انسحاب المقداد قبل كلمة فيدان.. خبراء يحددون لـ«العين الإخبارية» الأسباب والدلالات
في موقف حمل رسائل وإشارات عديدة، غادر وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اجتماع وزراء الخارجية العرب الثلاثاء، قبل كلمة نظيره التركي هاكان فيدان.
موقف وزير الخارجية السوري عده خبراء سياسيون عرب في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، "إشارة للجانب التركي بأنه لم يتم الوفاء بعد بشروط دمشق للتطبيع الكامل، وأهمها انسحاب تركيا من الأراضي السورية".
فيما قلل آخرون من تأثير مغادرة وزير الخارجية السوري قاعة الاجتماع، على مسار تطبيع العلاقات بين البلدين، مشيرين إلى أن الخطوة "مجرد تسجيل موقف سياسي فقط، ولن يكون لها تأثير على عملية التفاوض مع تركيا".
ووفق تقارير إعلامية عربية، فإن الوزير السوري غادر منفرداً الاجتماع الذي جرى بمقر الجامعة العربية، أمس، تاركاً مقعده لأحد أعضاء الوفد السوري المشارك، قبل أن يعود للاجتماع مرة أخرى عقب انتهاء كلمة وزير الخارجية التركي.
"نوع من الضغط"
وفي تعقيبه، قال العميد أحمد رحال، المحلل الاستراتيجي السوري، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "دمشق تدرك تماما أن أي تطبيع مع أنقرة هو اعتراف بشرعية الوجود التركي داخل الأراضي السورية، مقابل مطالب لم تتحقق بعد".
وذهب المحلل الاستراتيجي إلى أن "موقف وزير الخارجية السوري اليوم، هو نوع من الضغط على تركيا وروسيا، ورسالة بأن هناك مطالب لم تنفذ حتى الآن، ومحاولة لعرقلة التطبيع في هذا التوقيت، ورفض أيضا للمصالحة مع تركيا".
وأردف: "من المؤكد أن هناك رغبة روسية قوية لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، لكن هذه الرغبة، تواجه برفض وتعنت إيراني، حيث إن الوجود التركي يقلل من تأثير النفوذ الإيراني الأكبر داخل سوريا".
وفي رأي رحال، فإن "الهدف التركي بخلاف حماية حدودها، هو إعادة السوريين الذين يخضعون لنفوذها لسوريا.. وهنا من أين ستنفق الحكومة السورية على هؤلاء".
وكان عبدالقادر عزوز المستشار برئاسة مجلس الوزراء السوري، حدد في وقت سابق، محددات دمشق لبدء مسار تطبيع العلاقات مع أنقرة.
محددات التقارب
إذ قال عزوز في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، إن "مستقبل العلاقات وجهود المصالحة بين سوريا وتركيا يتوقف على الجانب التركي، والتزامه بالقرارات الدولية وبمبادئ القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار، مفتاح استمرار خطوات وجهود المصالحة".
وأضاف أن "سوريا تدعم كل المبادرات المتعلقة بجهود المصالحة مع تركيا، المستندة إلى سيادة الدولة على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى، وتلك المبادرات تعكس إرادة الدول المعنية لإحلال الاستقرار في سوريا وفي المنطقة".
فيما تتحدث أنقرة عن 4 شروط لتحقيق التطبيع مع دمشق، تتمثل في إقرار الدستور وإجراء انتخابات حرة بمشاركة جميع الأطياف ومراعاة مطالب الشعب السوري، ومكافحة الإرهاب وتأمين الحدود، وضمان العودة الطوعية الآمنة للاجئين، وضمان استدامة المساعدات للمحتاجين.
بدوره، رأى الدكتور محمود علوش المحلل السياسي التركي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن "انسحاب الوفد السوري لتسجيل موقف سياسي فقط، لكن لن يكون له تأثير على عملية التفاوض مع تركيا".
وأوضح أن "الجانب السوري أراد استخدام منصة الجامعة العربية لإظهار أن العلاقات التركية العربية لا يمكن أن تعود إلى طبيعتها بدون معالجة الأزمة العالقة بين دمشق وأنقرة، وإنهاء الوجود العسكري التركي في سوريا".
لذلك، يقول علوش إنه "يمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها رسالة للدول العربية قبل أن تكون لتركيا".
تعثر ورغبة
ولا يخفي المحلل السياسي التركي أن "هناك مسار حوار ثنائي متعثر منذ فترة، وهناك جهودا لإعادة إحيائه، والمعطيات الأخيرة تشير إلى حدوث اختراق قد يؤدي إلى عودة الطرفين إلى طاولة التفاوض على مشروع التطبيع، ولا تزال أنقرة ودمشق تظهران رغبة في مواصلة هذه العملية".
وأوضح: "مجرد الدخول في مسار تفاوضي حول التطبيع كما تأمل أنقرة، سوف يشكل تطوراً مهماً في هذا المسار وسيخلق ديناميكيات جديدة في الصراع. لكنه لن يتم الوصول إلى هذه النقطة إذا لم يتفق البلدان، على فهم موحد لفكرة التطبيع؛ لأنه بدون ذلك، لا يُمكن إيجاد أرضية مشتركة لإطلاق مسار تفاوضي يُحقق تطلعات الطرفين من مشروع التطبيع".
وفي هذا الصدد، نبه إلى أنه في حال انعقاد اجتماع رباعي (بمشاركة روسيا وإيران)، فإن ذلك قد يخلق آفاقا جديدة في مشروع التطبيع التركي السوري.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أكد قبل أيام، أنه من المقرر أن تعقد روسيا وتركيا وسوريا وإيران اجتماعاً في المستقبل المنظور لبحث تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وقال لافروف: "نحن مهتمون بلا شك بتطبيع العلاقات بين شركائنا في دمشق وأنقرة".
موافقة مسبقة؟
وفي ملمح جديد، يشير الدكتور طه عودة أوغلو، المحلل السياسي التركي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن هناك ما يفيد بضرورة موافقة جميع الدول الأعضاء بالجامعة العربية على مشاركة تركيا في الاجتماع، ما يعني موافقة دمشق بشكل مسبق على مشاركة أنقرة، وهو ما يثير الدهشة بشأن الخطوة التي أقدم عليها الجانب السوري، ودليل على التناقض في موقفها.
وأضاف "مشاركة تركيا الهامة في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، تأتي بعد غياب 13 عاما عن اجتماعات جامعة الدول العربية، وكان هناك ترحيب من الجميع وخاصة كلمة وزير الخارجية هاكان فيدان".
واعتبر أوغلو أن "الخطوة التي أقدم عليها الجانب السوري، ستشكل عائقا جديدا أمام المحاولات المتعلقة بعملية التطبيع والتي تحدث بين الجانبين من حين لآخر خلال الفترة الماضية".
وتابع "هناك مد وجزر في عملية التطبيع، يبدو أن هناك جهات تضغط لإفشال هذا المسار".
فيما قال الدكتور بشير عبدالفتاح الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن انسحاب الوفد السوري يحمل إشارة للجانب التركي بأنه لم يتم الوفاء بعد بشروط دمشق للتطبيع الكامل، وهي انسحاب تركيا من الأراضي السورية.
ويوضح عبدالفتاح: "يبدو من الموقف السوري اليوم أن الأخيرة لا تريد تطبيعا مجانيا، وتسعى لإحداث حالة من التوازن"، مردفا: "رغم الانسحاب السوري من اجتماع الجامعة العربية العربي، ما زال هناك إمكانية لحوار مفتوح، لكن دون تنازل عن الشروط السورية".
ومؤخرا، عكست تصريحات تركية الاستعداد لطي صفحة الخلافات العميقة مع سوريا، واختراق الوضع الحالي لتحقيق التقارب بين أنقرة ودمشق.
وكان وزير الدفاع التركي، يشار غولر، قال في تصريحات لصحيفة "حرييت" التركية، القريبة من الحكومة، إنه "لا توجد مشكلة في العلاقات لا يمكن حلها بين تركيا وسوريا. وبعد حل المشكلات أعتقد أننا سنكون قادرين على مواصلة أنشطتنا الطبيعية كدولتين متجاورتين".
فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، إنه لا يستبعد لقاء محتملا مع الرئيس السوري بشار الأسد للمساعدة في استعادة العلاقات الثنائية.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg جزيرة ام اند امز