سياسة
مأساة السارين.. سوري يدفن 19 من أسرته
أن تدفن أطفالك تجربة من أصعب التجارب التي يمكن أن يعيشها الإنسان.. لكن ماذا يفعل هذا السوري الذي دفن 19 فردا من أفراد أسرته.
النحيب.. هو ما صدر عن "عبد الحميد اليوسف" وهو يحمل توأمه الرضيعين الملفوفين في الأكفان البيضاء ليضعهما في قبرهما، كضحايا للهجوم الذي يشتبه في أنه كيماوي ووقع بمحافظة إدلب السورية هذا الأسبوع.
9 أشهر فقط عاشها الرضيعان "أحمد" و"آية" قبل أن يخطفهما الموت، الثلاثاء، إلى جانب والدتهما "دلال" و16 فردآ آخرين من أفراد أسرة اليوسف، اضطر لدفنهم جميعًا في مقبرة جماعية لا تحمل أي علامات، وفقًا لصحيفة "التليجراف" البريطانية.
كان التاجر اليوسف، 29 سنة، في عمله عندما ضُربت الغارة الجوية بالقرب من منزله بعد فترة وجيزة من الساعة السادسة والنصف صباحًا، وعندما هاتفته زوجته لتخبره بما حدث اندفع سريعًا إلى منزله ليكون معهم.
وبدا أن جميعهم بخير ، ولكن من باب الحيطة أخذهم جميعًا إلى قبو مبنى مجاور في حالة حدوث غارة أخرى، وبعد ساعة واحدة بدأت تظهر الأعراض عليهم.
يقول "علاء" قريب اليوسف، إن العائلة بأكملها كانت تنتظر هناك بالأسفل، وكانوا في أمان، ولكن بدأوا في الاختناق، وبدأ التوأم فجأة في الاهتزاز ومواجهة صعوبة في التنفس، ثم شاهد أعراض الاختناق على زوجته ثم شقيقه ثم بنات وأبناء أخواته.
ويوضح علاء أن الجميع ماتوا في القبو، ولم يكن أمامهم وقت كافٍ للذهاب إلى المستشفى، مشيرًا إلى أن ما ردده اليوسف بعد ذلك كان "لم أتمكن من إنقاذ أي منهم يا أخي.. لم أتمكن من إنقاذهم".
ورجحت منظمة الصحة العالمية أن يكون ما أودى بحياة الضحايا هو السلاح الكيماوي، مستندة في ذلك للأعراض على المصابين والموتى، لكنها لم تحسم الأمر بعد.
عانق اليوسف طفليه للمرة الأخيرة قبل أن يدفنهما، وبعيدًا عن كدمة على خد أحمد لم يكن هناك أي علامات واضحة على حدوث إصابات.
قال الدكتور مأمون نجم الذي عالج الضحايا في مستشفى الرحمة بإدلب، إن الهجمات الكيميائية لا تترك أي علامات، موضحًا "أنها قاتل صامت يشق طريقه عبر الجسد ببطء".
وشاهد نجم عشرات المرضى يصلون ذلك الصباح وبعد الظهيرة.
لم يرَ مثل حالات التسمم الشديدة تلك من قبل، وقال إن بؤبؤ عيونهم كانت صغيرة للغاية وجلودهم باردة ولا يصدرون أي استجابة.
وقالت ممرضة في المستشفى، رفضت ذكر اسمها، إن الرائحة وصلت إليهم في المركز، وكانت أشبه بالطعام الفاسد، مشيرة إلى أنهم استقبلوا ضحايا الكلور قبل ذلك ولكن هذا الأمر كان مختلفًا اختلافًا كليًا.
وتقيأ الضحايا من الأنف والفم لونًا أصفر غامقا، كان يتحول إلى اللون البني في بعض الأوقات، كما أصيبوا بشلل في وظائف الجهاز التنفسي ما أدى إلى وفاة الأطفال أسرع من البالغين، بحسب الممرضة ذاتها.
من جانبها، أصدرت الهيئة الصحية في إدلب قائمة محدثة للقتلى أمس الأربعاء، وكان أصغر الضحايا في عائلة اليوسف يبلغ من العمر 9 أشهر، بينما كان الأكبر يبلغ 68 سنة.
وبلغ عدد القتلى 86، من بينهم 30 طفلًا، مما يجعله أكثر الهجمات المشتبه في أنها كيماوية فتكًا منذ 2013، عندما سقط غاز السارين على ضاحية من ضواحي دمشق، متسببة في مقتل مئات الأشخاص أثناء نومهم.
وأظهر فيديو نشره نشطاء المعارضة ويقولون إنه من اللحظات التي تلت الغارة الجوية التي ضربت شارع الكورنيش في حي خان شيخون، أعمدة كبيرة متعددة من الدخان.
ويقول أحد الشهود إن صوت الانفجار لم يكن مثل المعتاد، وإنه اعتقد أن هذه القنبلة لم تنفجر لأن صوت الارتطام الذي أحدثته لم يكن صوت انفجار.
ولم يتضح على الفور للمواطنين أن الهجوم سيتسبب في كل هذا القتل لأن الأعراض لم تبدأ إلا بعد مرور بعض الوقت، وعندما دخل عمال الدفاع المدني لمنظمة الخوذ البيضاء إلى المنطقة بعد ساعة انتقلوا من بيت إلى آخر بحثًا عن الناجين.
ويتبادل كل من الحكومة السورية والمعارضة المسلحة الاتهامات بشأن المسؤول عن الهجوم، ففي حين تقول الحكومة إنها لا تملك أي سبب للهجوم، ولم ولن تستخدم السلاح الكيماوي حتى ضد الإرهابيين، تقول فصائل المعارضة إن الجيش السوري الحكومي هو من ارتكب الهجوم.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ny4xNDAg جزيرة ام اند امز