مسودة الدستور السوري.. فخ روسيا للمعارضة في جولات جنيف
الدستور السوري ومحاولات روسيا للسيطرة على الوضع السوري من خلال مسودة الدستور التي قدمها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
"محادثات أستانة كانت واعدة، وحققت انخفاضاً بمستوى العنف، وطالبنا الأطراف السورية ببحث ملف الدستور خلال مفاوضات جنيف6".. هكذا قال ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى سوريا، الإثنين، خلال استعراض نتائج جولات جنيف 6، في الجلسة الطارئة لمجلس الامن لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا.
شد وجذب رفض وقبول، ظل الشعار السائد بين المعارضة والنظام في محادثات جنيف 6 بسبب تشكيل الدستور الجديد لسوريا؛ حيث انتهت، الخميس الماضي، الجولة السادسة من المحادثات والتي تركزت على وضع آلية لتشكيل دستور جديد للبلاد وإشراك خبراء أممين في يهذا الخصوص، وقال "دي مستورا" إن الأمم المتحدة لا تسعى إلى صياغة دستور عن السوريين، "لأنه شأنهم"، بل "تسعى إلى تمهيد الأرضية المناسبة لذلك"، مشيراً إلى إشراك خبراء أممين في هذا الخصوص.
من جانبه، قال رئيس وفد المعارضة، نصر الحريري، إن الوفد قدم مذكرة حول عمليات التغيير الديمجرافي التي ينفذها النظام في مختلف المناطق السورية، مشيراً إلى أنه لم يرفض ولم يقبل الآلية التشاورية التي طرحها "دي ميستورا"، بل كان لديه "استفسارات" حولها.
وكان "دي ميستورا" سلّم وفدي المعارضة والنظام وثيقة حول تشكيل آلية لمناقشة الدستور، والتي تضمن عدم وجود أي فراغ دستوري، أو قانوني في أي مرحلة خلال عملية الانتقال السياسي، والتي تشير أيضا إلى أن المبعوث الأممي بإمكانه التشاور مع خبراء فنيين من أجل مراقبة أو مساندة عمل الآلية التشاورية.
هناك مخطط لتمرير مسودة الدستور التي وضعها الروس من خلال مؤتمر جنيف6 برعاية الأمم المتحدة، هكذا أكد بسام الملك، عضو الائتلاف الوطني السوري، في تصريحات لـ"العين"، وتابع قائلاً: "إن مشروع الدستور السوري مشروع خاص يجب أن يناقش ويوضع من خلال الأطراف السورية فقط دون تدخل من أحد، والأهم من وضع مسودة للدستور الآن، هو وجود فترة حكم انتقالي وانتهاء الحكم الدموي الموجود الآن".
كما انتقد القصف الروسي على مدينة درعا قبل بدء المحادثات، وأكد أن المعارضة السورية لا تعول على مفاوضات جنيف التي فشلت حتى الآن في إيجاد حل حقيقي لوقف نزيف الدم السوري.
الملف الأخطر "الدستور السوري"
قبل انطلاق مباحثات جنيف4 التي شهدت توافقا للمرة الأولى بين المعارضة السورية والنظام حول أجندة المفاوضات وتحديد 4 ملفات، اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في موسكو، حيث أكد الطرفان دعمهما لعملية أستانة السلمية كعامل قد يسهم في تسريع العملية السياسية السورية بجنيف.
وقال المبعوث الأممي خلال اللقاء مع لافروف، إن المفاوضات في جنيف4، ستركز على بحث المسائل المتعلقة بصياغة الدستور السوري الجديد وإجراء الانتخابات؛ وهنا أكد لافروف أن المسودة التي قدمتها روسيا لمشروع الدستور السوري الجديد، جاءت بغية تشجيع عملية مناقشة مسودات مختلفة للدستور.
وتابع: "نعتقد أن المقترحات الروسية قد تشكل حافزا لإطلاق مفاوضات حقيقية بين السوريين، بمن فيهم ممثلو الحكومة الحالية والمعارضة، ونأمل في أن تكون الاتصالات بمشاركة الجانب الروسي قبل استئناف المفاوضات مفيدة".
وبحسب محللين للشأن السوري، أصبح تركيز روسيا على مسودة الدستور السوري التي سلمتها لوفد المعارضة في أستانة لها أولوية كبيرة أكثر من أي شيء آخر، شيء يدعو للتساؤل ما سبب هذا الإصرار الروسي؟!
مسودة الدستور السوري ذو الصناعة الروسية، بحسب وصفهم، تتضمن توسيع صلاحيات البرلمان والاعتراف بالحكم الذاتي للأكراد، حيث قال مناف قومان الكاتب السوري والباحث في الشؤون الشرق أوسطية، إن إصرار موسكو في مباحثات أستانة على كتابة الدستور السوري وتصديره للمعارضة والنظام للموافقة عليه حينها قبل الذهاب لجنيف يظهر مدى أهمية الموضوع بالنسبة لها، فالأمر يتعلق بمستقبل بأكمله تسعى روسيا أن تمسك بخيوط الحكم فيه من خلال الدستور نفسه.
بنود لبعض نصوص المسودة الروسية
في 24 صفحة تحتوي على 85 مادة وتفرعاتها وضع خبراء روس مسودة للدستور السوري ومن ضمن ما جاء في المسودة أنه للحفاظ على التنوع في المجتمع السوري قررت موسكو إزالة كلمة "العربية" من عبارة الجمهورية العربية السورية، وجعلها الجمهورية السورية، إرضاء للأكراد وإعطائهم حقوقهم، وتشير المسودة إلى أن البرلمان سيكون لديه صلاحية إعلان الحرب وتنحية الرئيس وتعيين حاكم المصرف المركزي وإقالته من المنصب وتعيين المحكمة الدستورية، حسب المادة رقم 44 من الدستور.
وحسب البند الأول من المادة الأولى ذُكر فيها أن "الجمهورية السورية دولة مستقلة ذات سيادة وديمقراطية تعتمد على أولوية القانون ومساواة الجميع أمام القانون والتضامن الاجتماعي واحترام الحقوق والحريات ومساواة الحقوق والحريات لكل المواطنين دون أي فرق وامتياز"، ويبين البند الثالث من المادة ذاتها إنه "بصفة التراث الوطني الذي يعزز الوحدة الوطنية يتم ضمان التنوع الثقافي للمجتمع السوري".
ويتيح الدستور -الذي تحاول روسيا إقناع المعارضة به- "إمكان تغيير الحدود الرسمية للبلاد بعد إجراء استفتاء عام"، وتتضمن المسودة أيضًا اعترفًا بالحكم الذاتي في المناطق الكردية التي يديرها الاتحاد الديمقراطي إذ جاء في البند الثاني من المادة الرابعة "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين".
وفيما يخص المواد التي أشارت لمنصب رئيس الجمهورية وصلاحياته، فقد نصت المادة 50 من المسودة على أنه يشترط في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية أن يكون متمًا الأربعين من عمره، وذكرت المادة 49 أن الرئيس ينتخب لسبع سنوات وأنه لا تجوز إعادة انتخاب الشخص نفسه لمنصب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية فقط، أما المادة 78 فقد نصت على محاكمة رئيس الجمهورية المعزول في حالة خيانة عظمى أو جريمة كبرى أخرى.
وهنا يرى محللون أن مسودة الدستور الروسي كما هي عليه، ستكرّس تبعية سوريا الدولة والنظام لروسيا بشكل كبير، فما تم تناوله في المسودة يشير لإبراز دور البرلمان أكثر وإعطاءه صلاحية أكثر من السابق على حساب مؤسسة الرئاسة، والنظام البرلماني في ظل الظروف السورية.