صفقة تركية إيرانية بإدلب.. مطامع ومصالح مشتركة بسوريا
صفقة جديدة بين أنقرة وطهران بشأن سوريا، تتضمن مقايضة للوجود العسكري التركي في إدلب مقابل السيطرة الإيرانية على جنوب دمشق
صفقة جديدة بين أنقرة وطهران بشأن سوريا، تتضمن مقايضة للوجود العسكري التركي في إدلب مقابل السيطرة الإيرانية على جنوب دمشق والتوسع بمنطقة السيدة زينب.
ومن المنتظر أن تناقش هذه الصفقة خلال اجتماع أستانة المزمع عقده، خلال يومي الخميس والجمعة المقبلين، حيث طرحت في الـ 27 من أغسطس/ آب الماضي مشاورات تركية إيرانية روسية من أجل ضم إدلب لمناطق خفض التصعيد.
وجاءت إدلب ضمن الاقتراح المبدئي، الذي طرحته موسكو في مفاوضات أستانة 4، لإنشاء مناطق خفض التصعيد، الذي تضمن مناطق الغوطة الشرقية وجنوب سوريا وشمال حمص واللاذقية، ولكن ملامح هذه الصفقة بين إيران وتركيا تشير لتوافق مصالح جديد بين الطرفين بسوريا، خاصة وأن إدلب أصبحت مركزا رئيسيا للمعارضة السورية المسلحة بعد سيطرة جيش النظام على مدينة حلب الشمالية.
مرحلة جديدة من العلاقات
"ملامح الصفقة اتفاق مخالف لكل التوقعات، خاصة وأن الطرفين التركي والإيراني اتفقا دون الرجوع للأطراف العربية" بهذه العبارة وصف ممثل شباب الحراك الثوري " فراس الخالدي" المشاورات بشأن إدلب وجنوب دمشق، موضحًا أن تقاطع المصالح بين الطرفين هو الدافع الأول لاختيار إدلب بالصفقة.
ورأي الباحث السياسي السوري "ميسرة بكور" أن الصفقة دليل على تطور العلاقات التركية الإيرانية على عكس السابق، مشيرًا إلى ملامح تقارب أخرى تمثلت في تنازل تركيا لقبول بقاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس النظام لفترة انتقالية، وهذا التنازل يصب في مصلحة إيران.
أطماع تركية
وتمثل إدلب أهمية استراتيجية للإدارة التركية، خاصة وأنها المدينة الوحيدة على الحدود السورية - التركية التي لم تقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، لذا أصبحت مأوى لأعداد كبيرة من النازحين السوريين حتى وصل عدد سكانها إلى نحو مليوني نسمة في نهاية العام الماضي، فضلًا عن موقعها الجغرافي وقربها من ولاية هطاي التركية من ناحية الشمال.
وأرجع الخالدي، في حديث لـ"بوابة العين" الإخبارية، سبب إبرام الصفقة وتحديد إدلب مقابل جنوب دمشق، إلى رغبة تركيا السابقة الدخول لإدلب، ولكن لم تنجح محاولات أنقرة وقتها للسيطرة على إدلب، مؤكدًا أن هذه الصفقة هي فرصة سانحة للدخول بذريعة محاربة التنظيمات الإرهابية جبهة فتح الشام " النصرة سابقًا" وتنظيم “داعش" الإرهابي، من أجل ضرب الأكراد السوريين بمحافظات منبح والحسكة والرقة وعفرين وكوباني المناطق المجاورة لإدلب.
وفي ظل تقدم قوات سوريا الديمقراطية المكونة من الأكراد والعرب في معركة الرقة، تتزايد مخاوف الإدارة التركية من صعود الأكراد في سوريا، فضلًا عن قيام أكراد العراق باستفتاء استقلال كردستان، ما يمنح أكراد تركيا الفرصة للبحث عن حقوهم.
واتفق بكور مع تحليل الخالدي السابق بشأن مطامع أنقرة في إدلب، والتي تتمثل في توجيه ضربات ضد القوات الكردية، منوهًا أن هذه الصفقة تخدم تركيا بشكل مباشر في أزمتها مع الأكراد وتحالفها مع الجانب القطري الذي تصاعدت حدته مع الأزمة الأخيرة بين الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب ودولة قطر منذ يونيو/ حزيران الماضي.
كما ألمح ميسرة بكور في تصريحاته لـ"بوابة العين"، بأن التقارب التركي الإيراني القطري يخدم مصالح الدول الـ 3، من أجل إتمام المشروع الروسي الإيراني، خاصة مع بداية التقارب بين الجانبين الأمريكي والروسي غير المعلن بشأن الوضع السياسي بسوريا.
أطماع إيرانية
وفي الوقت نفسه كانت أطماع النظام الإيراني من الصفقة السعي إلى إيجاد البديل في سوريا في ظل الرفض الأمريكي لوجود طهران بالمنطقة وتحديدًا بسوريا.
وحلل الخالدي، دخول طهران بالصفقة، بخدمة للمشروع الإيراني، والطريق البري الرابط بين طهران ولبنان وسوريا والعراق، واستغلال مدينة البوكمال كطريق رئيسي لعناصر حزب الله الإرهابي للوصول إلى سوريا.
وتعد صفقة "حزب الله" الإرهابي، أحد أذرع طهران بالمنطقة مع داعش، التي نصت على نقل قوافل من مسلحي داعش من الحدود اللبنانية-السورية إلى مدينة البوكمال السورية في ريف دير الزور الواقعة شرق سوريا ومشتركة مع الحدود السورية-العراقية هي تمهيد لهذه الصفقة، بحسب تحليل الخالدي.
بينما استند الباحث السياسي بكور في تفسيره لصفقة التواجد الإيراني جنوب دمشق على رغبة إيران المؤكدة لإنشاء كيان عسكري طويل الأمد بسوريا، مشيرًا إلى أن صفقة التواجد الإيراني جنوب دمشق ليس مرتبطًا بتركيا، بل مرتبطا بتخوفات طهران من الخروج من المعادلة بسوريا.
وتابع بكور قائلًا: مخاوف إيران جاءت من تعهدات موسكو الأخيرة بكبح نشاطات حزب الله اللبناني وإيران، واستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد "حزب الله"، ما يجعل هذه الصفقة فرصة لعودة العلاقات التركية الإيرانية، وإثبات وجودها بسوريا.