هناك شهادات لعشرات العناصر من تنظيم داعش الإرهابي يؤكدون العلاقة الحميمية بين التنظيم والحكومة التركية
يبدو أن الانسحاب الأمريكي هدية قيّمة قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره أردوغان ليقوم بعمليات واسعة في الشمال الشرقي لسوريا، لا سيما أن هذه العمليات التي قام بها الجيش التركي في التوغل بالأراضي السورية بمساندة الفصائل الموالية لها موجودة على طاولتها منذ سنوات وكانت تنتظر الفرصة المواتية لتنجز ما يشغل بال الحكومة التركية ألا وهي إنقاذ حلفائها من تنظيم داعش وأسرهم الموجودين في سجون قوات سوريا الديمقراطية.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية الجيش التركي بالتعاون مع فصائل موالية له في شمال شرق سوريا باسم عملية "نبع السلام" التي ليس من اسمها نصيب، ومنذ اليوم الأول من العملية بدأ الطيران التركي بالقصف على السجون التابعة لقوات سوريا الديمقراطية
أعلنت تركيا نياتها شن هجوم على قوات قسد بحجة حماية حدودها من الإرهابيين وتأمينها لإنشاء منطقة آمنة ليتخلص من اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي التركية، هنا أردوغان يجعلنا مندهشين لأنه ينوي القضاء على الإرهاب ويتناسى أنه الممول الأول لتنظيم داعش الإرهابي وهو المسؤول الأول والأخير عن انتشار هذا التنظيم على الأراضي السورية، إذ كانت مطارات الحكومة التركية ببداية سنة 2013 نقطة تلاق وانطلاق للآلاف من عناصر داعش إلى سوريا إذ كانت تسهّل من انتقال عناصر التنظيم عبر أراضيها ومن ثم إرسالهم إلى الحدود مع سوريا وإدخالهم وإيصالهم إلى معقل التنظيم من مدينة جرابلس ومن ثم إلى الرقة.
وهذه التفاصيل ليست كأي كلام يقال، فهناك شهادات لعشرات العناصر من تنظيم داعش الإرهابي صرحوا لمجموعة من القنوات والوكالات العربية والعالمية يؤكدون العلاقة الحميمية بين التنظيم والحكومة التركية، والآن يأتي أردوغان عبر دباباته ليهاجم المدنيين الكرد بحجة أنهم يشكلون خطرا على أمنهم القومي، ويتناسى أن تنظيم داعش الإرهابي كان يستولي على عدة مدن على حدودها ومنها تل أبيض وجرابلس اللتان كانتا بوابة دخول إرهابيي أردوغان، وطبعا ينظر أردوغان إلى عناصر هذا التنظيم على أنهم لم يشكلوا أي خطر على أمنه القومي بل الكرد هم الذين يشكلون خطرا عليه لأنهم وبقيادة التحالف الدولي قد قضوا على هذا التنظيم الإرهابي، ولنؤكد تلك العلاقة الوثيقة بين أنقرة وداعش سنعود إلى سنة 2015 عندما عقدت عدة دول أوروبية وعربية ومن ضمنها تركيا وبقيادة أمريكا اجتماعا لتشكيل تحالف دولي للقضاء على تنظيم داعش الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق، وقتذاك عبرت تركيا عن رفضها للمشاركة في حرب داعش بحجة أنها لا ترغب في استعداء داعش بعد سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق ووجود حدود طويلة له مع هذين البلدين.
وفي التاسع من تشرين الأول/أكتوبر أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية الجيش التركي بالتعاون مع فصائل موالية له في شمال شرق سوريا باسم عملية نبع السلام التي ليس من اسمها نصيب، ومنذ اليوم الأول من العملية بدأ الطيران التركي بالقصف على السجون التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، ويعلم أردوغان جيدا أن هذه السجون تحتوي على معتقلين ومعتقلات تنظيم داعش، وفي أثناء الحملة ظهرت بعض الصور ومقاطع الفيديو لعناصر من الفصائل الموالية لتركيا وهم يرددون شعارات التنظيم كـ"باقية باقية، ملاحدة، كفار ويقصدون هنا الكرد).
وبعد يومين من القصف المتواصل من قبل الطيران والمدفعية التركية لهذه السجون تمكن خمسة عناصر من التنظيم من الهرب وحتى الآن لم يتبين لهم أثر، كما انتشر فيديو لمجموعة موالية لأردوغان وهم يحررون عوائل داعش بالقرب من عين عيسى وطبعا هذا هو الهدف الرئيسي لأردوغان، تحرير عناصر تنظيمه من سجون قوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب استهداف القومية الكردية وتنفيذ حلمه بإبادة الكرد في سوريا، والأولى حذرت منه الولايات المتحدة الأمريكية أن هذه العملية ستساعد على فرار عناصر التنظيم، بعد هذا القصف المتواصل أعلمت قوات سوريا الديمقراطية هدف الجيش التركي وهددت إن استمر هذا القصف العشوائي على السجون لن يكون حراسة الإرهابيين من أولوياتها وستتوجه إلى جبهات القتال لحماية المدنيين من الهجوم الطوراني، ولاقى هذا التهديد ردا إيجابيا من أغلب الدول الأوروبية، وطالبوا تركيا بوقف عملياتها العسكرية كي لا يعود التنظيم ويشكل خطراً على دولهم وأراضيهم، لكن أردوغان لم يأبه لأحد واستمر في عملياته، بل وتوجه لإحياء داعش ببناء دويلة للجهاديين تحت مسمى المنطقة الآمنة، وستكون هذه الدويلة بإدارة حلفائه من الإخوان المسلمين جناح سوريا التي لها الفضل والتأثير سابقا والآن باستقطاب الجهاديين لسوريا، ليعود أردوغان ويهدد أمن المنطقة بهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة