقوى سياسية طائفية داخلية وإقليمية لا تريد للعراق الاستقرار والأمن، حتى يظل مرتهناً لأجنداتها المشبوهة.
ولم تستهدف المحاولة الفاشلة "الكاظمي" كشخص أو مسؤول، وإنما تستهدف بالأساس إفشال جهود إعادة الاستقرار والأمن للعراق، وهي الجهود، التي قادها ويقودها "الكاظمي" باقتدار وكفاءة، فقد كان له دوره الحاسم في كسب المعركة مع تنظيم "داعش" الإرهابي، حتى قبل أن يتسلم السلطة عندما كان رئيسا لجهاز الاستخبارات، إضافة إلى جهوده المستمرة في مواجهة فوضى انتشار السلاح بيد المليشيات المسلحة، ومحاولة إصلاح الملف الأمني عبر سلسلة تغييرات في البنية الأمنية والعسكرية للبلاد، والقيام بعمليات استباقية ضد فلول "داعش" في العراق، وهي الجهود التي أثمرت تراجعاً في وتيرة وخطورة العمليات الإرهابية، فضلا عن حرصه الدائم على إبعاد العراق عن دائرة الاستقطاب الأمريكي-الإيراني، وعن دائرة الهيمنة الإيرانية.
وبرزت نتائج جهود رئيس الحكومة العراقية واضحة في نجاحه بتأمين استضافة "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، أغسطس الماضي، بمشاركة العديد من قادة دول المنطقة والعالم، ونجاح حكومته في تأمين العملية الانتخابية الأخيرة، التي وُصفت بأنها الأفضل من حيث البيئة الأمنية والسياسية، فضلاً عن وفائه بالوعد الذي قطعه على نفسه بإجراء الانتخابات في موعدها برغم حملة التشكيك، التي رافقتها.
وربما كان هذا النجاح الأخير في تنظيم انتخابات العاشر من أكتوبر الماضي وتوفير البيئة الأمنية المناسبة، التي جعلت العراقيين يشاركون فيها دون خوف، والتي أسفرت نتائجها عن هزيمة قاسية للقوى السياسية الموالية لطهران، لا سيما تحالف "الفتح" لهادي العمري، الذي تتبعه مليشيات الحشد الشعبي، هو السبب المباشر في الإقدام على تنفيذ محاولة الاغتيال الفاشلة، التي استهدفت منزل "الكاظمي".
فهذه القوى لم تقبل حتى الآن حقيقة أن الشعب العراقي قد لفظها، وأنها خسرت الانتخابات بهذه الصورة المهينة، ومن ثمّ تحاول العبث بأمن العراق، والعودة من بوابة الفوضى الأمنية، التي تمنح مليشياتها التفوق العسكري لفرض وجود هذه القوى الموالية لإيران على الأرض وإبقاء العراق مرتهناً لها.
وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن هذه العملية الإرهابية حتى الآن، في ظل تنديد الداخل والخارج بها، بما في ذلك حتى القوى المحسوبة على إيران، فإن التهديدات الصريحة والضمنية، التي أطلقتها القوى الرافضة لنتائج الانتخابات، لا سيما المحسوبة على الحشد الشعبي ومليشيات أخرى موالية لطهران ومنضوية تحت ما يسمى "الإطار التنسيقي"، لا تترك مجالاً للتشكيك في هوية مَن قام بتنفيذ مثل هذه المحاولة أو في أهدافه منها، فهذه القوى تسعى إلى الحصول على ما فقدته من مقاعد برلمانية من خلال التهديدات والتلويح باستخدام القوة.
وبعد أن فشلت المظاهرات والاعتصامات، التي نظمتها هذه القوى، للضغط على الحكومة للتراجع عن هذه النتائج، ربما بدأت تلجأ إلى أساليب أخرى، من بينها الاستهداف المباشر لرئيس الحكومة، الذي تعتقد أنه الحاجز الذي يحول بينها وبين إبقاء هيمنتها على العراق وشعبه.
وقد أكد "الكاظمي"، بعد محاولة اغتياله الفاشلة، عدم خشيته من ذلك، معتبراً أنه "كان ولا يزال مشروع فداء للعراق وشعبه".
محاولة اغتيال "الكاظمي" هي استهداف لمستقبل العراق ورغبة شعبه في الأمن والاستقرار والازدهار بعيداً عن تدخلات القوى الخارجية أو الارتهان للمليشيات الداخلية الطائفية، وعلى الشعب بقواه السياسية كافة، والمجتمعين العربي والدولي، الوقوف بجانب العراق ورئيس حكومته للحفاظ على هذا المستقبل الآمن والمستقر للعراق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة