دعوات توزيع السلاح.. هل ينتظر السودان السيناريو السوري؟
مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، وعدم قدرة أي من الطرفين على فرض سيطرته على الأرض، برزت إلى السطح دعوات لتوزيع السلاح على المحالين للتقاعد ممن ينتمون للجيش والشرطة، بالإضافة إلى المواطنين.
الدعوة انطلقت من مدير عام قوات الشرطة الأسبق، الفريق أول محجوب حسن سعد، عبر رسالة بثها عبر منصات التواصل الاجتماعي، قائلا: "يجب منح سلاح الكلاشنكوف لأفراد الجيش والشرطة المتقاعدين، ولكل من يعرف استخدام السلاح خاصة الخاضعين للتدريب العسكري".
ويشهد السودان منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اشتباكات عنيفة بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، شملت العاصمة الخرطوم وعدة مدن شمالي وغربي البلاد، وأوقعت العديد من القتلى والجرحى، وتسببت بأزمة إنسانية حادة.
اتساع دائرة القتال
ومع تعثر محاولات إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 15 أبريل/نيسان الماضي، كانت لدعوات توسيع دائرة من يحملون السلاح، تأييد من قبل بعض السياسيين وعناصر الشرطة والجيش المحالين إلى التقاعد.
أحد هؤلاء المؤيدين، رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل والذي قال عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك"، قائلا: "أتفق مع نداء الفريق شرطة معاش محجوب حسن سعد من أنه يجب إعلان التعبئة لعامة للشعب".
سيناريو سوريا
وحول تلك الدعوات، قال أمجد فريد مستشار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إن "الدعوة لتوزيع السلاح على المواطنين خطيرة وغير مسؤولة، وستؤدي لتوسيع دائرة القتال على غرار سيناريو سوريا".
وأوضح فريد في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه يجب على "الشرطة حفظ الأمن قدر الإمكان بدلا من تصفية الحسابات السياسية"، مضيفًا: "أي تنصل من هذا الواجب ينزع آخر ما تبقى من شرعية امتلاكها لأجهزة العنف".
في السياق نفسه، قال الكاتب والمحلل السياسي، أمير بابكر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الدعوة لتوزيع السلاح على المتقاعدين من الأجهزة الأمنية والمواطنين لمحاربة الدعم السريع، محاولة لعسكرة المجتمع"، محذرًا من أن هذه الدعوات تكمن خطورتها في "أنها نتيجة لرد فعل وليست اتجاه أصيل، كما أنها بدون رؤية وخطة واضحة، وتقدح في كفاءة القوات المسلحة وقدرتها على التصدي للواقع الماثل الآن".
وأوضح بابكر، أن هذا الاتجاه "يصب في تكتيك صناعة المليشيات التي عانى منها السودان طويلا منذ ما عرف بالقوات الصديقة للجيش"، مشيرا إلى أن "حصيلة ذلك التكتيك هذه المعاناة ما يجري من قتال اليوم في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، فلا يمكن معالجة الخطأ بنفس العقلية الخاطئة".
وأضاف: "يمكن فهم هذه الدعوات إذا كانت هناك حرب مع دولة أخرى، ما يستدعي استنفار الشعب في مواجهة غزو خارجي، وحتى هذه في الدول القائمة على مؤسسات راسخة فإنها تستدعي الاحتياطي لديها وليس تجييش كل الشعب".
حل الأزمة
وتابع: "الاتجاه السليم لمعالجة هذه الأزمة هو الوقف الفوري لإطلاق النار، والبدء في معالجة الأزمة بشكل أكثر انفتاحا على ترسيخ مبدأ السلام بين أبناء الوطن الواحد وأكثر جدية في وضع اللبنات الأساسية لدولة مدنية قائمة على مؤسسات ودستور يحدد مهامها تجاه خدمة الوطن والمواطن".
وأضاف: "المهم هو الخروج الكامل للعسكر من العملية السياسية في خاتمة المطاف، وإبعاد السلاح عن معالجة الأزمات الوطنية اتخاذ الحوار سبيلا لذلك، فالسلاح وطوال عمر الدولة الوطنية لم يحل قضية".
ماذا عن الموقف الميداني؟
اندلعت اشتباكات عنيفة الأربعاء، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شمالي وغربي العاصمة الخرطوم.
وقال شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، إن الاشتباكات تجددت في مدينتي بحري (شمالي الخرطوم) وأم درمان (غربيها) بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع استمرار تحليق الطيران الحربي لقصف تجمعات الدعم السريع".
ودخلت اشتباكات السودان شهرها الثاني في ظل معاناة إنسانية يفاقمها نقص الوقود والخبز والكهرباء وشح المياه، واستمرار حالة النزوح من مناطق القتال.
الوضع الإنساني
من جانبها، توقعت الأمم المتحدة، الأربعاء، في مراجعة لخطتها من أجل البلاد، أن "يبلغ عدد الفارين من السودان إلى مليون لاجئ هذا العام".
وأضافت أن "نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية"، محذرةً من أن "الوضع في السودان يتحوّل إلى أزمة إقليمية بوتيرة سريعة".
ولمواجهة ذلك، أعلنت الأمم المتحدة الحاجة إلى 2.56 مليار دولار لتقديم المساعدات للاجئين بسبب الأزمة السودانية، مشيرة إلى أن 220 ألف سوداني أصبحوا لاجئين في مصر وتشاد وجنوب السودان جراء الاقتتال.
والثلاثاء، أعلنت نقابة أطباء السودان (غير حكومية) ارتفاع عدد القتلى إلى 822 مدنيا منذ بدء الاشتباكات، ونزوح ما يفوق 936 ألفا، بينما قالت إحصائية أممية في 12 مايو/أيار الحالي إن "200 ألف سوداني عبروا الحدود إلى الدول المجاورة هربا من القتال".
والخميس الماضي، اتفق الجيش السوداني و"الدعم السريع" على "إعلان جدة"، الذي يتضمن التزامات إنسانية تنفذ فورا، وجدولة لمحادثات مباشرة جديدة مستمرة في السعودية على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ومن بين تلك الالتزامات، تمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والسماح بدفن الموتى.
موقف الإغاثة
وأعلنت وزارة الصحة في السودان، الأربعاء، وصول 6 طائرات إغاثية ضمن جسر جوي من عدة دول ومنظمات.
وأضافت الوزارة في بيان، أن "مطار بورتسودان (شرق) استقبل مساء الثلاثاء، 6 طائرات محملة بـالإمدادات الطبية والغذائية والإيوائية من عدة دول شقيقة ومنظمات"، مشيرة إلى أن "وكيل وزير الصحة الاتحادي المكلف خليل إبراهيم، استمع خلال اجتماع بمدينة بورتسودان إلى تقارير حول توزيع المنح القادمة من الدول الخارجية والمنظمات للولايات المختلفة".
وناقش الاجتماع "إشكاليات وصول وتخليص محاليل غسيل الكلى وسرعة وصولها للولايات"، وفق البيان.
وفيما لم تشر الوزارة إلى الدول المرسلة للمساعدات، شكرت في بيان سابق الأربعاء، السعودية على جهودها الإغاثية.
كما أعلنت مصر والإمارات، الثلاثاء، إرسال 4 طائرات إغاثية للسودان ودولة الجوار تشاد التي يفرّ إليها لاجئون منذ اندلاع الاشتباكات الشهر الماضي.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xOTIg جزيرة ام اند امز