هل ينتصر صوت العقل قبل وقوع الكارثة في إدلب؟
المجتمع الدولي أطلق رسالة تحذيرية من وقوع كارثة إنسانية سيكون فيها المدنيون في إدلب السورية هم الحلقة الأضعف.
يحبس العالم أنفاسه بانتظار معركة قد تشهدها محافظة إدلب، الواقعة شمال غربي سوريا، المثخنة بالحرب منذ نحو 7 سنوات، ويظهر فيها النظام السوري في ثوب مَن قرر بالفعل خوض معركة محسومة لصالحه، مدعوما بحلفائه خصوصا روسيا.
المجتمع الدولي، خلافا لروسيا وحليفها السوري، أطلق خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الجمعة، رسالة تحذيرية من وقوع كارثة إنسانية سيكون فيها المدنيون في إدلب هم الحلقة الأضعف في آخر معقل لمقاتلي المعارضة في سوريا، حيث يقطن قرابة 3 ملايين نسمة، يصبح معها من الصعوبة تجنيب المدنيين آثار معركة مدمرة.
النظام السوري ماضٍ في التجهيز لمعركته رغم فشل اجتماع طهران، الجمعة، الذي ضم إيران وتركيا وروسيا حول سوريا، ما يثير مخاوف من هجوم لقوات النظام والكارثة الإنسانية الجديدة التي ستترتب عليه، دون استجابة لصوت العقل الذي ظهر في تحذيرات الكويت وفرنسا وواشنطن وبريطانيا خلال جلسة مجلس الأمن من اجتياح إدلب.
المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، من جانبه حث الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، على تجنب "حمام دم" في إدلب.
نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، أكد في كلمة بلاده أمام مجلس الأمن، أن الهجوم العسكري على محافظة إدلب سيكون "كارثة"، داعياً مختلف أطراف النزاع إلى الالتزام باتفاق خفض التصعيد، فيما اعتبر فرانسوا ديلاتر، مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، الهجوم المتوقع "خطرا يهدد الجميع"، ويؤدي إلى موجة هجرة كبيرة باتجاه تركيا وأوروبا.
واشنطن رأس الحربة في معارضة تلك الحرب أو بالأحرى "الكارثة" الوشيكة، قالت عبر مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة: "إن إيران وروسيا ستواجهان عواقب وخيمة إذا استمرتا في التصعيد بسوريا".
وأكدت نيكي هيلي، أمام مجلس الأمن في جلسة خاصة بسوريا، أن أي هجوم على إدلب ستعتبره واشنطن تصعيداً خطيراً في سوريا، مشيرة إلى أن نظام الأسد ارتكب الفظائع، وأن عدم الرد عليه سيصبح نقطة سوداء في مجلس الأمن.
ولفتت إلى أن العملية العسكرية في إدلب انطلقت بالفعل رغم تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
دولة الإمارات ومن موقع مسؤوليتها الدولية والإقليمية أوضحت موقفها الداعم لتجنيب المدنيين أخطار الحروب، حيث أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، ضرورة تجنيب مدينة إدلب السورية أي مواجهة تعرض المدنيين للخطر.
وشدد قرقاش، في تغريدة عبر "تويتر"، السبت، على ضرورة المراجعة الجادة للدور العربي في سوريا.
كما أكد الوزير الإماراتي أن "تجنيب إدلب مواجهة دامية تعرّض المدنيين للخطر يمثل أولوية لنا وللمجتمع الدولي".
وأضاف: "تقلص نفوذ ووجود الدور العربي تجاه الأزمة السورية بحاجة إلى مراجعة جادة وشاملة ودروس لا بد من استيعابها بمرارة وعقلانية".
كذلك دعت 8 منظمات دولية غير حكومية ناشطة في سوريا "القادة الدوليين" إلى "العمل معا، لتفادي" وقوع "أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع السوري قبل 7 سنوات"، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص وملايين النازحين.
معركة إدلب المرتقبة ستشكل آخر أكبر معارك النزاع السوري، بعدما مُنيت الفصائل المعارضة بالهزيمة تلو الأخرى، ولم يعد يقتصر وجودها سوى على محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية، وعلى ريف حلب الشمالي، حيث تنتشر قوات تركية.
وشنّت طائرات روسية، الجمعة، غارات على مقرات تابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، وأخرى لحركة أحرار الشام في محافظة إدلب، موقعة 5 قتلى على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبدأ مئات المدنيين، الخميس، الفرار من مناطق في إدلب خوفا من هجوم وشيك، حيث تتركز عمليات النزوح خصوصا من الريف الجنوبي الشرقي، الذي يستهدف منذ أيام بقصف جوي سوري وروسي، والذي يتوقع أن يشهد المعارك الأولى في حال بدأ الهجوم.
وتمت الغارات بينما كانت القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان منعقدة وقبل ساعات على اجتماع لمجلس الأمن الدولي بدعوة من واشنطن حول الوضع في إدلب.
ومن المقرر أن يجري دي ميستورا محادثات مع ممثلين عن تركيا وروسيا وإيران الأسبوع المقبل في جنيف حول الأزمة في إدلب.
وترعى روسيا وإيران وتركيا محادثات أستانة للسلام التي أطلقت بعد التدخل الروسي العسكري في النزاع في عام 2015، ما شكل نقطة تحوّل في النزاع لصالح نظام بشار الأسد، وطغت تلك المحادثات على مفاوضات جنيف التي كانت تقودها الأمم المتحدة.
وترسل قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات متواصلة إلى محيط إدلب، تزامناً مع تصعيد قصفها المدفعي في الأيام الأخيرة على مناطق في الريف الجنوبي الشرقي بمشاركة طائرات روسية.
وتقول الأمم المتحدة إن نصف سكان المحافظة تقريبا وبعض جيوب المقاتلين في محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة من النازحين.