تركيا والمعارضة السورية.. توافق المصالح ضد الأكراد
الاتفاق التركي مع فصائل المعارضة المسلحة هو امتداد لمحاولات أنقرة الدائمة في فرض السيطرة على مدن الشمال السوري.
اتفاق جديد بين تركيا وفصائل المعارضة المسلحة السورية يقضي بتكوين "جيش نظامي" معارض، إضافة لتوحيد إدارة المعابر الموجودة في المنطقة الممتدة من جرابلس إلى أعزاز شمال حلب، وحدود منبج الإدارية وفي عمق 30 كم نحو مدينة الباب.
ويعد هذا الاتفاق التركي مع فصائل المعارضة المسلحة هو امتداد لمحاولات أنقرة الدائمة في فرض السيطرة على مدن الشمال السوري، خاصة مع نجاح العملية العسكرية التركية في إدلب والتقدم نحو مدينة عفرين.
الاتفاق
سعت الإدارة التركية في نهاية العام الماضي إلى الوصول لهذا الاتفاق مع فصائل المعارضة، ولكن التناحر الداخلي بين هذه المجموعات المسلحة هو من وقف عائقاً أمام الاتفاق.
وبشأن هذه المحاولات المتكررة من إدارة أردوغان للتدخل في الشأن السوري، قال ممثل شباب الحراك الثوري بالقاهرة فراس الخالدي "طرحت تركيا هذا الاتفاق في فترة سابقة، ولكن لم تتوافق الفصائل في الرأي، بينما في الوقت الحالي تبحث بعض الفصائل عن التبعية المطلقة لأي قوة بالمنطقة".
واجتمعت أطراف الاتفاق في مقر القوات الخاصة التركية، الثلاثاء الماضي، حيث مثَّل أنقرة قائد القوات الخاصة التركية وممثلو الاستخبارات التركية بجانب نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري وقادة من المعارضة المسلحة.
وتضمن الاتفاق انتقال الفصائل من مرحلة المجموعات إلى مرحلة الجيش النظامي على مرحلتين، فالمرحلة الأولى تتركز على تشكيل 3 فيالق، والمرحلة الثانية الدخول إلى كيان نظامي مجرد من المسميات بعد شهر واحد من الاتفاق.
الهدف
ووصف الخالدي الاتفاق التركي مع المعارضة السورية بـ"الاتفاق الضار بمصلحة القضية السورية"، موضحاً أن التوافق بين أنقرة وبعض الفصائل ليس في صالح الأزمة ولا يحمل أية حلول واضحة، إضافة إلى أن الاتفاق غير نابع من مطالب الشعب السوري.
واعتبر ممثل شباب الحراك الثوري أن الإدارة التركية لديها أهداف خفية من هذا الأمر، حيث تستهدف السيطرة على مدن الشمال السوري التي تضم نحو 40% من نسبة الأكراد السوريين، بهدف تضييق الخناق على قوات سوريا الديمقراطية الذراع العسكرية للأكراد بعد تصاعد نفوذها في الرقة المحررة.
وعقب إعلان الانتصار على داعش بالرقة، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراضه على رفع العلم الكردي وصورة زعيمهم الروحي "أوجلان" على المباني الحكومية بالمدينة، ما يشير إلى توتر المشهد السياسي بين الأكراد وتركيا.
واستند فراس الخالدي في تحليله إلى خطوات تركيا التصعيدية بتشكيل جيش مسلح معارض، إلى رغبتها في الضغط على جيش النظام السوري المدعوم من روسيا، مستخدمة اتفاقية خفض التصعيد كأداة لتنفيذ هذه الاتفاقيات.
ولم يستبعد الخالدي أيضاً في تحليله رغبة أنقرة المؤكدة في توسيع نفوذها بالمنطقة عبر التدخل العسكري في الشمالي السوري، فضلاً عن التوافق مع الحكومة العراقية في موقفها المضاد لإقليم كردستان.
تداعيات الاتفاق
وبين ليلة وضحاها تختلف الخريطة السياسية في سوريا، وتصبح المصلحة هي المحرك الرئيسي في التفاهمات العسكرية والسياسية، ورغم التوافق القائم بين المعارضة السورية وأردوغان، إلا أن هدف تركيا من السيطرة على الشمال السوري سيصب في مصلحة جيش النظام.
وتوقع الخالدي إلى أن توافق المصالح بين تركيا والمعارضة والنظام ضد الأكراد سيخلق تقارباً بين موقفي أردوغان والنظام السوري، من أجل محاربة الأكراد المدعومين من أمريكا، مشيراً إلى أن الموقف الإيراني من الأكراد متشابه تماماً مع الموقف التركي.
كما ألمح إلى أن تحرك تركيا بالقرب من الشمال السوري ضد الأكراد، سيزيد من توحيد المواقف بين عرب الأحواز والعلويين والأكراد بسوريا والعراق وتركيا.