الكيماوي السوري.. "العين الحمراء" ترهب الأسد
تقول القاعدة التربوية إن "مَن أمِنَ العقاب أساءَ الأدب"، وهو ما ينطبق على قضية استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للسلاح الكيماوي
تقول القاعدة التربوية إن "مَن أمِنَ العقابَ أساء الأدب"، وهو ما ينطبق على قضية استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للسلاح الكيماوي.
- بالصور.. جريمة "الكيماوي" تطارد أسماء الأسد في مدينتها الافتراضية
- شهادة مروعة للواء سوري بشأن مخزون الأسد الكيماوي
منذ بدايات الأزمة السورية قبل نحو ست سنوات، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينها نظام بشار الأسد من شن هجمات كيماوية، واصفا اللجوء لهذا السلاح بـ"الخط الأحمر" الذي لن تسمح أمريكا بتجاوزه.
لم يأخذ الأسد حينها تهديد أوباما على محمل الجد، وأقدم في 21 أغسطس / آب 2013 على هجوم كيميائي بغاز الأعصاب على الغوطة في شرق دمشق، ليلقى المئات من سكان المنطقة حتفهم.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود حينها، أن 355 قد قتلوا نتيجة تسمم عصبي من بين حوالي 3600 حالة تم نقلها إلى المستشفيات، بينما قالت المعارضة إن عدد القتلى ارتفع إلى 1466، وذكر تقرير للمخابرات الأمريكية أن 1429 شخصا قد قتلوا.
انتظر العالم ردة فعل قوية من أوباما بعد أن تجاوز الأسد الخط الأحمر، وبعدما بدا أن الولايات المتحدة تحضّر لضربات جوية وشيكة ضد الحكومة السورية، وافقت واشنطن بدلا من ذلك في آخر لحظة على صفقة بوساطة موسكو لإرسال أسلحة سوريا الكيماوية إلى روسيا.
ويرى محللون سياسيون أن هذا التعامل الأمريكي مع الأزمة شجع روسيا على إطلاق حملتها الجوية العسكرية في سوريا، ما أنقذ نظام الأسد وتسبب بمقتل مدنيين، وشجع موسكو على تصعيد المواجهة مع واشنطن.
لم يتوقع المهتمون بالشأن السوري، أن يختلف أداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سلفه أوباما، بل أعطت تصريحاته أثناء حملته الانتخابية انطباعا بأنه ربما يكون أكثر تسامحا مع الأسد، لا سيما أنه وصفه في تلك الفترة، بـ"الشريك في حرب الإرهاب"، بل قال ما هو أكثر من ذلك، حين اعتبر أن الحديث عن إزاحة بشار الأسد عن السلطة في الوقت الحالي هو "ضرب من الجنون".
فهمت هذه التصريحات حينها، أنها تأتي في إطار التماهي الواضح في العلاقة بين المرشح الجمهوري وروسيا حليفة الأسد، والذي بدا أنها تفضل وصول ترامب للحكم، وليس منافسته هيلاري كلينتون.
ومع وصول ترامب للسلطة وإثارة قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب، توترت العلاقة بين روسيا وأمريكا، لتوصف بأنها "عند أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة"، بحسب تصريح لسيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي في 28 فبراير 2017.
- "هيومن رايتس": أدلة جديدة على استخدام الأسد الكيماوي بخان شيخون
- لهذه الأسباب استخدم الأسد الكيماوي في "خان شيخون"
كان السؤال المثار حينها هو مدى انعكاس هذا التوتر في العلاقة على الأزمة السورية، واحتمالات حدوث تغيير في اتجاهات ترامب التي كشفت عنها تصريحاته خلال حملته الانتخابية، وكان لا بد من حدث جلل يختبر نوايا ترامب.
بعد ما يقرب من شهر على تصريح ريابكوف وقع هذا الحدث، وأقدم الأسد في 4 إبريل/ نيسان 2017 على تنفيذ هجوم كيميائي على مدينة خان شيخون قرب إدلب، التي تسيطر عليه المعارضة السورية، مما أدى إلى وقوع 100 قتيل كلهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب.
لم يتأخر الرد الأمريكي كثيرا، وبدا أن الرئيس ترامب يريد أن يرسم لنفسه سياسة مغايرة عن أوباما، فأمر البحرية الأمريكية في 7 إبريل / نيسان 2017، أي بعد ثلاثة أيام من تنفيذ الهجوم الكيماوي، بتوجيه صواريخ توماهوك على قاعدة الشعيرات العسكرية قرب حمص التي انطلق منها الهجوم على مدينة خان شيخون.
ورغم حديث الولايات المتحدة الأمريكية حينها عن نجاح الضربات في إحداث دمار كبير بالقاعدة العسكرية، إلا أن النظام السوري قلل حينها من تأثير تلك الضربات، ونشر صورا بعد ساعات من تنفيذها لإقلاع الطائرات الحربية من القاعدة.
وقال محللون حينها، إن ترامب ربما أراد فقط بهذه الضربات "غير المؤثرة" أن يُظهر العين الحمراء للأسد والحليف الروسي، ويرسل له برسالة مؤداها أن ردود فعله ستكون مختلفة عن سلفه أوباما.
فهل أنقذت هذه السياسة سوريا من هجوم كيميائي آخر كان يخطط له الأسد؟
التصريح الذي أطلقه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أمس الأربعاء 28 يونيو / حزيران 2017، يعطي انطباعا بذلك، حيث قال إن الأسد أخذ تحذيرات واشنطن بخصوص عدم استخدام السلاح الكيماوي على محمل الجد.
وكان البيت الأبيض قد أصدر بيانا الثلاثاء 27 يونيو/ حزيران 2017، حذر فيه من أنه سيرد على ما وصفه بـ "استعدادات" رصدها لقوات النظام لشن هجوم كيماوي جديد.
وبالرغم من تأكيد ماتيس على استجابة الأسد للتحذير، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد عليه في نفس اليوم، عندما سأله صحفي قبل بدء اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، حول إذا ما كان يعتقد أن "الرئيس الأسد قد سمع تحذير الرئيس ترامب عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية السورية"، فأجاب: " أعتقد أن التحذير كان جدياً. وأعتقد أنه يجب الاستماع للتحذيرات الجدية".
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA=
جزيرة ام اند امز