في يوم القدس "الإيراني".. ماذا فعلت طهران لفلسطين؟
منذ 1979 قدمت لفلسطين نشر الانقسام والتشيع بداخلها، نشر الحروب داخل الدول العربية، إرسال عناصر فلسطينية للقتال في سوريا.. إلخ
في إطار سياستها في استغلال الدين في كسب العواطف وتجنيدها لصالح مشروعها التوسعي، أطلقت ثورة الخميني في إيران ما أسمته بيوم القدس العالمي؛ لتقدم فيه نفسها على أنها المناصر الأول لفلسطين والحامي الأول للإسلام.
فعلى مدى 38 عاما منذ اندلاع ثورة الخميني.. ماذا قدمت ثورته وأيام القدس التي ابتدعها للقضية الفلسطينية عموما والقدس بشكل خاص؟
يمكن تلخيص بعض ما قدمته إيران منذ 1979 للقضية الفلسطينية فيما يلي:
- دعم الانفصال والانقسام بين الشعب الفلسطيني عبر دعم حماس والجهاد ضد منظمة التحرير الفلسطينية، صاحبة السلطة الشرعية في البلاد.
- نشر حركات شيعية لنشر الطائفية والانقسام الوجداني بين الشعب الفلسطيني، ومن أبرز شواهد ذلك تأسيس حركة "الصابرين" الشيعية بغزة.
- دعم حركة حماس المنتمية لجماعة الإخوان الإرهابية في حربها ضد الجيش المصري عبر إمدادهم بالتدريب والسلاح في تنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر.
- سحب الطاقة البشرية الفلسطينية إلى القتال في أراضٍ خارجية مثل إرسال فلسطينيين للحرب في سوريا، أو إلى مصر.
-أسهم هذا الانحراف للحركات الفلسطينية عن تركيزها على مقاومة إسرائيل عبر معاداة دول وجيوش عربية إلى سحب رصيد من التعاطف الشعبي مع فكرة المقاومة الفلسطينية.
- افتعلت إيران حرب 2006 التي أضعفت قدرة لبنان واستنزفت أمواله لمجرد رفع رصيد حزب الله ونشر التعاطف مع التشيع بتصويره أنه المقاوم "الأبرز" لإسرائيل.
- نشر الميليشيات المسلحة المعادية للجيوش النظامية القادرة على حماية بلدانها أمام المطامع الخارجية، ومنها الإسرائيلية، مثل ما حدث في سوريا وفلسطين والعراق واليمن ولبنان ودعم جماعات مناهضة للحكومات في مصر والسعودية والبحرين.
- أسهم دعم إيران لتأسيس ونشر ميلشيات مسلحة معادية للجيوش الوطنية والحكومات في نشر حروب وانقسامات سحبت التركيز من القضية الفلسطينية إلى قضايا أخرى مثل سوريا والعراق واليمن إلخ
- تسعى إيران لاحتلال دول عربية مثل سوريا والعراق واليمن والبحرين بدلا من المساعدة في تحرير القدس.
تاريخ يوم القدس العالمي
ويوم القدس العالمي هو اليوم الذي دعا إليه مرشد الثورة الإيرانية الأول الخوميني، وخصص له الجمعة الأخيرة من شهر رمضان.
ودأبت إيران على تحويل هذا اليوم لهجوم على العرب، وخاصة دول الخليج، بزعم أن العرب هم من تخاذلوا عن نصرة القدس -رغم كافة الحروب التي شاركوا فيها ضد إسرائيل والأموال التي أنفقوها على الشعب الفلسطيني- فيما تصور نفسها على أنها الناصر "الأكبر" للقدس.
واعترف علي لاريحاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بشكل غير مباشر بأن ثورة الخميني استغلت التعاطف مع القضية الفلسطينية في شحن نفوس بعض المسلمين لمناصرة ما تسميها إيران بالصحوة الإسلامية (والمقصود ثورة الخميني).
فقد قال في تصريح أدلى به مساء أمس الثلاثاء أمام حشد من النواب السابقين إن "الانتفاضة الفلسطينية التي استفادت من توجهات الثورة الإسلامية تعد إحدى القضايا المهمة الأخرى التي أدت إلى بث روح جديدة للكفاح ضد الكيان الصهيوني في العالم الإسلامي". بحسب ما نقلته عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وهذه "الاستفادة" المزعومة تتجلى في انتشار المليشيات المعادية للجيوش الوطنية وفي نشر الطائفية بحجة دعم القضية الفلسطينية مثلما حدث بتأسيس حماس وحزب الله ومليشيات الحشد الشعبي وغيرها في العراق وسوريا إلخ.
وجاء يوم القدس العالمي ليغطي على "يوم الكرامة"، والذي عُرف أيضا بـ"يوم فلسطين" الذي كانت تحتفل به فلسطين سنويا للاحتفال بانتصار الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني على الجيش الإسرائيلي حين حاول عام 1968 التوغل في الأردن ومهاجمة المخيمات الفلسطينية فيها، وانتهى بهزيمة الإسرائيليين.
ولكن مثل هذا اليوم لا يلقى صدى كبيرا لدى إيران لأن أحد الجيوش الوطنية النظامية شارك في تحقيق هذا النصر.
وقال الخميني في دعوته ليوم القدس إن "يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين، إنه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها للقوى الكبرى، وإنه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم يوما للقدس ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس والذين هم أصدقاء لإسرائيل، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
وتحمل هذه الكلمات تحريضًا مباشرًا للشعوب ضد حكوماتها بزعم أنها تهادن إسرائيل وأنها من المنافقين، كما يعمل دعوات للتظاهر حتى لو كانت ستؤدي إلى مواجهات بين الشعوب وحكامها.
وبالفعل غالبا ما تتحول مظاهرات هذا اليوم إلى سكب النار على الزيت بين الحكام وبعض شعوبهم بتصويرهم متخاذلين عن مناصرة القضية الفلسطينية، بغض النظر عن ظروف أي دولة أو أزماتها، وتعلو في هذا اليوم شعارات منددة بالحكام والجيوش العربية، فيما تناصر وتمدح إيران.
المحتفلون
وتشارك الحركات المسلحة المناصرة لإيران في إحياء يوم القدس العالمي تحت لافتة مناصرة القضية الفلسطينية، فيما تحرص على إعلان مناصرتها لإيران عبر الإشادة بدورها المزعوم في دعم القضية الفلسطينية، وتصويرها على أنها النصير الأبرز وربما الأوحد لها.
وفي ذلك قالت صحيفة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله، اليوم الأربعاء، إن ناشطين من لبنان وفلسطين والعراق وإيران ودول أخرى ستحتفل بهذا اليوم عبر المشاركة في وسم "هاشتاج" باسم "قدسنا لا أورشليم".
وقالت الصحيفة إن هذا الوسم جاء بالتنسيق بين ما وصفتها بالمقاومة اللبنانية (حزب الله) والمقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد إلخ) وإيران.
ولكن يتضح الهدف الحقيقي من هذا الوسم في قول الصحيفة إن الوسم سيتضمن أيضا الدعوة إلى رفض تطبيع دول بالمنطقة مع إسرائيل؛ ما يعني أنه سيتحول إلى موجة هجوم على الأنظمة العربية.
ويتجاهل هذا الوسم أن حركة حماس نفسها، بمباركة من إيران، أعلنت وثيقة تحمل تطبيعا مع إسرائيل؛ حيث قالت إنها مستعدة للاعتراف بحدود 1967؛ ما يعني استعدادها للتفاوض مع إسرائيل ووقف ما تصفها بالمقاومة إذا ما تم التوافق على ذلك.
وشارك مسؤولون من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في مؤتمر صحفي عُقد في طهران، أمس الثلاثاء، للإعلان عن احتفالات يوم القدس العالمي.
ومن بين المشاركين مندوب حركة الجهاد لدى طهران ناصر أبو شريف، ومندوب حركة حماس لدى طهران خالد قدومي، وفق ما نشرته وكالة "مهر" الإيرانية.
كما أعلنت حركة حماس في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الثلاثاء تنظيمها فعالية "حاشدة" في يوم القدس العالمي.
وجاء في البيان هجوم من وصفتهم بـ"المطبعون والمنسقون وسماسرة الأرض وتجار السياسة ليخمدوا صوتها"، وهي ألفاظ عادة ما تستخدمها الحركة للهجوم على الدول العربية، ولا تستخدمها أبدا في الحديث عن إيران.
كما تجاهل البيان وثيقة حماس التي تحمل مهادنة مع إسرائيل.