الأمن هو الهدف الأسمى والحقيقة التي تدركها شعوب دول الجوار، التي عانت الأمرين نتيجة الأحداث المشابهة فيما عرف بـ"الربيع العربي"
يدخل السودان في الشهر الثالث منذ إقالة عمر البشير في ظل أحداث لم يتوقعها أغلب المراقبين، لا سيما أن الثورة بدأت سلمية، وإقالة الرئيس السابق تمت بسلاسة في موقف أثبت فيه الجيش انحيازه لمصلحة السودان، بما يتماشى مع الإرادة الشعبية، داعيا القوى الوطنية للدخول في عملية سياسية لتشكيل هيئات المرحلة الانتقالية، والإعداد للاستحقاقات الديمقراطية التي تلبي تطلعات الشعب.
لقد أثبت السودانيون حكمة ووعياً بالغين في التعامل مع الأزمة، ولم يفتحوا المجال لأي طامع أو حاقد في التدخل في شؤونهم رغم محاولات التدخل التي قادتها بعض دول العالم، ليعطوا درساً مهماً في كيفية إدارة البلاد، والأيام المقبلة حبلى بالأحداث التي ستحدد ملامح السودان الجديد
لكن الأوضاع الراهنة غير مستقرة، واللاعنف الذي تحول إلى صدامات دموية أسفرت عن وقوع ضحايا، أثار ردود فعل قلقة من نتائج الحراك في الشارع، نتيجة خروج الأحداث عن مسار الأهداف السلمية المعلنة التي كانت تضع المصالح الوطنية على رأس سلم الأولويات قبل أن تتنازع القوى الداخلية حول المحاصصة السياسية، ونسب التمثيل في السلطة المقترحة لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، ما يشي بتعطيل متوقع لعمل الفريق الانتقالي الذي لم يحدد بعد.
إن الأمن هو الهدف الأسمى وهي الحقيقة التي تدركها شعوب دول الجوار التي عانت الأمرين نتيجة الأحداث المشابهة التي ساقها ما عرف بـ"الربيع العربي"، وويلاته التي جرها على أمن المدنيين، والتأثير سلباً في عمليات التنمية وتطوير الاقتصاد، وهو ما نتطلع أن يتجاوزه السودان لا سيما عقب الموقف العربي الثابت في دعم استقراره، والإقرار بحق الشعب السوداني الشقيق في تقرير مصيره، بما يضمن عودة الحياة إلى طبيعتها واستتباب الأمن دون أن ينزلق في الفوضى والصراعات لا قدر الله.
في المقابل، من المبكر الحديث عن زعامات محتملة لتولي دفة قيادة السودان في المرحلة المقبلة، وهو ما تسعى بعض الأطراف الداخلية إلى استباقه بالإصرار على الحصول على موطئ قدم في مستقبل السودان، لتعمل على تأجيج الموقف وتصعيده، جانحة عن النهج السلمي لإتمام عملية الانتقال السياسي في البلاد رغم الجهود الإقليمية والدولية المساندة للأطراف السودانية كافة، لتمكينها من استكمال وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي الذي يتطلع السودانيون إليه في سياق وطني خالص ودون أي تدخل أو ضغط خارجي.
ختاماً.. لقد أثبت السودانيون حكمة ووعياً بالغين في التعامل مع الأزمة، ولم يفتحوا المجال لأي طامع أو حاقد في التدخل في شؤونهم رغم محاولات التدخل التي قادتها بعض دول العالم، ليعطوا درساً مهماً في كيفية إدارة البلاد، والأيام المقبلة حبلى بالأحداث التي ستحدد ملامح السودان الجديد الذي نرجو له كل تقدم وازدهار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة