منذ عام 1979 لم تقدم إيران للقدس سوى الانقسام الفلسطيني واستهداف الجيوش العربية ومحاولة احتلال الدول المحيطة بفلسطين.
تستعد إيران لاستغلال القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل لتبرير انتشار مليشياتها الإرهابية في الدول العربية تحت شعار حمايتها من "الكيان الصهيوني والاستكبار الأمريكي" رغم الدور الإيراني المعروف في محاولة إضعاف الدول العربية التي حاربت من أجل فلسطين.
- "النجباء".. أولى مليشيات الحشد الشعبي على لائحة الإرهاب الأمريكية
- في يوم القدس "الإيراني".. ماذا فعلت طهران لفلسطين؟
فقد نشرت وكالة "تسنيم" المقربة من مليشيا الحرس الثوري الإيرانية الإرهابية، الخميس، أن القرار الأمريكي "بكل تأكيد سيسهل على إيران ظروف تشكيل جبهة إقليمية تدور حول مركزية الدفاع عن فلسطين".
وتشير بـ"الجبهة الإقليمية" إلى مليشياتها المنتشرة في عدة دول وبات لها دور مؤثر في تسيير أمورها، خاصة العراق واليمن ولبنان وسوريا؛ والتي تسميها بـ"جبهة المقاومة"، وتنصب طهران من خلالها نفسها زعيمة للمنطقة وللعالم الإسلامي، وتبرر بها تدخلها المليشياوي في المنطقة.
كما أعلنت مليشيا حزب الله الإرهابية أن أمينها العام حسن نصر الله سيلقي كلمة غدا بشأن القدس، ومن المتوقع أن يستغلها في إيجاد المبررات لاستمرار امتلاك تلك المليشيا للسلاح وفي ممارسة عملياتها الإرهابية في لبنان وسوريا والعراق واليمن تحت شعار "دعم المقاومة الإسلامية للاستكبار الأمريكي".
كذلك أعلن أكرم الكعبي، الأمين العام لما يسمى بـ"حركة النجباء"، إحدى فصائل مليشيا الحشد الشعبي الطائفية الموالية لإيران، الخميس، أن قرار ترامب حول القدس "سيكون شرارة انتفاضة كبرى لإزالة هذا الكيان (إسرائيل) من جسد الأمة الإسلامية" في تبرير أيضا لعمليات هذه الحركة التي تساعد إيران في احتلال مدن سورية.
وحركة النجباء هي الحركة الأبرز من مكونات "الحشد الشعبي" العاملة في سوريا، وتعلن تواجدها هناك منذ عدة سنوات، وتتفاخر بدورها في تعزيز النفوذ الإيراني لاحتلال عدة مدن، أبرزها حلب وآخرها البوكمال بدير الزور، ونشرت عدة صور لتواجد الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس بمليشيا الحرس الثوري الإيراني في تلك المدن بحجة محاربة داعش.
وإضافة لاستغلالها القرار الأمريكي لتبرير عملياتها الإرهابية التي تخدم توسيع نطاق النفوذ الإيراني في المنطقة، فإن حركة "النجباء" ستستغل هذا القرار كذلك لتنتقم بشكل شخصي من الولايات المتحدة التي وصفتها بأنها حركة إرهابية.
ففي الشهر الماضي، باتت "النجباء" أول حركة تتبع مليشيات الحشد الشعبي تسعى واشنطن لإدراجها على لائحة الإرهاب؛ حيث صنَّف الكونجرس الحركة كجماعة إرهابية في مشروع قانون، مطالبا بحظرها وبحظر الشخصيات الأجنبية المسؤولة عنها أو المرتبطة بها -في إشارة إلى القيادات الإيرانية- في فترة لا تزيد على 90 يوما.
ولا تخفي "النجباء" ولاءها لمرشد إيران علي خامنئي الذي تصفه بـ"ولي أمر المسلمين" ولا علاقتها الوثيقة بمليشيات حزب الله اللبنانية وتنسيقها الدائم معها في العمليات.
ماذا قدمت إيران لفلسطين؟
ودأبت إيران والمليشيات الموالية لها في المنطقة على حشر كلمة القضية الفلسطينية والوحدة الإسلامية والمقاومة في خطابهم الذي يؤلب دائما الشعوب العربية ضد حكامها بحجة "تهاونهم" في الدفاع عن فلسطين، بالرغم من أن إيران ذاتها لم تقدم لفلسطين ما يسمح لها بأن تحرض الشعوب الأخرى أو تنتقد حكام المنطقة.
ففي عام 1979، وفي إطار سياستها في استغلال الدين في كسب العواطف وتجنيدها لصالح مشروعها التوسعي، أطلقت ثورة الخميني في إيران ما أسمته بيوم القدس العالمي؛ لتقدم فيه نفسها على أنها المناصر الأول لفلسطين والحامي الأول للإسلام.
ولكن على مدى 38 عاما منذ ذلك الوقت لم تقدم طهران لقضية فلسطين إلا ما تسبب في إضعافها، وإضعاف الدول المحيطة بها، وزرع الانقسام بين الشعب الفلسطيني.
فقد أسهمت إيران في نشأة فصائل وجهت سلاحها لمنظمة التحرير الفلسطينية بدلا من تخصيصه فقط للاحتلال الإسرائيلي، و نشرت حركات شيعية لنشر الطائفية والانقسام الوجداني بين الشعب الفلسطيني، ومن أبرز شواهد ذلك تأسيس حركة "الصابرين" الشيعية بغزة.
كذلك دعمت تيار تنظيم الإخوان الإرهابي في غزة ليكون منافسا لحركة فتح، وسحبت الطاقة البشرية الفلسطينية إلى القتال في أراضٍ خارجية مثل إرسال فلسطينيين للحرب في سوريا، أو إلى مصر.
وصنعت مليشيات في عدة دول مثل لبنان والعراق واليمن وسوريا أنهكت جيوش تلك الدول، واستنزفت مواردها؛ ما أضعف فرصها في أن تكونت مصدر ردع للاحتلال الإسرائيلي.
وأسهم دعم إيران لتأسيس ونشر ميلشيات مسلحة معادية للجيوش الوطنية والحكومات في نشر حروب وانقسامات سحبت التركيز من القضية الفلسطينية إلى قضايا أخرى مثل سوريا والعراق واليمن إلخ، بل واتضح منذ عام 2011 أن إيران تسعى صراحة لاحتلال دول عربية بدلا من المساعدة في تحرير القدس.
ومن الأمور التي تفاخر بها إيران فيما تصفه بمقاومتها لإسرائيل حرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل، ولكن الأحداث منذ ذلك التاريخ أثبتت أنها كانت حربا مفتعلة، سلطت إيران حزب الله للقيام بها لإضعاف الجيش اللبناني بعد طرد الجيش السوري من لبنان 2005، ولرفع رصيد حزب الله ونشر التعاطف مع مذهبه وسلاحه بتصويره أنه المقاوم "الأبرز" لإسرائيل، بحسب ما ألمح لذلك وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، والأمين العام الحالي للجامعة العربية، في حوار تلفزيوني مع قناة "آر تي" الروسية 2014.