4 تطورات رئيسية ترسم سيناريوهات مستقبل الأزمة السورية
4 تطورات رئيسية طرأت على المشهد السوري خلال الفترة الماضية، ما يثير التساؤلات حول التطورات المتوقعة في ظل هذه المتغيرات
تطورات متلاحقة شهدتها الساحة السورية مع نهاية العام الماضي، طرحت احتمالات جديدة لمسار الحرب المستعرة منذ نحو 8 سنوات، وبينما ترتسم آمال بدور عربي فاعل في ظل قرار الإمارات بإعادة فتح سفارتها في دمشق خيم قرار واشنطن بسحب قواتها من البلاد على مستقبل الأزمة.
وبين ليلة وضحاها، تغيرت الخريطة السياسية في سوريا، عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات من الشمال السوري، مع استمرار تهديدات تركيا للأكراد، إضافة إلى تلميح عدد من الدول العربية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عودة عمل سفارتها في دمشق، مؤكدة دعمها استقلال وسيادة البلاد، وتصبح هذه الخطوة نقطة تحول في الدور العربي لحل الأزمة السورية.
مشهد سياسي معقد
وطرأ على المشهد السوري تطورات رئيسية خلال الأسابيع الماضية، ما يثير التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة للأزمة، خاصة في ظل اقتراب موعد جولة جديدة للدول الراعية لحوار أستانة حول الوضع الأمني في البلاد، ومناقشة تشكيل اللجنة الدستورية، في يناير/كانون الثاني الجاري.
وقال فراس الخالدي، رئيس منصة القاهرة للمعارضة السورية في مفاوضات جنيف، إن "الوضع في سوريا يزداد تعقيداً مع انسحاب القوات الأمريكية، وظهور توافقات أمريكية-روسية من جانب، وترتيبات أمريكية-تركية من جانب آخر، خاصة أن المصالح التي تجمع هذه الدول تتخطى حدود الساحة السورية".
وأشار عادل الحلواني، ممثل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية بالقاهرة، إلى أن "الانسحاب الأمريكي أربك المشهد السياسي السوري، خاصة أن إيران ضمن مباحثات أستانة ولجنة تشكيل الدستور، على الرغم من أنها كيان مرفوض وجوده في المعادلة"، موضحاً في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذه التغيرات باتت جوهرية خاصة في ظل ظهور الدول العربية من جديد بالمشهد.
واعتبر أحمد عليبة، الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن المرحلة الحالية هي مرحلة ترتيب أمن شرق الفرات، نتيجة الانسحاب الأمريكي، وسط مخاوف من أن تحل تركيا كبديل في الشمال السوري.
وأكد عليبة في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن احتمال استمرار التدخل الروسي في الشمال يضع أردوغان أمام تحد كبير، خاصة في ظل ما يتطلبه هذا التدخل من قوات وإمكانيات العسكرية.
وأعلن الجيش السوري دخوله مدينة منبج شمال البلاد بطلب من القوات الكردية التي سيطرة على المنطقة منذ بدء الحرب، في خطوة رحب بها روسيا فورا.
ورغم تعليق الرئيس التركي على دخول قوات سورية لمنبج، قائلًا "مجرد عملية نفسية وليس هناك أي شيء مؤكد"، إلا أن المباركة الروسية تضعه في موقف حرج، بحسب المراقبين.
ودفعت تركيا بمزيد من التعزيزات إلى الشمال السوري في مناطق سيطرتها، كما عززت من تقدم فصائل موالية لها، وسط استنكار دولي ورفض محاولات أردوغان تطويق القوات الكردية، التي لعبت دوراً محورياً في هزيمة تنظيم داعش.
الموقف العربي
وعن الدور العربي في الأزمة السورية، ثمّن عليبة خطوة الإمارات في إعادة فتح سفارتها بدمشق، وإثبات الحضور العربي في سوريا، خاصة عقب انخفاض حدة الصراع العسكري، مشيراً إلى أن عودة الدبلوماسية العربية انطلاقة لعودة سوريا للحاضنتها الطبيعية مجددا.
وأضاف أن "طرح مسألة عودة دمشق للجامعة العربية في مارس/آذار المقبل، وتنامي دور الدول العربية في سوريا يصبحان مصلحة سياسية واستراتيجية مشروطة بقدرة النظام السوري على ضبط العلاقة مع إيران، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار".
وقال محسن عوض الله الباحث المتخصص في الشأن الكردي، لـ"العين الإخبارية"، إن “إعادة عمل السفارة الإماراتية بدمشق يزيد من توقعات عودة العلاقات بين سوريا والدول العربية على المستويات الدبلوماسية والسياسية والأمنية".
إيران عقبة المرحلة
"السلام في سوريا لن يتحقق في ظل الوجود الإيراني، وغياب 13 مليون سوري عن ديارهم"، عبارة أكد عبرها فراس الخالدي، رئيس منصة القاهرة للمعارضة السورية في مفاوضات جنيف، أن سيناريوهات انسحاب طهران من المشهد يعد أقل السيناريوهات دموية، مشيراً إلى ضرورة معالجة قضية الفصائل الإرهابية الموالية لطهران، ومحاولة إعادة رسم ديموغرافية تجنب البلاد صراعاً طويل الأمد.
في المقابل رأى عوض الله صعوبة تحقيق الانسحاب الإيراني من سوريا، نظراً إلى أن طهران باتت تسيطر على جزء كبير من الاقتصاد السوري.
الطموح الروسي
وعن الدور الروسي، أوضح فراس الخالدي أن روسيا الحليف الرئيسي للنظام تطمح لاستقرار سوريا، وهو الأمر الذي يصطدم بالجانب التركي، الذي يسعى لتأمين جيوب على الحدود السورية-التركية، خاصة أن حلف الناتو يواجه روسيا في المنطقة.
واتفق عوض الله مع التحليل السابق، قائلًا إنه "عقب الانسحاب الأمريكي تصبح موسكو الحاكم في القضية السورية، وعلى الجانب الآخر يصبح النظام التركي الخاسر الأكبر، خاصة أن المواجهة العسكرية لن تكون في صالحه في ظل تحالف روسيا مع النظم السوري، ملمحاً إلى دعم موسكو فكرة عودة دمشق للمنطقة العربية وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها.
الأكراد والنظام.. توافق أم صدام؟
توقع الخالدي انقسام الأكراد إلى 3 تيارات، التيار الأول يتحالف مع قوات النظام السوري لحماية مناطق تواجده، بينما يذهب التيار الثاني إلى التحالف مع تركيا، ويظل التيار الثالث رافضا فكرة التحالف مع أي طرف، ما يدخله في صراع ومواجهة مباشرة مع التنظيمات الإرهابية.
بينما قال عوض الله إن "الأكراد في الوقت الحالي يبحثون عن الحل، ومن المتوقع أن يتنازل الأكراد عن بعض المناطق مقابل الحصول على الحماية من قبل النظام السوري، خاصة مع استمرار تهديدات أردوغان بشن هجمات على شرق الفرات التي تزامنت مع الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري".
ونوه عوض الله إلى أن ثمة تقارب بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري وروسيا، مؤكدا أن أكراد سوريا لا يحلمون بالانفصال عن الدولة السورية نهائيا، بينما يتركز منهجهم على رفض الدولة المركزية والذهاب إلى الحكومة الفيدرالية.
اللجنة الدستورية
وعقدت روسيا وتركيا وإيران اجتماعا في جنيف، خلال 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، للتأكيد على أول اجتماع للجنة الدستورية السورية، في مطلع العام المقبل.
وعن ملامح العملية السياسية، طرح عادل الحلواني، ممثل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية بالقاهرة، تساؤلاً حول كيفية قبول النظام السوري بنود وثيقة الدستور، خاصة أنه تكرر رفضه تشكيل اللجنة في أكثر من مرة.
وأكد الخالدي أن مسار العملية السياسية أصبح ضرورة ملحة، وأن الحل السياسي العمود الفقري للأزمة السورية، محذراً من فشل العملية على أرض الواقع في حال تشبث بعض الدول بمواقفها وانحيازها لأطراف معينة.
وبين تشابك المصالح وتغير المواقف السياسية بالقضية السورية، يبقى السؤال قائماً، هل تتوافق الأطراف على المكتسبات السياسية التي قد يحصلون عليها عبر الدستور السوري؟
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA=
جزيرة ام اند امز