الأسد.. حاكم الاحتلال الإيراني في سوريا
الوجود الإيراني بسوريا لم يعد مقتصرا على البعد العسكري، بل امتد للسياسة العامة والإعلام
من أراد معرفة ما تعنيه النزعة التوسعية لطهران ما عليه سوى النظر إلى سوريا، إذ لم يعد الوجود الإيراني مقتصرا على البعد العسكري، بل امتد للسياسة العامة والإعلام في طريقه لاحتكار ما كان واحدا من أكثر الاقتصادات العربية رسوخا.
وعلى مدار سبع سنوات، هي المدة التي قضاها الرئيس السوري بشار الأسد مستعرضا مهاراته الدموية في قتل شعبه، كانت حليفته طهران تُوطد نفوذها يوما تلو الآخر.
طيلة هذه السنوات، كان كل صندوق ذخيرة تسلمه إيران لسوريا يقابله تنازل ما، حتى صارت سوريا مستباحة بالكامل من مليشيات طهران.
وبلغ الأمر درجة من الاستخفاف بالقرار الوطني، لدرجة أن أخبار المعارك أو حتى المواقف التفاوضية تبث أولا على وسائل الإعلام الإيرانية، ثم ينقل عنها إعلام الأسد الذي لا حيلة له سوى بيعة مرشد إيران.
وهذه الأيام، تفيد الأخبار القادمة من دمشق، والتي تابعتها بوابة العين الإخبارية، أنها بصدد إبرام عقود كبرى مع المؤسسات الإيرانية، ضمن ما يصطلح عليه إعادة الإعمار، في حين يبقى الوصف الأدق، الاستعمار.
ويبدو الأمر استفزازيا عندما يوكل أمر الإعمار لمن كان عنوانا للدمار، حيث يقول المنطق إن مَن كان جزءا من المشكلة لا يستقيم أن يكون جزءا من الحل، ناهيك عن ادعاء احتكاره.
وبحسب تقرير طُرح على مجلس العموم البريطاني من المعارضة الإيرانية، خلال جلسة خُصصت لمناقشة إرهاب طهران في المنطقة، فإن طهران وقعت مع الأسد اتفاقا سريا يتيح لمليشيات الحرس الثوري تنفيذ مشاريع ضخمة بقيمة 20 مليار دولار.
وهذا العقد، كما نص التقرير، أُبرم لضمان استمرارية الوجود الإيراني في سوريا، وبالطبع لم ولن يكون عادلا بأي شكل من الأشكال.
وطهران التي اعتادت أن تأخذ أكثر مما تعطي، لن تقل أرباحها في هذه الصفقة فقط عن الثلث إن لم تزد، أي رقم خرافي مقارنة بما أنفقته خزينتها على الحرب السورية.
وإن كانت هذه واحدة فقط من صفقات متطاولة، يمكن تكبير الصورة لفهم المدى الذي وصله النفوذ الإيراني في هذا البلد العربي.
وتعد سوريا واحدة من عدة بلدان تستهدفها إيران لتنفيذ الممر الجغرافي البري الإيراني الذي يمتد من طهران ليشق طريقه إلى العراق، ومنها يخترق سوريا ليصل إلى اللاذقية الساحلية فيوفر منفذا لإيران على البحر المتوسط، ثم يعرج جنوبا إلى دمشق فلبنان.
والهدف منه- إضافة لأخذ منفذ ساحلي- هو ربط كل تلك البلدان في اليد الإيرانية، ويكون لطهران النفوذ في القرارين السياسي والاقتصادي لتلك الدول، خاصة أن الكثير من الموالين لها يشاركون في حكومات هذه البلدان.
ولأن مَن يديرون الأموال هم مَن يحددون حركة المجتمع، فإن سطوة الملالي المتزمتة، لا تقف عند هذا الحد، بل تهدد سوريا في تقاليدها الاجتماعية المنفتحة، كما مسحت جمهورية آية الله الكثير من تقاليد شعبها.
ولأن سنن التاريخ تجزم أن الغزاة سيطردون مهما استقر لهم الحال وتطاول، فإن مليشيات المرشد ستخرج من الجمهورية السورية يوما ما، فقط على الأسد تذكر أن التاريخ سيخلده كحاكم للاحتلال الإيراني أكثر من أي شيء آخر.
aXA6IDMuMTQ1LjQ3LjE5MyA= جزيرة ام اند امز