أعداء الأمس أصدقاء اليوم.. الأكراد وبشار في مواجهة أردوغان
النظام السوري يساعد في صد العدوان على عفرين
الرئيس السوري بشار الأسد هو مصدر العون لأكراد عفرين هذه الأيام في مواجهة تركيا العدو المشترك للجانبين.
عدو الأمس صديق اليوم.. هكذا جاء المدد لأكراد سوريا بدعم من عدوهم القديم الرافض لحكمهم الذاتي من حيث لم يحتسبوا في الحرب التي يخوضونها في مواجهة العداون التركي على عفرين في شمال غرب سوريا.
الرئيس السوري بشار الأسد هو مصدر العون لأكراد عفرين هذه الأيام في مواجهة تركيا العدو المشترك للجانبين، التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين خطرا على حدودها الجنوبية.
وبرغم معارضة دمشق مطالب الأكراد بالحصول على الحكم الذاتي، ومحاربة قوات النظام للأكراد في مناطق بسوريا، إلا أن الضرورات تبيح المحظورات، وللجانبين مصلحة متبادلة في صد تقدم القوات التركية.
وطلب الأكراد من دمشق إرسال قوات للمشاركة في الدفاع عن الحدود سعيا لحماية عفرين من الهجمات التركية، ولم تبد الحكومة أي بادرة على أنها ستفعل ذلك، إلا أن ممثلين من الجانبين قالوا لـ"رويترز" إنها توفر دعما غير مباشر للأكراد من مقاتلين ومدنيين وساسة من خلال السماح لهم بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي الخاضعة لسيطرتها.
ويرى مراقبون أنه بذلك يستطيع الرئيس السوري أن يحقق مكاسب دون أن يفعل شيئا يذكر، حيث يدعم وصول التعزيزات للمقاومة الكردية، ويعطل تقدم القوات التركية، ويطيل من أمد الصراع الذي يستنزف موارد القوى العسكرية التي تنازعه السيطرة على أرض سورية.
ومن جهة النظر الأمريكية، يمثل ذلك تعقيدا جديدا في الحرب السورية الدائرة منذ نحو 7 أعوام، وتذكرة بأن حلفاءها من أكراد سوريا يتعين عليهم أحيانا التوصل لصفقات مع الأسد حتى في الوقت الذي يعملون فيه على تعزيز روابطهم العسكرية مع الولايات المتحدة.
وتقول القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا إنها توصلت في غياب الحماية الدولية إلى اتفاقات مع دمشق للسماح بإرسال تعزيزات إلى عفرين من مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد في كوباني والجزيرة.
وأكد كينو جابرييل المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها الأكراد أنه توجد طرق مختلفة لإرسال التعزيزات إلى عفرين، لكن "مبدئيا هناك الطريق الأساسي الذي يمر عن طريق قوات النظام، وهناك تفاهمات بين القوتين لتأمين المنطقة.. لإرسال التعزيزات".
وفي الوقت الذي يعتمد فيه الأكراد على الأسد في الوصول إلى عفرين، تقول مصادر كردية إن للأكراد بعض النفوذ لدى دمشق لأنها تحتاج لتعاونهم في الحصول على الحبوب والنفط من مناطق في الشمال الشرقي التي تخضغ لسيطرة كردية.
وقال قائد في التحالف العسكري الذي يقاتل دعما للأسد إن الأكراد ليس أمامهم خيار سوى التنسيق مع الحكومة السورية للدفاع عن عفرين.
وأضاف القائد الذي اشترط إخفاء هويته "النظام السوري يساعد الأكراد إنسانيا وببعض الشيء اللوجستي كغض النظر وتسهيل وصول بعض الدعم الكردي من بقية الجبهات".
ويحقق الجيش التركي مكاسب بطيئة بعد قرابة 3 أسابيع من بدء العملية التي أطلق عليها اسم "غصن الزيتون".
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود حركة تمرد منذ نحو 3 عقود في تركيا وتعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيما إرهابيا.
وقد اعتمدت الولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب كقوة برية أساسية في حربها على تنظيم "داعش" الإرهابي، كما دعمت تلك الجماعة في مناطق أخرى تخضع لإدارة الأكراد في شمال سوريا على امتداد الحدود مع تركيا.
في الوقت نفسه يتهم الأكراد روسيا بإعطاء الضوء الأخضر للهجوم التركي، وذلك بسحب مراقبيها الذين كانت قد نشرتهم في عفرين العام الماضي.
وتمثل حرب عفرين منعطفا جديدا في العلاقات المركبة التي تربط بين الأسد والجماعات الكردية السورية، وعلى رأسها وحدات حماية الشعب التي اقتطعت مناطق وأخضعتها للحكم الذاتي في شمال سوريا منذ 2011.
وتسيطر وحدات حماية الشعب على كل الحدود السورية مع تركيا تقريبا، إلا أن عفرين تفصلها عن المنطقة الأكبر الخاضعة للسيطرة الكردية في الشرق؛ منطقة تمتد مسافة 100 كيلومتر يسيطر عليها الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية متحالفة مع الجانب التركي.
وطيلة وقت كبير من الحرب تحاشت دمشق ووحدات حماية الشعب المواجهة، ومرت أوقات قاتل فيها الطرفان أعداء مشتركين من بينهم جماعات معارضة تساعد الآن تركيا في هجوم عفرين.
غير أن التوترات تصاعدت في الأشهر الأخيرة، وهددت دمشق بالتوغل في مناطق من شرق سوريا وشمالها استولت عليها قوات سوريا الديمقراطية؛ بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ما يؤكد ذلك أن القوات الموالية للحكومة السورية هاجمت قوات سوريا الديمقراطية في إقليم دير الزور الشرقي، الأمر الذي أدى إلى تدخل طيران التحالف ليلا في غارات أسفرت عن مقتل أكثر من 100 فرد من القوات المهاجمة حسبما أعلن التحالف.
وقال نواه بونزي المحلل المتخصص في الشأن السوري بمجموعة الأزمات الدولية: "سمح النظام لوحدات حماية الشعب بنقل أفراد إلى عفرين في الوقت الذي هاجمها فيه شرقي (نهر) الفرات، أعتقد أن ذلك دليل على حالة العلاقات بين الجانبين".
وأضاف "لا تزال هناك فجوة كبيرة بين مواقف وحدات حماية الشعب والنظام في مستقبل شمال شرق سوريا".
ولا تزال الجماعات الكردية السورية الرئيسية متمسكة برؤيتها لدولة سورية تتمتع فيها بالحكم الذاتي في ظل شكل من أشكال الفيدرالية؛ يختلف عما عقد الأسد العزم عليه من استرجاع سوريا كلها.