من تدمر إلى سيدني.. «الانغماسيون» تحد بارز أمام أجهزة مكافحة الإرهاب
هجومان إرهابيان في تدمر السورية وسيدني الأسترالية لا يفصلهما إلا ساعات، ويعكسان تحديا بارزا أمام أجهزة مكافحة الإرهاب.
ونفذ انغماسيون الهجومين اللذين شغلا العالم السبت في تدمر والأحد في سيدني، ليكشفا خطورة "الانغماسي" وصعوبة إحباط هجماته المميتة، فهو حسب الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب (مصري)، أخطر حتى من "الانتحاري".
من هو الانتحاري؟
والانتحاري وفق ممارسات وأدبيات التنظيمات الإرهابية هو شخص يحمل أفكارا متطرفة ويقرر إيقاع أكبر قدر من الضرر في المجتمعات التي يستهدفها.
وغالبا ما يستخدم الانتحاري المتفجرات سواء عبر حزام ناسف أو سيارة مفخخة.
ويشير الخبير المصري إلى أن الانتحاري يحتاج أولا إلى توفير المواد الكيميائية لتجهيز العبوة الناسفة، وهو أمر غالبا ما يمثل ثغرة يمكن للأجهزة الأمنية أن ترصده من خلالها، وتحبط الهجوم في طور الإعداد.
كما يحتاج أيضا الانتحاري إلى موقع آمن لتجهيز العبوة الناسفة وتأمين الوصول إلى موقع التفجير وهي تحديات تفرض عليه تكتيكات قد تتسبب في كشفه.
لماذا يختلف الانغماسي؟
ويرى أديب أن خطورة الانغماسي هي احتياجه فقط إلى توفير سلاح ناري غالبا ما يكون قد تدرب عليه بالفعل.
وبحصول المتطرف على الذخيرة والسلاح يمكنه أن يصبح آلة قتل متحركة إذ يسهل إخفاء السلاح الناري والذخيرة والوصول بها إلى أي موقع أراده.
كما أنه يدرك مع بدء الهجوم أن فرص نجاته محدودة لذلك يصبح أكثر خطورة لكنه يأمل أيضا أن يتمكن من معاودة الكرة، فيشتبك حتى آخر طلقة.
الذئب المنفرد
وكلاهما سواء الانتحاري أو الانغماسي يمكن أن يكون عضوا في خلية إرهابية أو ذئب منفرد.
والذئب المنفرد هو شخص لا ينتمي تنظيميا إلى أي جماعة إرهابية لكنه غالبا ما يكون قد استقى أفكارا متطرفة من وسائل التواصل الاجتماعي أو الشبكة العنكبوتية.
ويصل بتطرفه إلى حد اتخاذ قرار بتنفيذ هجوم بمفرده دون توجيه ولا مساعدة ولا تخطيط مع أي تنظيم.
وحسب أديب فإن "الانغماسي" هو أحد أخطر التحديات أمام أجهزة الأمن، وتتضاعف خطورته لو كان "ذئبا منفردا"، ففي هذه الحالة تقل إلى الحد الأدنى فرص إحباط هجماته بشكل استباقي، كون الحلقة بين التخطيط والتنفيذ تكون ضيقة جدا، ويصعب اختراقها.
تكتيك داعشي
وأوضح أديب أن "الهجمات الانغماسية تكتيك داعشي بامتياز"، وهو ما ظهر في هجومي تدمر وسيدني، ففي الأول قتل عنصر أمن سوري جنديين ومترجما أمريكيين، لما وجد الفرصة سانحة وبات الهدف في مرمى سلاحه، وفي الثاني هاجم مسلحان ببندقيتين احتفالًا يهوديًا على شاطئ بوندي الشهير في سيدني، فأسقطا 12 قتيلا.
اللافت في الهجومين أن المنفذين كانا قيد الرصد حسب السلطات السورية والأسترالية.
الرصد الأمني
ففي سوريا، كشفت وزارة الداخلية السورية أن منفذ الهجوم، الذي قتل في موقعه، كان محل تقييم أمني بعد الشك في تبنيه أفكارا متطرفة، وكان مقررا أن تتخذ بحقه إجراءات الأحد، وذلك ضمن مراجعة دورية تجريها الأجهزة الأمنية لعناصرها.
وفي أستراليا، قال مدير وكالة الاستخبارات الأمنية الأسترالية (ASIO) ، مايك بورغيس "كان أحد المهاجمين معروفًا لدينا، ولكن ليس من منظور التهديد المباشر، لذلك نحتاج إلى النظر في ما حدث"، حسب موقع "إيه بي سي".
وقال مسؤول كبير في سلطات إنفاذ القانون إن المنفذ يُدعى "نافيد أكرم من جنوب غرب مدينة سيدني".
بصمات داعش
وبدا أن منفذي هجوم سيدني قد اختارا "تكتيك الهجوم الانغماسي" وفضلاه عن العبوات المتفجرة، إذ عثرت الشرطة في شارع كامبل باريد قرب موقع الهجوم، على سيارة تحتوي على عبوات ناسفة بدائية الصنع.
وقال أديب "السبب الواضح أنهما أرادا ضمان نجاح الهجوم لذا لجآ إلى أخطر أنواع العمليات الإرهابية، ممثلة في "الهجوم الانغماسي" عبر الوصول بسلاح إلى الهدف ليبدأ موجة من القتل لا تنتهي إلا بقتله".
وسأل صحفي مفوض بالشرطة الأسترالية عن كيفية تمكن رجلين من التخطيط لمثل هذا الهجوم وتنفيذه، فأجاب: "بالنظر إلى حجم المجتمع فإن شرطتنا تقوم بعمل رائع. نحتاج إلى معلومات استخباراتية لإحباط مثل هذه الهجمات".
وأوضح أديب "بالفعل كشف الهجوم الانغماسي مسألة صعبة جدا. عملية سيدني تحمل بصمات داعش حتى ولو لم يتبنها التنظيم".
وتوقع أن تكون "خلية هي من تقف خلف الهجوم وقد اختارت تنفيذه من خلال انغماسيين لإسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى".
وأضاف أن "هجومي تدمر وسيدني خلاصتهما أن داعش لم يمت... ما زال التنظيم نشطا في معقله بسوريا وحتى في قلب أوروبا. العمليتان تعكسان خطورة الانغماسيين الدواعش".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز