سوريا في الأمم المتحدة.. خطاب "مكرر" لتبرئة الأسد
وزير خارجية سوريا الذي يتولى سنويا مهمة إلقاء كلمة سوريا في الأمم المتحدة، يعيد كل عام تكرار نفس الكلام الذي قاله العام الذي سبقه
وكأن الأحداث والتفاصيل التي تشهدها الساحة السورية يومياً ليست كافية لتغير ولو قليلاً من أسلوب خطابات وليد المعلم، وزير خارجية سوريا، التي يبدو أنها مثل رئيسه بشار الأسد منفصلة عن الواقع.
فمنذ أن بدأت الأزمة السورية التي دخلت عامها السابع يشعر المتابع لوكالة الأنباء السورية الرسمية أنها لا تخص تلك البلد التي أصبحت أحداثها محوراً رئيسياً للأخبار في الوكالات الدولية وشبكات التليفزيون العالمية، فرئيسها يصدر مرسوماً بموعد الانتخابات التشريعية وقراراً بتعديل مكافآت الطلاب ويحضر أحياناً بعض الحفلات، وكأنه يعيش في بلد طبيعي.
ويبدو أن هذا الأسلوب انتقل أيضاً إلى وزير خارجيته، الذي يتولى سنويا منذ أن بدأت الأزمة السورية مهمة إلقاء كلمة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر من كل عام، فيعيد كل عام تكرار نفس الكلام الذي قاله العام الذي سبقه.
ويعد اتهام إسرائيل هو المحور الرئيس في خطابات المعلم بالأمم المتحدة، وهو نفس الأمر الذي يعتمده الأسد في خطاباته حتى قبل بداية الأزمة.
وروج نظام الأسد لنفسه على أنه يمثل أحد الأضلاع المهمة فيما يعرف بـ"محور الممانعة" في الشرق الأوسط، وهي الدول التي تعارض السياسات الإسرائيلية والأمريكية، ولكن مع بداية الأزمة السورية كشف عن زيف هذا الادعاء.
فالأسد الذي تاجر كثيراً بذلك، هو نفسه الذي أصدر الأوامر لطيرانه الحربي بضرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، في وقت لم يجرؤ على توجيه ولو طلقة واحدة للمحتل الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية.
وليس ذلك فحسب، فالمعارضة السورية وثقت استخدام جيش الأسد ذخيرة إسرائيلية الصنع، ونشرت مقاطع فيديو لفوارغ الطلقات الإسرائيلية.
ورغم ما سبق لا يزال نظام الأسد مصراً على المتاجرة بعدائه لإسرائيل، وعاد المعلم ليعزف نفس النغمة التي تحمل إسرائيل مسؤولية ما يحدث في سوريا، فقال اليوم السبت في الخطاب الذي ألقاه بالأمم المتحدة، إن الأيادي الإسرائيلية واضحة في الأزمة السورية منذ أيامها الأولى، وقدمت مختلف أشكال الدعم من مال وعتاد لمن أسماها بـ"العصابات الإرهابية".
وكما حمّل إسرائيل مسؤولية تقديم الدعم للعصابات الإرهابية، استمر أيضاً في نفس أسلوب خطابه القديم، فحمّل أمريكا مسؤولية الترويج لاستخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية لتحقيق أهداف غير مشروعة، رافضاً الاعتراف بالمشاهد التي نقلتها وكالات الأنباء للأطفال الذين لقوا حتفهم جراء استخدام جيش النظام السوري للسلاح الكيماوي.
ورافضاً أيضاً الاعتراف بتقارير الأمم المتحدة التي أثبتت استخدام السلاح الكيماوي، والتي قالت عنها رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، في كلمتها، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنها " أكدت ما نعرفه جميعاً من أن نظام الأسد استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه، ونحن نتحمل مسؤولية محاسبته".
وبدا المعلم كما هي عادته في خطاباته السابقة واثقاً من تحقيق حكومة النظام النصر في النهاية، مؤكداً أن هذا الأمر بات قريباً من أي وقت مضى، لكنه في نفس الوقت أكد أنهم ماضون في الحلول السياسية.
وقدم تصوراً مرتبكاً للحلول السياسية، ففي الوقت الذي تحدث فيه عن المصالحات الوطنية كحل مهم في هذا الإطار، قال أيضاً إنهم ملتزمون بمسار مؤتمر جنيف.
وكان الأسد في وقت سابق قد تحدث عن المصالحات باعتبارها الحل الوحيد، مؤكداً أن "جنيف" ما هو إلا لقاء إعلامي، فما هو الجديد الذي وجده المعلم هذه المرة في "جنيف"؟
أغلب الظن أن جنيف لا يزال هو المسار المفضل لنظام الأسد وإن حاول ادعاء العكس، ذلك لأن الصياغة المطاطية لبنود مؤتمر جنيف الأول لا تزال تعطي نظام الأسد سبباً للحياة إلى الآن، فقد تحدثت بنوده على انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، ولم تحدد ما هو مصير الأسد، هل سيكون له دور في تلك الهيئة أم لا؟