يوم القدس "الإيراني"غطاء لمبايعة الخميني
يوم القدس العالمي الذي ابتدعه الخميني 1979 يتحول سنويا إلى مرآة تكشف الهدف الحقيقي منه وحلفاء إيران في الدول العربية والإسلامية
أعلن الخميني، قائد ما يسمى بالثورة الإيرانية، عام 1979 ما أسماه بيوم القدس العالمي بزعم مناصرة قضية فلسطين، فيما اتضح أنه مخصص لمناصرة ومبايعة الخميني وإيران رغم دورها في انتعاش إسرائيل وتقسيم الفلسطينيين وتخريب دول عربية.
ففي مثل هذا اليوم، الجمعة الأخيرة من رمضان من كل عام، تخصص له إيران مسيرات ضخمة، وتخرج كذلك مسيرات تنظمها مليشيات وأنظمة موالية لإيران في الدول العربية والإسلامية، وترفع شعارات تمجّد إيران والخميني، فيما تكيل الاتهامات الباطلة للدول العربية بزعم أنها باعت قضية فلسطين، ويصل الأمر أحيانا لافتعال صدامات مع رجال الأمن.
ولإعطاء هذا اليوم زخمًا، شارك الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) علي لاريجاني، ورئيس السلطة القضائية آملي لاريجاني في مسيرات طهران التي تم تنظيمها اليوم الجمعة في إيران، وهدفت إلى تصوير إيران ومليشياتها على أنها المعادي "الأوحد" لإسرائيل، متجاهلة تعاونها مع إسرائيل التي أمدتها بالسلاح في حرب الخليج الأولى ضد العراق خلال ثمانينات القرن الماضي.
واستعرضت مليشيا الحرس الثوري الإيراني في هذه المسيرات عضلاتها بصواريخ "ذو الفقار"، وردد المتظاهرون شعاراتهم التقليدية "الموت لأمريكا" "الموت لإسرائيل".
ومليشيا الحرس الثوري الإيراني هي الذراع المسلح لإيران لتنفيذ مشروعها بالتوسع في الدول العربية والإسلامية عبر نشر الفتن والانقسامات بين أبناء تلك الدول، وتأسيس حركات شيعية أو غير شيعية موالية لإيران تناطح الحكومات لاستنزافها، وتحويلها في النهاية لكيان تابع لإيران.
وحرصت إيران في البيان الختامي للمشاركين في مسيرات يوم القدس العالمي على توجيه الهجوم إلى الدول العربية، وخاصة الخليج، إضافة إلى دعمها لحلفائها وأتباعها في سوريا والعراق واليمن والبحرين.
كذلك اهتم إسحق جهانغيري النائب الاول للرئيس الإيراني على ترديد مقولة إن إسرائيل هي العدو الرئيسي للشعوب الإسلامية، لصرف النظر عن عداء إيران لهذه الشعوب.
أما من خارج إيران، فإن من أبرز التصريحات والمسيرات التي خرجت على ألسنة حركات موالية لإيران ما يلي:
قال النائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، سالم سلامة، في تصريح لوكالة تسنيم الإيرانية إنه يدعو العالم العربي والإسلامي لـ"الاقتداء" بإيران في احتفالها بالقدس.
وصب جام غضبه على الدول العربية والإسلامية -عدا إيران- قائلا: "نحن نقول أين العرب؟ وأين المسلمون من موقفهم من تدنّي الصهاينة للقدس واحتلاله".
وغفل نائب حماس عن أن إيران لم تحرك جيشها أو مليشيات حرسها الثوري لحماية القدس، بل لنشر الفتن والقتال في دول عربية وإسلامية، كما أنها تغذي الانقسام الفلسطيني الذي يضعف الجبهة الفلسطينية الداخلية أمام الاحتلال.
كذلك أشاد مندوب حركة حماس في طهران خالد القدومي بالخميني، مرشد ثورة إيران، لتخصيصه يوما للقدس.
وحول أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، خالد عبد المجيد، تصريحاته مع الوكالة الإيرانية للهجوم على العرب قائلا: "نحن لا نراهن على أي موقف عربي رسمي يدعم القضية الفلسطينية".
واتهم الدول العربية بـ"التخلي" عن هذه القضية و"التواطؤ" عليها، مركزا في هجومه على دول الخليج.
وقال عبد المجيد إنه يراهن فقط على الشعب الفلسطيني وعلى إيران وما وصفه بـ"محور المقاومة"، أي أتباع إيران وميليشياتها، في سوريا ولبنان.
وفي سوريا أشاد عضو مجلس الشعب (البرلمان) حسين فرحو بإيران قائلا إن فلسطين "هي البوصلة الأساسية لإيران"، وفي المقابل هاجم الأنظمة العربية.
وفي اليمن، دعا عبد الملك الحوثي، زعيم مليشيا الحوثي الانقلابية، إلى مسيرات في المحافظات اليمينة لإحياء يوم القدس العالمي، وزعم أنه من بين العالم الإسلامي هناك من يدعم فلسطين ويعادي إسرائيل مثل حزب الله وإيران والنظام السوري واليمن (يقصد مليشيات الحوثيين في اليمن) وأصوات في العراق ومناطق أخرى من العالم الإسلامي، ويقصد حلفاء إيران في تلك المناطق.
وفي لبنان أعلنت مليشيا حزب الله أن زعيمها حسن نصر الله سيلقي خطابا مساء اليوم بمناسبة يوم القدس العالمي، فيما نظمت حركات وجماعات أخرى لقاءات وندوات حول نفس المناسبة، ورفع بعضها صور ملالي إيران.
واعترف علي لاريحاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بشكل غير مباشر بأن ثورة الخميني استغلت التعاطف مع القضية الفلسطينية في شحن نفوس بعض المسلمين لمناصرة ما تسميها إيران بالصحوة الإسلامية (والمقصود ثورة الخميني).
فقد قال في تصريح أدلى به الثلاثاء الماضي أمام حشد من النواب السابقين إن "الانتفاضة الفلسطينية التي استفادت من توجهات الثورة الإسلامية تعد إحدى القضايا المهمة الأخرى التي أدت إلى بث روح جديدة للكفاح ضد الكيان الصهيوني في العالم الإسلامي". بحسب ما نقلته عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وهذه "الاستفادة" المزعومة تتجلى في انتشار المليشيات المعادية للجيوش الوطنية وفي نشر الطائفية بحجة دعم القضية الفلسطينية مثلما حدث بتأسيس حماس وحزب الله ومليشيات الحشد الشعبي وغيرها في العراق وسوريا إلخ.
وجاء يوم القدس العالمي ليغطي على "يوم الكرامة"، والذي عُرف أيضا بـ"يوم فلسطين" الذي كانت تحتفل به فلسطين سنويا للاحتفال بانتصار الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني على الجيش الإسرائيلي حين حاول عام 1968 التوغل في الأردن ومهاجمة المخيمات الفلسطينية فيها، وانتهى بهزيمة الإسرائيليين.
ولكن مثل هذا اليوم لا يلقى صدى كبيرا لدى إيران لأن أحد الجيوش الوطنية النظامية شارك في تحقيق هذا النصر.
وتعي شعوب المنطقة يوما بعد يوم الهدف الحقيقي لإيران من وراء القدس العالمي، وهو ما ظهر في ردود البعض على مواقع التواصل الاجتماعي ردا على دعوات إيران للاحتشاد في ذلك اليوم.